عبد الرحمن الكلس يكتب: عبد الله علي إبراهيم .. “مثقف” المصادرة.!!
عبد الرحمن الكلس يكتب: عبد الله علي إبراهيم .. “مثقف” المصادرة.!!
منذ نحو عقد ونصف آليت على نفسي مراقبة ورصد كتابات وخطابات وتصرفات وسلوكيات من درجنا على تسميتهم بالمثقفين السودانيين، أو من أوهمونا بأنهم كذلك، فصدقناهم وكدنا أن نصلي عليهم (استغفر الله العظيم).
وعلى رأس هؤلاء، أستاذ التاريخ، عبد الله علي إبراهيم، الذي أقام الأسافير ولم يقعدها، بعد أن أيّد وحرض حكومة (بورتكيزان)، على امتناعها تجديد جواز سفر المحامية “حنان حسن” القيادية في حزب المؤتمر السوداني، تلك الحادثة التي أثارت جدلاً واسعاً وتضامناً، حول الخطوة غير الدستورية ولا القانونية التي اتخذتها السفارة السودانية في كمبالا بتجريد المحامية من حقها الدستوري ومنع تجديد جواز سفرها، بناءً على قرار صادر عن جهات أمنية في حكومة الأمر الواقع ببورتكيزان!
ورغم أن كثيرين انتقدوا أستاذ التاريخ، وقالوا عنه عبارات باردة مثل أنه خذلهم، و “لم نكن نتوقع منه ذلك”، لكني لم أشعر بتلك الوخزات التي عبّر عنها البعض ولا بذاك الخذلان، لا لأنني لا اتعاطف مع المحامية، بل أجدني أكثر الواقفين حذائها والمتضامنين معها، بل لأن من صدر عنه مرفوع عنه القلم بالنسبة لي، وهذا ليس متعلقاً بما تفوه به من تُرهات فيما يتعلق بحظر السلطات الكيزانية الأمنية بعض السياسيين والناشطين من تجديد جوازات سفرهم، إذ قال: ” المحامية من تقدُّم، وتقدُّم تريد إزالة هذه الحكومة، حكومة الأمر الواقع، التي ما تزال الحكومة فينا التي تصدر الجوازات. أها المحامية دي حتلقا جواز من وين، أحسن تفتش جواز اجنبي، زي كثيرين في تقدّم، حتى تسقط حكومة البرهان وتجي الحكومة المشتهاة لها ولهم. سووا المعقول وبطلوا الخمج”!
هذا هو موقف الرجل قاسي القلب معتل الضمير، الذي يطرح نفسه كمثقف يساري شيوعي، فيما كان يشتغل محللاً غير شرعي لنظام المخلوع البشير، عندما كان يدخل معه كمنافس صوري وديكوري له في انتخابات الرئاسة، مثله السباح الأرجوز “كيجاب”، وهما معا كانت مهمتهما منح الشرعية لانتخابات (الخج)، ولنظام الكيزان بالضرورة!
استمتعت صدفة أول أمس، إلى حديث لأستاذ التاريخ المشار إليه، مبثوث على (يوتيوب)، قال فيه العجب العُجاب كعادته، لكن اللافت والمدهش، إنه قال إن الحزب الشيوعي السوداني يؤمن بالديمقراطية الليبرالية، وكأنه يتحدث إلى شعب جاهل!
يارجل، الديمقراطية والليبرالية مذهبان وفكرتان نقيضتان تماماً بل ومتصادمتان مع الشيوعية، وهما بنتا الرأسمالية المٌبجلتان بل المقدستان، فما علاقة الشيوعية والاشتراكية بهما، فالذي نفسي بيده إذا قال شيوعياً إنه يؤيد اللييبرالية فقد كفر بدينه ومذهبه وارتد عن ملة ماركس ولينين واعتنق دين آدم سميث وتوماس هوبز وجون لوك وجون ستيورات!
باختصار شديد، فإن عبد الله علي إبراهيم، الذي يدعي إنه شيوعي يؤمن بالديمقراطية الليبرالية، هو في الحقيقة لا في عير هذه ولا نفير تلك، بل محض جلابي (شمالي) فقط، مثله مثل البرهان، وهذا ليس تجنياً عليه بل أن المتتبع لأثره التحريري والشفهي ومواقفة السياسية؛ يرى ذلك بوضوح، فقد وقف ضد الحركة الشعبية خشية من انهيار نظام البشير الذي يعبر بصورة ما عن النخبة الشمالية المتحكمة في السلطة كما الثروة، أو كما قال البشير نفسه في أكثر من موقف، وها هو الآن يقف مع الإخوان المسلمين وانقلاب البرهان لنفس السبب، فإن ذهب البرهان تقلص دور ذات النخبة في الحكم والثروة!
بالنسبة لي، كنت أظن إلى وقت قريب إن الرجل (عروبياً) متخفي في قالب شيوعي، لكن ما إن اندلعت الحرب الأخيرة، حتى اصطف بجميع حواسه وحالته المعتبرة شرعاً إلى جانب قيادة الجيش ومجموعة كرتي من المؤتمر الوطني، ضد الدعم السريع، رغم أن الجانبين يدعيان العروبة، لكن بالنسبة لأستاذ التاريخ فإن (عروبة الشمال ليست كعروبة الغرب)، فعروبة حميدتي ليست كعروبة البرهان!، هل رأيتم على ماذا يبني الرجل مواقفه السياسية؟!
هذا هو عبد الله علي إبراهيم باختصار شديد، هذه هي وصفته النموذجية، أما قصة مثقف ومفكر وشيوعي وليبرالي (في طبق واحد) وداعم للأنظمة العسكرية الاستبدادية والإخوان المسلمين في آن معاً، فهذا هراء عظيم يخص عبد الله .ع. ابراهيم وحده، الذي “يتكوزن” صباحاً و “يتبلشف” في المساء!
ويكفي هذا المثقف الدجال عاراً دعمه لحركة الناظر المأفون”ترك”، التي أجهضت المرحلة الانتقالية ومهدت لانقلاب 25 أكتوبر 2021، فيما كان يدعي في ذات الوقت إنه مع ثورة الشعب!