في ظل انهيار الجنيه السوداني .. “كبار العملاء يقومون بسحب ارصدتهم”.
بلو نيوز الإخبارية: بورتسودان-
توقع خبراء اقتصاديين وتجار انهيار كامل للوضع الاقتصادي بسبب انهيار القوة الشرائية للعملة الوطنية امام العملات الأجنبية، وانعدام مصادر الدخل والارتفاع القياسي لأسعار السلع الأساسية وانسداد الأفق مع استمرار الحرب.
ونفى مدير عام أحد البنوك السودانية – فضل حجب هويته- عن عدم صحة ما يشاع عن وصول ودائع من دولة خليجية للبنك المركزي السوداني، مشيراً إلى دول العالم والبيوتات الاقتصادية تنظر إلى السودان حاليا بأنه بلا حكومة شرعية، وتحيط بها مخاطر الحروب والنزاعات وانعدام الامن والسلام، ولذلك لا يوجد أحد يخاطر في ظل الواقع الحالي بضخ استثمارات أو منح ودائع، بل يسعى بعضهم إلى التخارج من القنوات الاستثمارية التي يتواجدون بها قبل الحرب.
فيما أكد مصدر مصرفي رفيع ببك «الخرطوم» أن الوضع الاقتصادي فعلياً متدحرج بسرعة جنونية للانهيار حيث ان الانهيار المتسارع للجنيه دفع «كبار العملاء بالبنك» إلى سحب ارصدتهم من البنك، فيما باشر كبار المستثمرين وبعض منسوبي النظام البائد وكبار الضباط بالجيش والشرطة لسحب ارصدتهم وودائعهم من البنك في مسعى لتبديلها بعملات أجنبية – لجهة «تآكل العملة الوطنية وفقدانها لقيمتها بشكل رهيب»، مضيفاً «كل هذه العوامل تسبب في هجمة شرسة على الدولار والعملات الأخرى مما أدي إلى ارتفاع قياسي في قيمها امام الجنيه».
وأضاف، هذا الواقع القاتم بالإضافة إلى طباعة العملة والتمويل بالعجز لواردات الحكومة الحربية ضغط على الجنيه السوداني وهو ما أحدث انهيار تاريخي له إذ وصل تداول الدولار الواحد حوالي 2810 جنيها خلال عمليات تداول يومي الخميس والجمعة الماضيين قياسا بنحو 2250 في نهاية الأسبوع السابق.
وقال الخبير الاقتصادي مصطفي التاج، أن كبار عملاء البنوك اتجهوا لسحب ارصدتهم والاستثمار في قنوات استثمارية أقل حفظا للمال وبعضهم يحاول جاهدا نقل استثماراته لخارج البلاد بسبب الحرب الحالية وغياب الأفق وإصرار دعاة الحرب على الاستمرار وعلى رأسهم قيادة الجيش.
وفي السياق ذاته ونتيجة لانهيار أسعار الجنية السوداني، شهدت أسواق ولايات بورتسودان وكسلا والشمالية ونهر النيل انفجارا كبيرا في الأسعار وندرة في العديد من السلع الغذائية الرئيسية، مثل البقوليات والقمح والسكر والزيوت التي ارتفعت بنسب تأرجحت بين 150٪ و500٪ مما أدى لضعف القدرة الشرائية للمواطنين الذين يعانون أصلا من توقف بعض مصادر الدخل وضعفها.
كما برزت مشكلة جديدة تتمثل في عدم وجود سيولة نقدية كافية للتداول من العملة الوطنية، أي أزمة في توافر الجنيه السوداني بعدما عجزت البنوك عن توفير سحوبات نقدية للمواطنين، ما أدى إلى انتشار تجارة العملة المحلية في السوق السوداء في ظل تراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار بنسبة تفوق 700٪ منذ اشتعال الحرب، ليصل إلى أكثر من 2810 جنيهاً، مع استمرار ارتفاع الأسعار وفوضى الأسواق.
في وقت أكد فيه الخبير الاقتصادي مصطفي نورين إن قرارات البنك المركزي لم توفر الاستقرار المطلوب للعملة بل فشلت عمليا في وقت تدهور الجنيه، مضيفاً «رغم أن هدفها إيقاف التدهور في القوة الشرائية واستقرار أسعار السلع والخدمات، إلا أنه في ظل غياب سياسات فاعلة بجانب انتشار الفوضى من وزير المالية جبريل إبراهيم الذي يطبع العملة على هواه ويتحكم في مصادر دخل وزارة المالية دون رقيب، فضلا عن هيمنة السوق الموازية على النقد الأجنبي، لن تجد تلك القرارات أرضية إيجابية لمصلحة المواطن، بل انقلبت في أحيان كثيرة ضد المواطن والقطاع المصرفي نفسه.
وقد أصبح البنك المركزي بعد الحرب هو الممول الرئيس للخزينة العامة التي فقدت أكثر من 90٪ من إيراداتها، ما أضعف قدرته على التحكم في السوق، واعتبر أن الدليل على ذلك طباعة العملة وبالنتيجة هو تدهور قوتها الشرائية وانتشار فوضى الأسعار وما يحدث الآن من تجارة في العملة المحلية والأجنبية من دون تدخل رقابي.
وأكد أن الوضع النقدي لن يتحسن فيما الحرب مستمرة والقاعدة الإنتاجية مدمرة، كما يحدث الآن في ما تبقى من النشاط الزراعي، وسط خروج السودان كليا من منظومة الإنتاج الزراعي والصناعي، بالتزامن مع ضعف المعونات والمساعدات الدولية وهروب رؤوس الأموال والقوة العاملة، واتساع نطاق تهريب ما تبقى من سلع إلى الخارج، فهذا هو الانهيار بعينه.. مضيفاً «الأسوأ ان حكومة الأمر واقع كأنها عايشه في جذر معزولة وتنساق وراء دعوات مؤججي الحرب بدلاً عن الاستجابة لدعوات وقفها».