موت وجوع وكوليرا .. السودان يحتضر بين يدي “البرهان”.!!
موت وجوع وكوليرا .. السودان يحتضر بين يدي “البرهان”.!!
علي أحمد ..
ما أغرب هذا الرجل، أليس لديه حتى تلك الحِمية الجاهلية؟، إنه رجل غير رشيد ولا يمكن أن تُترك دولة وشعب تحت رحمة فاقد للعقل ومفارق للإنسانية وميت الضمير، فالبرهان يا سادتي يريد أن يحكم السودان حتى لو مات الشعب كله، إنه جِدّي في هذا الأمر وماضٍ فيه إلى أسوأ وأفظع مما قد يتخليه أكثرنا تشاؤماً.
هذا الرجل لا يريد أن يوقف الحرب، لا يريد أن يتفاوض حتى في مسألة حيوية تتعلق بالحفاظ على حياة المواطنين، ما هذا التشفي والحقد الدفين؟ ومن أجل ماذا؟، فهل في السودان ما يغري أي شخص مهما بلغ به العته والجنون أن يرهن شعب بأكمله ويضعه على شفير اللحود والقبور من أجل أن يمارس سلطته على ثلث جغرافيا البلاد فقط؟!
يا للعجب، الرجل لا يريد أن يتفاوض لينقذ 25 مليوناً من الجوعى، يراهن بأرواحهم ويساوم بها من أجل كرسي هش، حتى أضطر وزير الصحة في حكومته غير المعترف بها، إلى إعلان تفشي وباء الكوليرا نتيجة للماء غير الصالح للشرب والأوضاع البيئية الخطيرة، كما صرح للإعلام أمس السبت.
من نجوا من الموت بالرصاص والقهر النفسي، يضعهم البرهان وجهاً لوجه أمام الأمراض القاتلة من حمى الضنك وحتى الكوليرا،، كما يضعهم أمام المجاعة المُهلكة، لقد قالها هو ومساعده المعتوه ياسر العطا والمجرمين المتحالفين معهما من شذاذ الآفاق، عصابات الحركات الإرتزاقية وعلى رأسها جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي، وقادة مليشيات المتطرفين الإخونجية، بأنهم سوف يستمروا في الحرب حتى إفناء وإبادة الشعب كله حتى ولو استدعى الأمر القتال لمئة عام!
“إما أن نحكمكم أو نبيدكم عن بكرة أبيكم” .
هل ثمة عاقل ورشيد يمشي على هذا الأرض، يرفض دخول المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وكساء لإنقاذ أرواح أكثر من 25 مليوناً من شعب يريد أن يحكمه، فقط لينتصر لذاته المريضة والمعقدة، فقط ليؤكد أنه ليس مهزوماً في هذا الحرب، فقط ليشعر بانتصار زائف ومُتخيّل، انتصار غير مرئي كما قال بلسانه، انتصار لا يراه أحداً غيره!؟.
كيف ينظر هذا الضابط المتوحش إلى عيون الأطفال المشردين والجوعي والمرضى، الذين تحولوا إلى هياكل عظمية لا تقوى على المشي إلّا نحو المقابر؟، وأبنائه ينعمون في قصره في العاصمة التركية (أنقره)؟، كيف ينظر إلى النساء والرجال المستضعفين الذي ينامون تحت سموات مفتوحة بالمطر وصخب البروق والرعود وخرير السيول الجارفة، يتضورون جوعاً وتفتك بهم الأمراض القاتلة، بينما أسرته وأقربائه وزوجته يتلقون العلاج والرعاية الصحية في أحدث المشافي في تركيا وغيرها؟!
لو كانت مفاوضات جنيف متعلقة بقضايا ذات طابع سياسي، لعذرناه ولو على مضض، ولوجدنا له مخرجاً ولو بحجم ثقب إبرة، ولقلنا إنه ربما يريد أن يقاتل من أجل تحقيق حلم والده بأن يصبح رئيسنا حتى آخر مرفق منه، فياله من وفي وبار بوالده!، لكن هذه المفاوضات لا علاقة لها بمنصبه ولن تجهض حلمه بالسلطة والحكم، إنها من أجل إنقاذ أرواح عشرات الملايين الواقفين الآن وفي هذه اللحظة أمام الموت مباشرة، يرفعون سبابتهم بالتشهد، منتظرين مصيرهم المحتوم.
يعبث البرهان بمصائر أكثر من نصف سكان البلاد ويرهن حيواتهم من أجل بقاءه في السلطة، فهل ثمة لعنة وتيه وإجرام أكثر من ذلك؟!
ماذا يريد هذا الرجل من بلادنا وشعبنا، وهل نتركه ليفعل بنا المزيد، هل سيرضى عنا الله والإنسانية أن نجبن لهذه الدرجة ونستسلم ونخنع ولا نبدي أي مقاومة ولو بكلمة إزاء هذا الضباط المهووس بالسلطة ونقول له كفى، فأنت ليس السوداني الوحيد، أنت ليس سيدنا ونحن رعاياك، لسنا عبيدك يا برهان حتى نتركك وأنت تقتلنا مرة بالرصاص ومرات بالجوع والمرض والفقر، فإذهب إلى جنيف ودع العالم يقدم لنا ما حرمته منا بحربك المعلونة هذه، حرب الجبناء وفاقدي الكرامة والضمير والإنسانية، دعهم يقدمون الطعام لأكثر من 25 مليون سوداني وسودانية لا ناقة لهم ولا جمل في حربك هذه وفي إحلامك تلك، دعهم يقدمون لهم الغذاء والدواء والمأوى والكساء، لكن أن تحرمهم من احتياجاتهم الأساسية وتحرمهم ثانيةً من الحصول عليها من (التضامن الإنساني) العريض، فإن ذلك كثير، كثير ومكلف جداً يابرهان، ولن يستمر الشعب في صمته ولن يستمر في سكونه، ستأتيك أمواج الجياع المتلاطمة من كل حدب وصوب، ستأتيك جحافل المحرومين والمضطهدين في الأرض من كل فج عميق، سيأتيك المرضى زاحفون والعطشى واجفون ويمزقونك من جهاتك كلها، إرباً إربا ومزعة مزعة.
فاوض يابرهان على توفير الغذاء للجوعى والدواء للمرضي، فاوض حتى لا تصبح عاراً في جبين الإنسانية أكثر مما أنت عليه الآن، فاوض من أجل المقهورين والمحرومين والأطفال والنساء والمستضعفين ، انقذ حيواتهم أيها المعتوه وإلا فان لعنة الله تغشاك، فاوض من أجل الشعب الذي تريد أن تحكمه، أم تريد أن تحكم ثلث مساحة البلاد التي تسيطر عليها بدون شعب؟!
أما ما يتعلق بالمستقبل السياسي وما إليه، فأنت وشأنك، تفاوض أو لا تفاوض، لكن لا عبث فيما يتعلق بحيوات البشر، هل تفهم أيها الحلمان الغبي؟!.
ألا لعنة الله عليك، ألا لعنة الله على من يقف خلفك ويؤازرك ويدعمك.