كاميرون هودسون: قرار الجيش بعدم المشاركة في مفاوضات جنيف ليس نهائيا، ويمكن إجبارهم على تغيير قرارهم.

225

“رسالة الولايات المتحدة الأمريكية .. اننا لا نريد وفد حكومي، نريد وفد من الجيش لأننا لا ننظر إليكم أساسا كحكومة السودان”.

بلو نيوز الإخبارية: وكالات-

في غياب وفد القوات المسلحة السودانية، تنطلق اليوم في جنيف المشاورات الخاصة بشأن وقف الحرب في السودان وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين وبمشاركة وفد من قوات الدعم السريع والشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين بالملف السوداني وبدعوة من وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكن. ولم تتضح حتى الآن الصيغة التي تتم على أساسها المشاورات، لكن معلومات رشحت من جنيف تشير إلى إعداد خارطة طريق جديدة لمعالجة الأزمة السودانية واللجوء إلى اتفاقيات وقف إطلاق نار محلية تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية.

راديو دبنقا أجرى حوارا مع كاميرون هودسون، الباحث في الشؤون الأفريقية والمسؤول السابق في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي ووكالة المخابرات المركزية الامريكية، وطرح عليه عدد من الأسئلة حول مفاوضات جنيف والتطورات المرتبطة بها.

هل يتراجع الجيش عن قرار عدم المشاركة في جنيف:

بداية سألنا المسؤول الأمريكي السابق عما إذا كان قرار القوات المسلحة السودانية بعدم المشاركة في مفاوضات جنيف نهائيا أم أنها قد تتراجع عنه؟

أجاب كاميرون هودسون قائلا: حسنًا، أعتقد أن كلا الافتراضيين صحيح. لأكون صريحًا، أعتقد أنه قرار قابل للتراجع، وأعتقد أنه يمكن إجبارهم على تغيير قرارهم، وأعتقد أنهم يمكنهم اختيار تغيير قرارهم، لذلك بأي حال من الأحوال، هو ليس قرارا نهائيا ولا ينبغي لنا أن نقبله كـقرار نهائي، والحقائق على الأرض ستستمر في التغيير مع استمرار القتال في جميع أنحاء البلاد.

وأعتقد أنه إذا كان الجيش في موقف عسكري أفضل، قد يتغير موقفه بشأن التفاوض عن موقفهم الحالي، لكنني أعتقد أنه من الجدير بالذكر أيضًا أنه منذ البداية، حتى قبل الإعلان عن هذه المحادثات، واصل الجيش وبقوة المطالبة بضرورة تنفيذ الاتفاقية السابقة الموقعة في جدة العام الماضي.

لقد أصروا أيضًا على أنه لا يجب التعامل معهم ليس كطرف مساوي لقوات الدعم السريع، بل كالمؤسسة الدستورية المفوضة من حكومة السودان، وبالتالي كحكومة سودانية.

لذا أعتقد أن هذه هي النقاط الخلافية التي لم تتعامل معها الولايات المتحدة حقًا، لقد دفعوا نحو الوصول إلى هذه المحادثات في جنيف ولم يحرزوا أي تقدم في الإجابة عن هذين السؤالين الذين تطرحهما القوات المسلحة السودانية، اللذين أعتقد أنهما أساسيان ومعقولان للغاية.

أنا لا أقف إلى جانب الجيش السوداني على الإطلاق، لكنهم يجب أن يسألوا لماذا سيتم تنفيذ الاتفاقيات هذه المرة أذا لم يتم تنفيذها في جدة العام الماضي. وهذا سؤال معقول للغاية يجب طرحه قبل الدخول في المفاوضات. لذا أعتقد أن هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به لمحاولة ليس لإقناع الجيش فحسب، بل لإجبار هذا الجيش.

وقد قلت وكتبت عن هذا من قبل، أنه لا يوجد ضغط حقيقي على الجيش أو على قوات الدعم السريع في حال عدم مشاركتها في هذا المفاوضات، ولا توجد عواقب لعدم الحضور، المبعوث الخاص والمجتمع الدولي لم يوضحا ما هي العواقب على قيادة الطرفين إذا لم يأتوا إلى جنيف، هل سيتم معاقبتهم، هل سيتم نقلهم إلى المحكمة الجنائية الدولية؟ هل سيتم ممارسة أشكال أخرى من الضغط الدولي من داعميهم. عليهم، هل تلقوا تحذيرات صريحة من داعميهم في الإمارات العربية المتحدة أو السعودية أو مصر؟

من الواضح انه لا شيء من ذلك، لكن هناك ولا يشعر الطرفان بقلق بشأن تحمل أي عواقب بعدم الحضور إلى هذه المحادثات.

مقاربة مزدوجة:

وحول رفض قيادة الجيش المشاركة في المفاوضات حتى بعد استجابة الإدارة الامريكية لعدد من المطالب التي قدمتها حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، اعتبر كاميرون هودسون أن الولايات المتحدة تحاول الوصول عبر مقاربة مزدوجة. نعم، قد يشيرون إلى البرهان بصفته رئيس المجلس السيادي، لكنهم يشتكون عندما يرسل لهم وفد حكومي ويقولون لا، لا نريد وفد حكومي، نريد وفد من الجيش لأننا لا ننظر إليكم أساسا كحكومة السودان، هذه هي الرسالة التي ترسلها الولايات المتحدة عندما ترفض مشاركة وفد حكومي في هذه المحادثات وتطلب وفد من الجيش.

لذا، هم يحاولون اللعب على الجانبين، يحاولون إعطاء الجيش ما يريده عن طريق الاعتراف بوضعية البرهان كـقائد للمجلس السيادي، لكنهم يقولون إنه في هذا الموقف لا يمثل حكومة السودان، لأن هذه المحادثات لا تشمل حكومة السودان. من الصعب جدًا الوصول إلى الهدف بهذه الطريقة وعبر تبني المقاربتين لذلك رأينا الجيش ينسحب من المفاوضات كنتيجة لذلك.

تهديد للقوات المسلحة:

وبشأن خيارات الدبلوماسية الامريكية بعد رفض الجيش المشاركة في مفاوضات جنيف، ذكر المسؤول السابق بوزارة الخارجية الامريكية أن الاستراتيجية التي يبدو أن المبعوث يحاول استخدامها هي خلق زخم وخلق تقدم في نوع من المحادثات سواء كانت محادثات وقف إطلاق النار، أو كانت محادثات إيصال المساعدات الإنسانية أو كانت محادثات حول المستقبل السياسي. ومن ثم استخدام هذا الزخم، كتحذير وكتهديد للجيش ليقول له إذا لم تنضم فسوف تتخلف عن الركب والقرارات التي تؤثر على مستقبلك والتي تؤثر على مصالحك سيتم اتخاذها بدونك. سوف يتم اتخاذها بدونك، مع قوات الدعم السريع ومع التحالف المدني ومع آخرين. المشكلة هي أن هذا التهديد ليس له مصداقية عندما تعلنه الولايات المتحدة الآن، لأنه في نهاية الأمر تمثل القوات المسلحة السلطة الدستورية في البلاد سواء أحببنا ذلك أم لا. وتركهم خارج مفاوضات أو مناقشات من هذا النوع يترك الطرف ذو الأغلبية، وأعتقد أن أي نوع التقدم الذي نأمل في إحرازه سيكون هامشيا فقط إذا لم تشارك القوات المسلحة. لذا فأنا لا أعتقد أن هذه الاستراتيجية التي تطلب من القوات المسلحة اللحاق بالقطار قبل أن يغادر المحطة، القوات المسلحة هي التي تقود القطار وبالتالي فإن واشنطن ليست في موقع يجعل تهديداتها ذات مصداقية.

مسار سياسي موازي:

وعن موقع المسار السياسي والمفاوضات بشأن المستقبل السياسي في مفاوضات جنيف، أجاب كاميرون هودسون قائلا: أعتقد أن الفكرة أن تكون هناك عملية سياسية موازية لجنيف وأتفق جدًا مع ما اقترحه المبعوث بأن الأولوية يجب أن تكون لوقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية، لأن الوضع في البلاد سيْ جدًا في هذه اللحظة، لكن لا يمكننا تجاهل أنه يجب أن يكون هناك عملية موازية لتحديد ما يبدو عليه المستقبل السياسي ومستقبل الحكم في هذا البلد عندما يمضي إلى الأمام.

تعلمون أن القوات المسلحة السودانية بارعة بشكل خاص في شن الحرب والتفاوض على السلام في نفس الوقت، لقد فعلوا ذلك في مشاكوس، فعلوا ذلك في نيفاشا، فعلوا ذلك في أبوجا، وقد فعلوا ذلك مرارًا وتكرارًا. والشيء الوحيد المختلف هو أن الجميع قد خسروا وبقيت القوات المسلحة السودانية في السلطة عبر كل هذه المفاوضات.

إذا كانت واشنطن تريد تحقيق نتيجة مختلفة بشكل جوهري وترى القوات المسلحة السودانية في نهاية المطاف قد أزيحت عن السلطة، فإنها ستحتاج إلى التعامل مع هذه المحادثات بطريقة مختلفة جدًا عن الأجيال السابقة التي تفاوضت مع القوات المسلحة السودانية، وحتى الآن لا أراهم يفعلون ذلك.

حسم المعركة عسكريا:

وما إذا كان أحد طرفي النزاع قادر على حسم الحرب عسكريا، رد كاميرون هودسون بالقول: أعتقد أن الاحتمال الوحيد للنصر العسكري هو إذا فقد أحد الطرفين دعمه الخارجي بالكامل، إذا كانت الإمارات العربية المتحدة ستعلق دعمها لقوات الدعم السريع، إذا كانت القبائل العربية في جميع أنحاء الإقليم، من تشاد، من النيجر ستعلق دعمها لقوات الدعم السريع، إذا عاد مقاتليهم إلى بلدانهم وتخلوا عن قوات الدعم السريع، يمكنك تخيل أن القوات المسلحة السودانية ستكون في وضع يسمح بالتفوق عليهم.

وبالمثل، إذا فقد الجيش جميع داعميه الخارجيين في إيران وتركيا وروسيا ومصر، إذا حرموا من الدعم الخارجي الذي يحتاجونه لمواصلة القتال، ولمواصلة تسليح أنفسهم، في ذلك الوقت يمكنك تخيل سيناريو تتمكن فيه قوات الدعم السريع من تحقيق النصر أو على الأقل نوع من النصر الذي سيجبر الجيش على الجلوس للتفاوض.

بدون ذلك، لا أرى سيناريو يتيح لأي من الطرفين، مع استمرار الدعم الخارجي، أن يغير توازن القوى على الأرض بشكل جذري عما هو عليه الحال في السودان اليوم. وبالتالي، فإن السؤال الدبلوماسي هو هل يمكن للمبعوث الأمريكي، وهل يمكن للمجتمع الدولي أن يجبر الأطراف الخارجية التي تدعم كلا الجانبين في هذا الصراع، هل يمكن إجبارهم على تعليق هذه المساعدات، لا أعتقد أنه يمكنهم فعل ذلك الآن.

إيصال المساعدات بدون موافقة طرفي الحرب:

وحول إدخال المساعدات الإنسانية للسودان دون موافقة أطراف النزاع، قال كاميرون هودسون أنه من الواضح أن قوات الدعم السريع قد وافقت بالفعل على السماح بدخول المساعدات عبر الحدود إلى السودان إلى دارفور عبر تشاد.

الجيش، القوات المسلحة السودانية، لم يقدم موافقته. لذا أعتقد أنه إذا كان الجيش سيغير موقفه أو إذا كانت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي سيقررون من جانبهم تجاهل سيادة الجيش السوداني، وفي هذه الحالة ويقدمون المساعدات الإنسانية بشكل مستقل بدون إذن وبالتعاون مع أو من خلال قوات الدعم السريع للقيام بذلك. يمكنك أن تتخيل سيناريو لن تصل فيه المزيد من المساعدات للسودان عبر الحدود من تشاد فقط، ولكن أيضا من جنوب السودان من ليبيا من مصر.

ولكن ما لم تغير القوات المسلحة الذي تتمسك به، والمتعلق بمنع وصول المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وهي مناطق حدودية كثيرة، لا أرى تغييرًا في الوضع الإنساني يحدث، بالتأكيد، وخصوصا خلال موسم الأمطار.

وحتى في بورتسودان، عند إرسال المساعدات عبر السفن إلى بورتسودان، لا يمكننا أن ننسى أن بعض أكثر السكان تضررًا في البلاد يبعدون مئات الكيلومترات عن بورتسودان، حيث الطرق ليست سالكة أو تسيطر عليها قوات الدعم السريع. لذلك كل هذه العوامل تجعل من الصعب جدًا تخيل حدوث اختراق إنساني حقيقي في ظل السيناريو الحالي.

 

نقلا عن راديو دبنقا.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *