بسبب تصاعد الخلاف بين قادة الجيش .. “ضباط” يأمرون بتحريك بعض الآليات العسكرية.
بلو نيوز الإخبارية: بورتسودان-
أفاد مصدر عسكري رفيع بالجيش السوداني، عن تصاعد الخلاف بين قادة الجيش السوداني، ببورتسودان وقاعدة وادي سيدنا الحربية، مما دفع “ضباط” من طاقم حراسات الفريق أول ياسر العطا، نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية، أمروا بتحريك بعض القطع والآليات العسكرية، واعادة تموضعها في مواقع عسكرية اخرى، وإستبدال طواقم المدفعية، في إجراء ينبي بتصاعد حدة الخلاف ما بين مجموعة بورتسودان وبعض قادة قاعدة وادي سيدنا الحربية.
وأكد “المصدر” إن مجموعة بورتسودان يقودها الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة السودانية، وقادة قاعدة وادي سيدنا، يقودهم الفريق أول ياسر العطا، نائب القائد العام للقوات المسلحة.
الاختلاف وتباعد الرؤى بين قادةالجيش:
البداية كانت في سلاح المهندسين، حيث أحرج “العطا” قائد الجيش “البرهان” الذي يحرص دائما على إنكار حضانة الجيش للفلول والإسلاميين، وأقر “العطا” صراحة ان الإسلاميين يقاتلون إلى جانب الجيش، وايضا في وقت سابق، اضطر قائد الجيش “البرهان” للاعتذار للرئيس الكيني وليم روتو، على تهديد ووعيد ياسر العطا لبلاده، وأوضح له انه موقف لا يمثل رأس الدولة.
وتصاعدت حدة الخلافات بين قيادة الجيش، وتفجرت بشكل أكثر وضوحاً، عقب تصريحات “العطا” ضد قوى سياسية ومدنية سودانية، واتهاماته لعدة دول بتقديم الدعم لقوات الدعم السريع، دون مراعاة للاسس والاعراف الدبلوماسية.
وأكدت مصادر عليمة، وجود خلافات حادة بين قيادة الجيش، على توجه “ياسر العطا” وتصريحاته المشاترة، ووميله للإسلاميين وفلول النظام السابق، واضافة؛ ان “الكباشي”، وعدد من قادة الجيش، بالإضافة إلى مالك عقار، يرون ضرورة ان يلتزم “العطا” بتصريحات منضبطة، ومسؤولية، خاصة حول مشاركة الإسلاميين مع الجيش، واتهامات الدول، وقالوا ان القوات المسلحة السودانية ليست في حاجة لفتح جبهة خلافات ومشاكل اخرى مع دول، وقوى سياسية سودانية، واشاروا إلى أن الخلافات بين السودان والإمارات وتشاد، كانت بسبب تصريحات “العطا”.
وكشفت المصادر؛ ان “الكباشي” وعدد من قادة إستخبارات الجيش، عقدوا اجتماعا خاصة ب”ياسر العطا”، واتفقوا على ضرورة الضغط عليه بعدم اقحام خلافاته الشخصية مع قوى سياسية ومدنية ودول، في تصريحاته امام قوات الجيش والفرق العسكرية، وباسم القوات المسلحة والدولة، واقاموا بإصدار توجيهات إلى الإستخبارات بعدم تصوير وبث اي مقاطع لخطاب الفريق ياسر العطا يحمل حديث غير مسؤول واتهامات ضد قوى سياسية او جهات اقليمية ودولية، خاصة في قاعدة وادي سيدنا العسكرية او اي مقرات عسكرية، الا ان هناك بعض الضباط لم ينفذوا التوجيهات، وقاموا بتسريب ونشر عدد من مقاطع مسجلة لتصريحات “العطا”.
وكشف “العطا” عن خلاف عميق بينه و”الكباشي”، وذلك عندما شددت “الكباشي” في حديث له بمناسبة تخريج قوات من حركة “مناوي” بالقضارف، على عدم التسليح العشوائي وسحب السلاح من المستنفرين مايسمي بالمقاومة الشعبية، حذر “الكباشي” من خطر المقاومة الشعبية المسلحة التي تعمل خارج إمرة القوات المسلحة، مشددا على عدم استغلال المعسكرات النظامية من قبل أي حزب سياسي برفع شعارات بخلاف التي تعبر عن قومية القوات المسلحة، وبدا واضحا أن حديث نائب قائد الجيش موجه إلى التنظيم الإسلامي الذي يقاتل تحت مظلة الجيش، في المقابل انتقد “العطا” في تصريح له حديث “الكباشي”، ودعا في افطار رمضاني ضم مسؤولين إداريين في ولاية الخرطوم، كل المواطنين بالانضمام الى المقاومة الشعبية وحمل السلاح، وان لا نسمع أي أقوال سلبية (هنا وهناك)، عن المقاومة الشعبية وأردف: “إنها كلمات تذروها الرياح”، وقال “العطا” هنالك من يكبل دولاب الدولة ولابد من ازالة كل العوائق”، وأضاف: “كل من يقف أمام الدولة يجب ان يذهب غير مأسوف عليه”، وشدد قائلا؛ لن ترهبونا بعبارة “فلول”، وانا كوز وشيوعي وجن أحمر، مضيفاً؛ ان “المقاومة الشعبية ستكتب تاريخا جديدا للسودان، وأن القيادة مستمرة في تسليح كل المستنفرين بكافة أنواع التجهيزات القتالية والأسلحة”، كما قام “العطا” خلال زياراته لعدد من الولايات، بتوجيه ولاة الولايات بترتيب المستنفرين، وقال خلال تصريحات نشرتها الصفحة الرسمية للقوات المسلحة وقتها “يجب ترتيب المستنفرين في شكل كتائب على أن تكون كل كتيبة على رأسها سرية من قدماء المحاربين”.
وعقب تصريحات “العطا” دعا الكباشي إلى اجتماع عاجل، يضم “البرهان والعطا وكباشي وجابر”، وتم عقد الاجتماع بحضور الثلاثي، ومشاركة “العطا” عبر “الفيديو”، وناقش الاجتماع، موضوع المستنفرين، ومشاركة الإسلاميين مع الجيش، وكذلك موضوع التفاوض، واخذ “الكباشي والعطا”، غالبية زمن الاجتماع، وشدد “الكباشي” على ضرورة أبعاد الإسلاميين من الجيش، وضبط عملية تسليح المستنفرين، والرجوع إلى منبر التفاوض، بينما رفض “العطا” كافة مقترحات “الكباشي”، وتمسك بمشاركة الإسلاميين بكل واجهاتهم وتسليح المستنفرين وكل من يريد حمل السلاح من المواطنين، وأكد رفضه التام لمفاوضات جدة، واي منبر اخر التفاوض مع قوات الدعم السريع، وتدخل البرهان لتهدئة الرجلين، وطالب بضرورة توحيد مواقف القوات المسلحة السودانية وتماسكها، ولم يبدي رأياً واضحاً حول مشاركة الإسلاميين، وتسليح المستنفرين، والعودة إلى التفاوض، وإنما أكتفي بحديث سياسي معمم، بينما اتفق جابر مع الكباشي في موضوع ضبط تسليح المستنفرين، والذهاب إلى منبر التفاوض، قائلا حتى لا يتم تصنف موقفهم من قبل المجتمع الدولي بأنهم ضد عملية التفاوض والسلام، وشهد الاجتماع تباعد كبير في الرؤى، وانتهى دون الوصول إلى رؤية متفق حولها.
مراقبون:
وأكد مراقبين، أن التناقضات، تأتي في إطار الصراع، وتباين المواقف، وتعارض الأهداف وتضارب المصالح بين قادة الجيش من جه، وتنظيم الاخوان المسلمون التابع للنظام السابق داخل القوات المسلحة، من جه أخرى، والذي يمثله “العطا”، وان طابع “العطا”، يتجلى من خلال علاقته بالتنظيم الإسلامي للنظام السابق داخل الجيش، والذي يراهن على “العطا” لأسباب معلومة، وأن مواقفه الرفضه للتفاوض، والداعمة لتسليح المواطنين واستمرار الحرب، هي تمثل مواقف التنظيم الإسلامي للنظام السابق داخل القوات المسلحة السودانية.
صراع التيارات داخل الجيش:
وأشار الباحث في الشأن الافريقي، والمحلل السياسي، الدكتور لطفي زهران، إلى أن هناك تيارات واسعة للإسلاميين من النظام السابق، داخل المؤسسة العسكرية السودانية، وهي لها تأثيرات كبيرة داخل الجيش، بالإضافة إلى مجموعات الإسلاميين المستنفرين، وهؤلاء هم الذين يسيطرون على قرارات الجيش السوداني، وسير الحرب في السودان.
وأضاف “زهران” ان المتفحظ للواقع يجد ان جميع قيادات ما يسمى ب”المقاومة الشعبية” هم أعضاء في النظام الإسلامي السابق، وكانوا كوادر وقيادات في كتائب الأمن الشعبي التابع له، لذلك أن غالبية المستنفرين هم من عضوية التنظيم الإسلامي السابق.
وأردف “زهران” قائلا؛ ان الجيش السوداني ليس به وحدة عسكرية تسمى بقوات العمل الخاص، وإنما يوجد وحدة القوات الخاصة، وقوات العمل الخاص في حقيقة الامر، هي مجموعة من كتائب الظل التى تتبع للنظام السابق، وتضم المجاهدين المتشددين، ومجموعات الدبابين الذين كانوا يقاتلون في حرب الجنوب، بالإضافة إلى عناصر هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن والمخابرات السوداني، والذي تم حله في أواخر العام 2020، مضيفاً؛ ان هؤلاء هم الذين يخوضون الحرب، ويقاتلون الآن ضد قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، وهم الذين دخلوا مقر الإذاعة والتلفزيون، ومناطق في مدينة أمدرمان.
وقال “زهران” ان مجموعات حركات دارفور المسلحة التى إنحازت لقوات الجيش، لا تمتلك رؤية، وليست لها اي أهداف واضحة تقاتل من أجله، ولم يكن إنحيازها إلى جانب قوات الجيش عن قناعة، وإنما تحركها مجموعة مصالح ذاتية بحتة، وهذه الحركات ليست محل ثقة لدى قادة الجيش السوداني ومجموعات الإسلاميين المتحالفة معه، ومن المتوقع حدوث خلافات بينها وقادة الجيش في القريب العاجل، وربما تقود إلى مواجهات وصدامات عسكرية مسلحة مع الجيش.