“البرهان” .. بين مطرقة “البدروم” وسندان خسارة “استثماراته” في دبي.

67

“البرهان” .. بين مطرقة “البدروم” وسندان خسارة “استثماراته” في دبي.

أحمد ضحية..

°بعد مفاصلة 1999 أُصيبت الحركة الاسلاموية بالضعف والوهن، وأصبحت تحت رّحمة صراعات مراكز القوى القبلية والأجهزة السرية العابرة للفصيلين المنقسمين (الوطني والشعبي).

°وعند اندلاع ثورّة ديسمبر المجيدة في 2018 اتضح جلياً أن “نسبة 99% من الشعب كيزان”، التي كان يتبجح بها الكوز حسين خوجلي وإخوته في الله على الملأ، ما هي إلا أكبر أكاذيب الكيزان. فأبناء وبنات الـ 99% المزعومين هؤلاء، هم في الحقيقة من عبأوا الشوارع بالمظاهرات والهتاف! وركعوا الأجهزة الأمنية، واسقطوا الجنرال البشير وزعيم مخابراته قوش، و كنسوا ابنعوف، و جعلوا البرهان يجثو على ركبتيه مستجدياً وُد “السانات الواقفين قنا”.

°مثلّت ثورّة ديسمبر صدمة كبيرة، فشل الكيزان في استيعابها وهضمها وتجاوزها، والتكيف مع الواقع الجديد الذي سعت الحكومة الانتقالية لتأسيسه، باتجاه إرساء القانون والعدالة، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس مدني ديمقراطي. وبالتالي تفكيك مفاصل دولة التمكين الرّاسخة، ما يترتب عليه فقدان الحركة الإسلاموية لامتيازاتها غير المشروعة في السلطة والثروة!

°اكتشاف الإسلامويين لحقيقة أنهم سيفقدون نفوذهم وثرواتهم، التي حصلوا عليها بطرق غير مشروعة، وفي الوقت ذاته اكتشافهم أن تنظيمهم لا يمتلك الحجم المزعوم من العضوية الذي كان يدعيه، ولا يملك حجم التأييد الجماهيري الذي كان يظنه، فضلاً عن احتمالات تعرض بعضهم لمحاكمات قاسية.. شكَّل كل ذلك دافعاً قوياً لصقورهم، بالتفكير في ضرورة الانقلاب على حكومة الثورة لحماية انفسهم وحماية الأموال التي نهبوها، بقطع الطريق على تفكيك مفاصل التمكين!

ومن الجهة الأخرى تجديد دماء التنظيم وإعادة بنائه ورفده بالكوادر، وحشد التأييد الجماهيري له!.. ولكن كيف يمكنهم تحقيق هذه الأهداف، وقد بات حتى (طوب الارض) يكرههم ويكن لهم العداء، بسبب ما اقترفته أيديهم من جرائم وارتكبوا من مفاسد؟!

°ولذلك خططوا ونفذوا بمساعدة حلفائهم الانتهازيين انقلاب 25 أكتوبر 2021. ومرةً أخرى خيب الـ 99% ظنونهم. فتم حصار انقلابهم داخلياً وإقليمياً ودولياً، ففشل فشلاً ذريعا مخيباً آمالهم، وفشلت كل محاولات معالجته وترقيعه، كيما تتمكن الحركة الاسلاموية من العودة علناً بوجهها العاري إلى السلطة، وهكذا استمرت تختبئ خلف أعضائها من جنرالات الجيش!

°وعندما تمكنت منهم العنجهية والعزة بالإثم، خططوا لإشعال حرب يحققون من خلالها أهدافهم، وباللعب بآخر كروتهم.. بتقديم صديقهم القديم اللدود ‘قوات الدعم السريع’ كبش فداء لجرائمهم التي زجت بقادتهم، في قوائم المطلوبين للمحكمة الدولية لجرائم الحرب. والوصول على أشلاء مقاتلي الدعم السريع وجماجم غمار الناس، إلى الحكم علناً مرةً أخرى، دون حاجة للتستر خلف الجيش!

°ولـ إقناع قادة الانقلاب الفاشل بخوض هذه الحرب ضد قوات الدعم السريع، باعتبار أن ذلك؛ إلى جانب أنه يخدم جند التخلص من منافس قوي وصندوق أسود من جهة، فهو أيضاً يخدم جند كسب تأييد الجماهير الناقمة على الدعم السريع، وعلى تعدد الجيوش من جهة أخرى. وهكذا خدعوا قادة الانقلاب الفاشل بتأكيدهم أن لديهم من العضوية المقاتلة، في حال وقوع الحرب أكثر من 500 ألف مجاهد حسب روايات متواضعة!!

°و بامتصاص الدعم السريع للضربات الأولى في الأسبوع الأول من الحرب، واكتشاف قادة الانقلاب الفاشل لحقيقة أن الحركة الاسلاموية لا تملك من المجاهدين العدد الذي ادعته، وأن الطيران الحربي الذي يسيطر عليه أعضاء التنظيم البررة، فشل في القضاء على قوات الدعم السريع. ارتبكت الخطط والخطوط الاعلامية والدعائية، وخابت الرهانات! فأصبح تنظيم الحركة الاسلاموية في مهب ريح صرصر، تعجز المعجزات نفسها، عن انقاذه من هذا المأزق الوجودي، الأشد من المأزق الذي استشعره قادة الإسلامويين تحت وطأة إجراءات لجنة تفكيك التمكين ضدهم، إبان الفترة الانتقالية المنقلب عليها!

°وقد تعمق مأزقهم الوجودي أكثر، بسبب موقف الحياد المناهض للحرب منذ لحظة اندلاعها، والذي كانت قد اتخذته “قوى الحرية والتغيير المركزي” حاضنة الحكومة الانتقالية المنقلب عليها، فقد ترتب على موقف الحياد انقساماً حاداً في أوساط الشعب، في الموقف من هذه الحرب الكارثية، التي كان واضحاً أنها حرب الوجود بالنسبة للحركة الإسلاموية كتنظيم سياسي؛ وليست حرب السودان كوطن وشعب.

بالتالي خسر الإسلامويين الرهان، في أن تجد حربهم دعماً وتأييداً شعبياً كاسحاً، رغم أنف ما أطلقوه من أكاذيب وأخبار ملفقة عن انتصارات وهمية في سير العمليات، و السيل الإعلامي والدعائي الجارف الذي قوامه الشائعات والأكاذيب، الذي أراد تسويق حربهم الخاصة، كحرب وطنية ضد غزاة أجانب، مدعومين بثماني عشر دولة في الإقليم والعالم!

 

°لقد خسرت الحركة الاسلاموية بمغامرتها الكارثية هذه كل شئ، والبرهان الآن في خاتمة المطاف يترقب مذعوراً خاتمة حزبه، بين مطرقة الاستمرار في حرب خسرها سلفاً منذ الأسابيع الأولى، عندما تم حبسه كجرذ في البدروم، وسندان ما تم نهبه وتهريبه إلى دبي وغيرها، من ذهب وموارد السودان، لاستثماره في بناء إمبراطوريته وامبراطوريات شركائه وزملائه من الجنرالات والسياسيين والإعلاميين ورجال الدين والقبائل الفاسدين!

°أن تعدد الإرادات المتصارعة الآن في معسكر البرهان، كما يكشف عنها الإعلام المرتبك وتكشف عنها الشائعات، يجعل مهمة وقف الحرب أمراً عسيراً! فالبرهان وشرذمة الجنرالات حوله، لا شك أنهم يجدون صعوبة بالغة في عقد أي اتفاق يوقف الحرب، بمعزل عن إرادة “الكتائب الداعشية للإسلامويين” الذين قاتلوا جنباً إلى جنب عسكر البرهان قتالاً ضارياً؛ خسروا فيه الكثير مما لا يمكن تعويضه!

كذلك الشركاء الآخرين كحركات عقار ومناوي وجبريل وغيرهم، الذين باتوا يستشعرون أن أحلامهم في وراثة المؤتمر الوطني ومليشياته، أصبحت في مهب الريح.

إلى جانب التناقضات القبلية في شرق السودان.. والأخيرة هذه؛ ظلت استخبارات البرهان والاسلامويين، تسعى لتطبيق السيناريو التاريخي نفسه؛ في اللعب بالتناقضات القبلية. الذي كانت قد جربته مراراً طيلة سنوات الحرب في جنوب السودان، ما انتهى به في خاتمة المطاف، إلى الانفصال، وصولاً إلى الجنينة في غرب دارفور، والآن البجا، لضرب المكونات القبيلة ببعضها لاضعافها، للسيطرة التامة على الشرق!

لكن هذا السيناريو المجرب في حالة الحرب الراهنة، مثلما فشل في منع غرب دارفور من السقوط، وحماية شمال كردفان وشمال دارفور وسنار والنيل الازرق من الحصار، لن يمنع بورتسودان من الحصار والخنق والسقوط!

 

°زبدة القول أن الإعلام المضلل لا يصنع انتصارات عسكرية ميدانية على الأرض. فالانتصارات يحققها الرجال الشجعان، الذين يساوي الواحد منهم غالبية. كل القادة العسكريين الذين حققوا انتصارات عسكرية عبر التاريخ، حتى لو لم ينجحوا في تحقيق أهدافهم النهائية، وبصرف النظر عن تقييمنا لطبيعة وأجندات وآثار انتصاراتهم، إلا أن التاريخ فشل في تجاهل عظمتهم، والفرق الذي أحدثوه في مسار التاريخ نفسه!

 

°مشكلتنا في السودان أن مؤسسته العسكرية مثل نخبه الفاشلة.. فمثلما أُبتليت بقادة أقزام أوهمهم الإعلام الزائف أنهم كهنة كبار يتمنطقون أسلحة الحفر بالإبر الاستراتيجية، التي تحقق لهم انتصارات مذهلة؛ لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة. فقد ابتلي السودان أيضا بأشباه اعلاميين ولايفاتية وكتبة بوستات أقزام تافهين، لا يتورعون عن ضخ سموم القبلية وتوسيع نطاقات الفتنة وتضليل الشعب وتعبئته عنصرياً!.

يتجاهل هؤلاء الإعلاميون المزعومون أن تحري الموضوعية والصدق والحقيقة، إنما يصنع منهم قبل كل شئ نساءاً ورجالاً محترمين، وأن لعب دور حاشية السلطان بضرب الرمل والتنجيم مقابل الظروف الحالية وتحويلات بنكك، لن يكون بديلاً للحقيقة المجردة. وأن الأكاذيب والتضليل، أشبه بغبار سرعان ما تذروه رياح الحقيقة..

ولذلك مهما تعالت الاصوات التي تنفخ في كير الحرب، تظل الحقيقة الساطعة التي ليست بحاجة لبيان، أن توحيد إرادة السلام في الرأي العام، وتفاوض مائة سنة.. أفضل من حرب يوم واحد ملايين المرات!

#لازم_تقيف

#درب_جدة_للحول_قريب

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *