تحالف اعلامي دولي .. للتصدي لخطاب الكراهية ومنع التحريض على العنف.
بلو نيوز الإخبارية: دبنقا-
في نهاية 100 يوم من إحياء ذكرى الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد التوتسي في رواندا، اجتمع حوالي 30 من أصحاب المصلحة في وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم في النصب التذكاري للإبادة الجماعية في كيغالي لمشاركة تجاربهم ومعارفهم وخبراتهم في ورشة عمل امتدت لثلاثة ايام خرجت بتوصيات لواضعي السياسات لمواجهة خطاب الكراهية ومنع التحريض على العنف .وشارك في الورشة صحفيون بينهم رئيس تحرير راديو دبنقا كمال الصادق – ومنشئي المحتوى ومدققي الحقائق، والمراقبين قدم خلالها الصحفيون القادمون من مناطق الصراع وذوي الخبرة في التغطية الإعلامية بمناطق النزاعات تجارب متنوعة .
وركزت الورشة – التي نظمها مكتب المستشار الخاص لمنع الإبادة الجماعية، والآلية الدولية المتبقية للمحاكم والآلية الدولية للمحاكم ومركز (إيجس) لمنع الجرائم ضد الإنسانية وبالشراكة مع منظمة الفرانكوفونية ومؤسسة تمبلتون الخيرية العالمية – على دور جميع أصحاب المصلحة في وسائل الإعلام، بما في ذلك الصحفيين، في معالجة خطاب الكراهية ومنع التحريض على العنف الذي قد يؤدي إلى الإبادة الجماعية والجرائم ذات الصلة مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وشدد المشاركون على أهمية دور وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام ونشر الوعي بخطورة خطاب الكراهية، مؤكدين أن هذا النوع من الخطاب يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوترات الاجتماعية والتحريض على العنف والجرائم الدولية مثل الإبادة الجماعية. وقد أكدوا على ضرورة تضافر الجهود الدولية لمواجهة هذا التحدي.
وتضمنت الورشة أمثلة على كيفية مساهمة وسائل الإعلام في ارتكاب الإبادة الجماعية في الماضي، بما في ذلك استخدام الراديو كأداة في تنفيذ الإبادة الجماعية ضد التوتسي في رواندا عام 1994، وشملت كذاك أمثلة من الهولوكوست وإبادة سربرنيتشا عام 1995.
وفي هذا السياق، حذر المشاركون من أن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة قد زادت من سهولة انتشار خطاب الكراهية الذي يهيئ المسرح ويخلق بيئة يمكن للقادة والمؤثرين من خلالها التحريض على العنف المباشر.، الامر الذي يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهته.
خطاب الكراهية ووسائل التواصل الاجتماعي:
وقالت المستشارة الخاصة للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، أليس وايريمو نديريتو،في كلمتها الافتتاحية، للورشة ( لقد علمنا التاريخ أن خطاب الكراهية وتجريد الآخر من إنسانيته قد سبق ورافق تنفيذ جميع حالات الإبادة الجماعية .) واضافت (اليوم نرى أن هذه التكتيكات التاريخية تُطبق على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يسمح للكراهية بالانتشار بسرعة أكبر، والوصول إلى جمهور أوسع، ) وشددت في هذا الخصوص على اهمية الدور المتنوع للصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام في مكافحة خطاب الكراهية، مشيرة إلى أنهم يشكلون خط الدفاع الأول ضد هذا الخطر.
إنكار الإبادة الجماعية:
في السياق أوضح المدعي العام للآلية الدولية للمحاكم الجنائية سيرج براميرتس في حديثه للورشة كيف أن خطاب الكراهية الذي يصل إلى المستوى المتطرف من التحريض المباشر والعام على ارتكاب الإبادة الجماعية ينتهك اتفاقية الإبادة الجماعية، ويعد جريمة بموجب قوانين المحاكم الجنائية الدولية لرواندا ويوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية. وصف المدعي العام القضية النموذجية “قضية الإعلام” التي ركزت على دور إذاعة في رواندا (RTLM) ومجلة كانغورا، التي نشرت رسائل تؤجج النزاعات التي أدت إلى الإبادة الجماعية، بالإضافة إلى حالات من يوغوسلافيا السابقة، ملاحظًا أن الاتجاهات اليوم تتجه نحو إنكار الإبادة الجماعية بوقاحة وخطاب الكراهية الذي لا يُعاقب بأي شكل من الأشكال.
من جانبه علق فريدي موتانغوها، الرئيس التنفيذي لإيجس ومدير نصب كيغالي التذكاري للإبادة الجماعية في كيغالي في حديثه للورشة قائلا . “لم تتوقف الفظائع عند الإبادة الجماعية ضد التوتسي، واستمرار خطاب الكراهية يواصل خلق العداء بين الجيران ضد بعضهم البعض حول العالم “لهذا السبب نحتاج إلى خبرتكم، الخبرة المشتركة وتجربة الأشخاص في هذه الغرفة، لمساعدتنا على مواجهة خطاب الكراهية بشكل أكثر فعالية عبر مشهد الإعلام العالمي.”
السودان وخطاب الكراهية:
وحول مايجري في السودان حذرت وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمستشارة الخاصة لمنع الإبادة الجماعية، أليس وريمو نديريتو، في لقاء خاص مع راديو دبنقا على هامش الورشة، من خطورة خطاب الكراهية المتزايد في السودان، مشيرة إلى دوره في تأجيج النزاعات والتحريض على العنف. ودعت في هذا الخصوص إلى توثيق كل أشكال خطاب الكراهية في السودان ، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها، ليكون دليلاً في المحاكمات المستقبلية. وشددت خلال المقابلة في هذا الخصوص على أهمية توثيق جرائم الحرب في السودان ومحاسبة مرتكبيها خاصة خطاب الكراهية، لتقديمها إلى المحاكم الدولية.وحذرت من خطورة ذلك الخطاب وتأثيره في تأجيج النزاعات والتحريض على العنف.
وحول حالة الإبادة الجماعية في دارفور والجنينة، أشارت نديريتو إلى أن المحكمة الجنائية الدولية هي الجهة المختصة بتحديد وقوع الإبادة الجماعية، مؤكدة على ضرورة تقديم المزيد من الأدلة والقضايا للمحكمة. ودعت إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في الأحداث الأخيرة في دارفور، بالإضافة إلى تقديم قضية السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية.
خطة عمل مشتركة:
وفي سياق ورشة العمل التي عقدت في كيغالي، أكدت نديريتو في المقابلة مع راديو دبنقا على أهمية دور الصحفيين في مكافحة خطاب الكراهية، ودعت إلى وضع خطة عمل مشتركة بين الصحفيين والفاعلين الآخرين لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.
وينتظر ان تشكل التوصيات التي خرجت بها ورشة كيغالي خطة عمل لأصحاب المصلحة في وسائل الإعلام لمعالجة خطاب الكراهية ومنع التحريض على العنف الذي قد يؤدي إلى الإبادة الجماعية والجرائم ذات الصلة، والتي يأمل مكتب المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية في إطلاقها بحلول نهاية هذا العام، وهو العام الذي يصادف رسميًا مرور 30 عامًا على الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد التوتسي في رواندا ويمهد الطريق لإحياء الذكرى الثلاثين للإبادة الجماعية في سريبرينيتشا العام المقبل، والتي حدثت في عام 1995.