الدلنج: صرخة استغاثة .. “أمهات” يطعمن “أطفالهن” أوراق الأشجار.

137

بلو نيوز الإخبارية: وكالات-

أطلقت “صفية جبران”، إحدى السيدات المقيمات في مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان السودانية، صرخة استغاثة جراء شبح الجوع الذي بات يحاصرها وجميع السكان في منطقتها وسط غياب تام لكافة أشكال المساعدات الإنسانية.

لم تجد “صفية” وبعض مواطني الدلنج غير أوراق الأشجار ومخلفات غذائية تُستخدم كأعلاف للحيوانات مثل “الأمباز” وهو متبقي الفول والسمسم بعد استخراج الزيت منهما، وذلك بعدما عجزت عن شراء المواد الاستهلاكية بما في ذلك الذرة التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير وصل إلى أربعة أضعاف خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفق ما روته بحسرة لـ”سودان تربيون”.

وتعيش الدلنج وبعض مدن ولاية جنوب كردفان، بما في ذلك عاصمتها كادقلي، تحت ما يشبه الحصار الكامل فرضته خارطة السيطرة الميدانية لأطراف الحرب الثلاثة بولاية جنوب كردفان: الجيش، وقوات الدعم السريع، والحركة الشعبية – شمال، قيادة عبد العزيز الحلو. فقد تم إغلاق كافة المسارات الحيوية مما تسبب في إعاقة انسياب السلع الغذائية.

ومنذ اندلاع الحرب في السودان قبل أكثر من عام، ظلت المناطق الغربية من ولاية جنوب كردفان، خاصة كادوقلي والدلنج، تعتمد في الإمداد السلعي على سوقي “النعام” في الحدود مع دولة جنوب السودان و”أم جمينا” في ولاية غرب كردفان.

لكن مؤخرًا، فرض أطراف الصراع قيودًا على الحركة وصلت حد مصادرة شاحنات البضائع واستخدام العنف ضد التجار، مما دفعهم إلى الامتناع عن جلب السلع، مما قاد إلى ندرة وغلاء طاحن.

أرقام فلكية:

تقول صفية جبران لـ”سودان تربيون”: “هناك ارتفاع غير مسبوق في الأسعار بالدلنج، إذ بلغ سعر جوال الذرة 300 ألف جنيه، ووصل سعر الكيلو من دقيق القمح والأرز إلى 5 آلاف جنيه، كما ارتفعت أسعار معظم السلع الاستهلاكية إلى أرقام فلكية لا يستطيع المواطنون تحملها في ظل توقف الموارد ونفاد المدخرات”.

وأضافت: “أغلب سكان الدلنج، لاسيما النازحين في مراكز الإيواء، لجأوا إلى أكل أوراق الأشجار ومخلفات الأمباز من أجل المحافظة على حياتهم. كل الطرق المؤدية إلى المدينة مغلقة. نحن بحاجة إلى إنقاذ وتدخل سريع، الناس هنا يموتون بسبب الجوع”.

ويقابل حالة الغلاء الطاحن انعدام السيولة النقدية “الكاش”، مما يفاقم معاناة المواطنين، إذ يضطر المواطنون إلى إجراء معاملاتهم التجارية عبر التطبيقات المصرفية في ظل تدهور خدمات الاتصالات والإنترنت، وفق صفية.

وتأوي الدلنج، وهي ثاني أكبر مدن ولاية جنوب كردفان بعد العاصمة كادقلي، آلاف النازحين الذين فروا إليها بسبب المعارك العسكرية في منطقة هبيلا. يقيم هؤلاء النازحون في عدد من مراكز الإيواء التي تنعدم فيها أبسط مقومات الحياة، ويتوقف معاشهم على جهود محدودة يقودها شباب في غرف الطوارئ.

من جهتها، تحكي مريم أرزق، وهي نازحة في الدلنج، بحسرة عن معاناتها في الحصول على الطعام لإنقاذ أطفالها.

وقالت لـ”سودان تربيون”: “أستيقظ يوميًا بعد صلاة الفجر للوقوف في صف طويل داخل مركز للإيواء للحصول على كمية قليلة من العدس بالكاد تكفي لشخص واحد”.

وأضافت: “الأطفال الآن يشربون الشاي بدون سكر ويتناولون وجبة واحدة في اليوم. نحن نعاني، أجسامنا انتهت ويجب أن تكون هناك حلول، وإذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه فإن الناس سيموتون جوعًا في القريب العاجل”.

الواقع نفسه ينطبق على زينب عسكر، وهي مواطنة من الدلنج، إذ تقول لـ”سودان تربيون”: “هناك ندرة في السلع حيث تم إغلاق الطرق ولا يُسمح بدخول أي مساعدات إنسانية أو قوافل تجارية”.

وأضافت أن كثيرًا من المواطنين باتوا يعتمدون على أكل “الجلود” للحفاظ على حياتهم، وفي الوجبات الأخرى يعتمدون على أعشاب تُستخرج من الجبال تسمى “عرق النبي” و”الكول”، وهي نبتة تُخمّر ثم تُجفف وتعتبر من الوجبات الشعبية في السودان.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *