“الجنوبيين” في الجيش السوداني والدعم السريع .. “من ياتوا ناحية مرتزقة؟- {1}

90

مثيانق شريلو يكتب:

“الجنوبيين” في الجيش السوداني والدعم السريع  .. “من ياتوا ناحية مرتزقة؟- {1}

في كل هزيمة للجيش السوداني لا يتحدث المدافعون عن هذا الجيش الا عن مرتزقة من جنوب السودان، كانوا جزءاً من هذه الاشتباكات التي ادت الى انسحاب الجيش السوداني او فقدانه السيطرة على منطقة أو رئاسة فرقة كما حدث في “سنجة”، وكلما اجتهد هذا الجيش في استعادة منطقة أو التقدم في اي محور، لا يتحدث هؤلاء عن الجنوبيين “المرتزقة” الذين انخرطوا في الجيش السوداني منذ الشهر الأول للحرب في الخرطوم .

ومنذ الشهر الثاني وحتى الآن، لا تزال قنوات التواصل رغم صعوبتها متاحة بين الحين إلى الآخر مع بعض من معارفي، من حاملي السلاح لصالح الجيش السوداني، وهم نحو 12 شخصاً تمتد صلات القربى بيننا ، ارسل أحدهم فيديو وصور لبعضهم مرتدين” كاكي الجيش السوداني “، بينما أحدهم لا نحسب أن كان قد قتل ام لا يزال يكافح دفاعاً عن الجيش السوداني منذ أن سقطت مدينة ” الفولة “، ولست وحدي هنالك الكثيرون يعلمون أن معارفهم أو أفراد من أسرهم منخرطين في الدفاع عن هذا الجيش، ربما كان بعضهم ” جياشة ” عاودهم الحنين إلى الماضي وآخرين قدمت لهم بكل تأكيد اغراءات لا تختلف تماما عن المقدم للذين انخرطوا في الدعم السريع، بينما في جوبا وحدها كانت ولا تزال سرادق العزاء تحتل بعض الأزقة برائحة الحزن لشباب فقدوا أرواحهم وهم ضمن صفوف الجيش السوداني والكل يعلم بذلك ، وما اشرته هنا جزء من قصص عديدة للعشرات من الأسر في جنوب السودان لن تسرد تفاصيلها الا في حينها .

من ياتوا ناحية مرتزقة؟

ومنذ أكثر من ثلاثة أشهر وحتى ، لا يمر يوم دون أن أجد منشور أو فيديو متداول، أو خبر في الصحف والمواقع السودانية الإلكترونية، يتناول هجمة شرسة ضد ” الجنوبيين ” لكونهم ” مرتزقة “، يقاتلون مع الدعم السريع ضد الجيش السوداني، تتسرب هذه الاخبار الموجهة لتغطية هزائم الجيش السوداني والتأكيد على أن هذا الجيش لا يقود هذه المعركة وحده وإنما احتشدت فرق مرتزقة من عدة دول ضده، وبالفعل نجح من يقفون وراء هذا الأمر في جعل أغلبية من الشعب السوداني، لا ترى في الجنوبيين سواء مرتزقة، فتعالت الأصوات الرسمية والشعبية ضد كل ما هو جنوبي في السودان ” المريض ” وفي الخرطوم ” العيان ” ، ووجهت لجنة أمن محلية كوستي بكنس كل الجنوبيين في هذه المدينة التي يمتهن جزء كبير من ابنائها مهنة ” التجارة ” في جنوب السودان قبل سنوات من توقيع اتفاق نيفاشا، وبعد أكثر من عقد على استقلال جنوب السودان.

من ياتوا ناحية مرتزقة؟

صحيح ان بعض الجنوبيين انخرطوا في الدعم السريع لأسباب لا تختلف كليا عن الحقيقة الأخرى المتعلقة بانخراط بعضهم أيضا في صف الجيش السوداني ك” مرتزقة ” ، وفي هذا حلال للجيش السوداني وحرام ” الأرتزاق ” لصالح الدعم السريع.

في كل هذا لا يتحدث هؤلاء عن استعانة الجيش السوداني بهؤلاء الجنوبيين بعد الشهر الثاني من اندلاع الحرب في الخرطوم وامتدادها لبقية المدن، ويبدو في هذا أن البعض نسى التمجيد العظيم على صفحات سودانية لمقاتلين من ” جنوب السودان ” في الشهر الرابع أو الخامس تقريبا من الحرب عندما هزموا الدعم السريع نواحي كافوري ” أن لم تخني الذاكرة ” ، وهكذا حال هؤلاء عندما يهزمهم الدعم السريع تتعالى اصواتهم ضد الجنوبيين لكونهم مرتزقة، وعندما يحدث العكس يصبحون ” اوفياء ” للسودان ويحتل القائمة هنا القائد بحركة العدل والمساواة ” أبراهيم الماظ دينق ” والجنرال في الجيش السوداني ” توماس طيل بقواته الكبيرة ، والجنرال توبي مادوت، والقائمة طويلة بقادة آخرون يعارضون الحكومة في جوبا عسكريا .

من ياتوا ناحية مرتزقة؟

بكل تأكيد اجهزة الاستخبارات السودانية فرضت على هؤلاء الصمت حيال هذه الحقيقة المطلقة، لأن بعض من هؤلاء الجنوبيين المنخرطين في معركة الجيش السوداني ” ناس معرفة ” جزء منهم من منطقتي والبعض تجمعنا معهم علاقة قرابة ونسابة، ومنتشرين في الصفوف الامامية في بعض من ضواحي أمدرمان التي هجرها سكانها وشبابها، ومنذ أن تقدم الجيش السوداني نحو هذه المناطق استعانوا بهم ليشكلوا الصفوف الامامية مع تقديم امتيازات عديدة لهم .

*تعلم الحكومة في جوبا إن بعض من مواطنيها يقاتلون مع الجيش السوداني ضد الدعم السريع، وتعلم الحكومة في بورتسودان هذه الحقيقة ولديها سجل بهؤلاء الجنوبيين والحديث عن ارتزاقهم للجيش السوداني ضمن الخطوط الحمراء يعد ملف لا يمكن الحديث عنه ، ولاحقا عقب نهاية هذه الحرب سيصبح ملف مفتوح للجميع .

*دفعت كل هذه المعطيات إلى خلق خطاب كراهية واسع ضد الجنوبيين لدرجة ان توصيات الاجتماعات الرسمية في أغلب المحليات لا تتحدث عن ترحيلهم وإنما ” كنسهم ” من تلك المناطق في كل هزيمة للجيش السوداني في اي بقعة بعيدة كانت أو قريبة .

ولسة بنسأل من ياتوا ناحية مرتزقة “؟

أوقفوا الحرب في السودان

يتبع..

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *