علي سانتينو يكتب: الموز في الأوبرا .!!

312

علي سانتينو يكتب: الموز في الأوبرا .!!

ما حدث في القاهرة ليس مؤتمرا بقدر ماهو سانحة لتوثيق ذكرياته (الموز).. فالمراقب لهذا المسرح لن يشاهد سوى شكلاً من أشكال الدراما والعَبث بمشاعر الملهوفين لتحقيق السلام في السودان، ويكاد هناك إجماعاً بين السودانيين بوصف مؤتمر القوى المدنية السودانية بأنه تظاهرة سياسية لصالح الحكومة المصرية، ولا يضيف شيئاً لمطلوبات بناء دولة سودانية جديدة يقاتل لاجلها شباب الدعم السريع بالمُهج والأرواح. ان الاجتماع المزعوم يخدم بصورة وأخرى أجندة مصر، لذلك حشدت المخابرات المصرية مؤيدون لها بغرض دعم وجودها ضمن آليات الحل السوداني. تبلورت اجتماع القوى السياسية والمدنية بعد فشل الخطه المصرية في دعم جيش الفلول وتمكينة من الأنفراد بالسلطة في الخرطوم، تحاول القاهرة هذا الأيام اتخاذ منعطفاً جديدا يجعلها وسيطاً بين طرفي الصراع، وإدخال قدميها تحت الطاولة او خلق مكانه لها ضمن الايغاد او منبر جدة الذي ترعاه الولايات المتحده والسعودية، قد يستغرب المراقب كيف حشرت القاهرة نفسها كوسيط موضوعي لحل الأزمة السودانية، وهي المتهم بدعم طرف من أطراف الحرب، ولا أظن ان مصر ظلت محايدة بدرجة تأهلها لدور المُسهل ناهيك عن وسيط، ولا يفهم كيف تداري حكومة القاهرة سوءتها أمام العالم الذي شاهد منظر الجنود المصريين الذين أسرتهم قوات الدعم السريع من أرض المعركة في مروي،كان من الأجدى للإدارة المصرية قبيل التفكير في صناعة منبر إضافي لحوار الموز تبرير دعمها لكتائب الإسلاميين التي اضرمت نيران الحرب في السودان، فعلى الحكومة المصرية التي تريد لعب دور المُسهل في (جدة).. ان تفند دور قواتها المتواجدة أثناء الحرب بالسودان، او دحض التهم والمزاعم الموجهة إليها بالمؤامرة في تدمير المصانع والمؤسسات الإنتاجية السودانية.؟ كما يجب على المخابرات المصرية التي هيئة المناخ لهذا الحدث تجاوز استراتيجية الحفاظ على الأمن القومي المصري لصالح السلام المستدام في السودان، حيث يبقى الدرس المستفاد من بيان إجتماع القاهرة التأكيد على أن الحرب الحالية مؤشراً حيوياً للتفكير في إعادة التأسيس الشامل للدولة السودانية على قواعد جديدة. ولن يغير واقع إجتماع القاهرة شيئاً في أولويات المشهد السوداني الذي شكلته الحرب بقوة البارود لا بحوار الموز، وعلى الرغم من موضوعية البيان الختامي ورغبة المستجيبون للدعوة المصرية، فإن مخرجات الإجتماع في مصر تمثل طموحات نظام السيسي وليس إرادة السودانيون الذين شوتهم نيران الحرب ومزقت اوصالهم الإجتماعية والثقافية، ولا تحتاج فكرة الخروج من هذا المأذق إلى عملية طق حنك بحدائق الأوبرا او صياغة بيان مضلل للرأى العام، بقدر ما تحتاج إلى حلول مباشرة تخاطب قضايا الحرب وجعل السلام ممكناً. ولا يعني توقيع مبارك الفاضل على البيان الختامي او رفض مناوي نجاح التظاهرة التي نظمتها الحكومة المصرية بقدر ما هو تباين تكتيكي في المواقف، لا فارقاً بين الإثنين من حيث الانتهازية والتسلط، فكلاهما موظفين للمخابرات المصرية. فمحاولة مصر لخلق فرصا جديدة للحل الشامل عبر آليات وطنية مستقلة بعيده عن التأثيرات الدولية الداعمة للحرب، فالوقت لا يسمح بتاتاً بتهوين القضية السودانية وجعلها قضية نخبة لا تجيد سوى التفكير داخل الصندوق والحافظ على امتيازاتها الفردية والايدولوجية.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *