دارفور: انهيار الكباري يعوق ايصال المساعدات الإنسانية.

111

بلو نيوز الإخبارية: دبنقا-

رغم الترحيب الواسع الذي قوبل به قرار فتح المعبر، إلا أن العديد من العقبات تواجه انسياب المساعدات الإنسانية إلى دارفور وفي مقدمتها موسم الخريف الاستثنائي الذي أدى إلى قطع الطرق وصعوبة حركة الشاحنات الثقيلة بالإضافة إلى تهدم عدد من الكباري جراء السيول والفيضانات والتعقيدات الإدارية التي ما زالت ماثلة بالرغم من إعطاء طرفي الحرب لموافقتهم.

بعد الإعلان في جنيف عن فتح معبر أدري الحدودي بين تشاد والسودان لنقل المساعدات الإنسانية، بدأت منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في إدخال شحنات من مواد الإغاثة إلى السودان عبر مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، ليتم توزيعها بعد ذلك على ولايات شرق ووسط وجنوب دارفور بشكل أساسي.

اعتبر محمد الشابك، الخبير في شؤون العمل الإنساني، أن معبر أدري معبر مهم جدا ويقع على الحدود السودانية التشادية ويمتاز بقربه من مدينة الجنينة ما يسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى مختلف ولايات دارفور. ووصف فتح المعبر بأنه خطوة كبيرة باعتباره يوفر مدخل آخر للمساعدات بالإضافة إلى معبر الطينة الواقع في شمال دارفور والذي اكتنفت عمليات نقل الإغاثة عبره مصاعب لوجستية وإدارية.

ونوه محمد الشابك إلى أن كل المنظمات الإنسانية التي كانت تعمل في وسط وغرب دارفور انتقلت بعد الحرب للعمل من “أبشي” داخل الحدود التشادية. وأوضح أن الحكومة السودانية ليست لديها سيطرة فعلية على معبر أدري بل هي سيطرة قانونية الأمر الذي يعني أن الأمم المتحدة لا يمكن أن تخرق سيادة الدولة وأن تدخل عن طريق معبر أدري دون الحصول على موافقة الحكومة السودانية، وهذا هو بالضبط الاختراق الذي تم في جنيف.

انهيار أربعة جسور:

انهيار اربعة جسور رئيسية تربط بين ولايات دارفور جراء السيول والامطار التي هطلت خلال موسم الخريف الحالي، اصبح عقبة أمام ايصال المساعدات الانسانية لسكان الاقليم الذين تهددهم المجاعة، كما ان آمال هؤلاء السكان في انقاذ حياتهم بعد موافقة حكومة بورتسودان بفتح معبر أدري الحدودي مع دولة تشاد قد تتلاشى مع هطول المزيد من الأمطار التي اغلقت كذلك الطرق المعبدة وغير المعبدة التي تربط الاقليم مع دول الجوار.

وبحسب مواطنين من ولايات دارفور تحدثوا لراديو دبنقا فان انهيار الجسور الأربعة أدى إلى توقف الحركة تماماً من ولاية غرب دارفور إلى ولايات وسط، جنوب، شرق وشمال دارفور الأمر الذي تسبب في ارتفاع اسعار السلع والمواد الغذائية التي تأتي إلى الاقليم من دولة تشاد وهي المنفذ الوحيد لتوفير الاحتياجات المعيشية للسكان.

وأوضح الصحفي محي الدين زكريا من مدينة الجنينة ان السيول جرفت كبري ام دوين الذي يربط شرق المدينة بغربها، بجانب كبري مورني على بعد 83 كيلو متر على الطريق الرابط بين مدينتي الجنينة وزالنجي، اضافة إلى الانهيار الكلي لكبري اردمتا القديم الذي أنشأ في العام 1945، والانهيار الجزئي لكبري اردمتا الجديد من الناحيتين الشرقية والغربية من وادي باري، وقال محي الدين ان حكومة الولاية تعمل الآن جاهدة لإعادة تأهيل كبري اردمتا الجديد. وقطع محي الدين بأن الآثار التي خلفتها السيول والامطار على الكباري لا تسمح للمساعدات الانسانية الوصول إلى بقية ولايات دارفور.

اعاقة عمليات الاغاثة:

بينما يقول مقرر غرفة طوارئ الجنينة علاء الدين بابكر ان انهيار الكباري له تأثير كبير على ايصال المساعدات الانسانية إلى ارجاء دارفور، لأنها فصلت ولاية غرب دارفور عن بقية ولايات الاقليم، وبالتالي ليس هناك أية طريقة لإيصال المساعدات إلى وسط وجنوب وشرق وشمال دارفور.

وأشار علاء الدين إلى أن هذا طريق (الجنينة- زالنجي) الذي انهارت فيه الكباري هو الوحيد الذي يسمح بعبور الشاحنات في موسم الامطار، وهو الطريق الوحيد الذي يعتمد عليه الاقليم كذلك في الحصول على المواد الاستهلاكية والسلع الضرورية القادمة من دولة تشاد. وأضاف “الآن تأثرت الحركة التجارية بعد توقف انسياب البضائع، فارتفعت الاسعار في اغلب المدن وتضاعفت إلى حوالي ثلاث مرات نتيجة لتوقف انسيابها.”

من جانبه، أشار محمد الشابك، الخبير في الشؤون الإنسانية، إلى أن مدينة الجنينة أصبحت تعيش حالة عزلة عن بقية المدن الرئيسية في ولايات دارفور بعد حدوث خسائر في بعض الجسور بسبب الأمطار الغزيرة وموسم الخريف. لكنه استدرك بأن ذلك لن يؤثر لوقت طويل وأن عزلة الجنينة لن تدوم بالنظر إلى أن الظواهر الطبيعية مثل الأمطار والسيول أمر معتاد في هذه المناطق. وتوقع ألا تستمر مسألة انقطاع الطرق بسبب الخريف لأكثر من 15 يوم لأن مياه الأمطار يتم تصريفها بشكل طبيعي بما يمكن الشاحنات من مواصلة توزيع الإغاثة.

وأضاف أن المنظمات قد تلجأ في هذه الفترة إلى تكثيف المرور عبر معبر الطينة وطريق الدبة لتجاوز هذه المعضلة وهي طرق كانت تستخدم قبل الوصول لاتفاق فتح معبر أدري في جنيف ما يعني أن العمل الإنساني لن يتوقف لفترة طويلة بسبب هذه المعضلة.

آثار معيشية:

فيما قالت مواطنة من منطقة مورني بغرب دارفور إن انهيار كبري مورني الذي يربط بين غرب ووسط دارفور له تأثيرات على الوضع الاجتماعي والاقتصادي، حيث أدى لارتفاع اسعار السلع القادمة من تشاد التي تعتمد عليها اغلب مناطق الاقليم، إضافة إلى تعرض شحنات الفواكه القادمة من جبل مرة للتلف بسبب عدم قدرة الشاحنات الوصول إلى الاسواق في غرب دارفور، وتسببت في خسائر كبيرة للتجار.

واشارت إلى ان هناك شاحنات تحمل مواد غذائية وصلت إلى منطقة مورني في اليومين الماضيين، لكن المحك كيف تصل تلك المساعدات إلى زالنجي بعد انهيار الكبري.

بينما قال مسئول في محلية أزوم طلب حجب اسمه ان انقطاع كبري مورني أثر بصورة كبيرة على الحياة بالمحلية خاصة ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية، مشيراً إلى ان سعر جوال السكر زنة 50 كيلوجرام ارتفع من 150 إلى 220 ألف جنيه، وسعر ملوة الدخن ارتفع من 10 إلى 15 الف جنيه، واضاف “جميع مناطق محليتي ازوم ورونقاتاس تأثرت بصورة كبيرة جراء انهيار الجسور الرابطة بين غرب ووسط دارفور، لأن اعتمادنا بصورة اساسية على السلع القادمة من تشاد، كما انه اثر على وصول المزارعين إلى مزارعهم. فيما كشفت زبيدة عوض احمد مواطنة من مورني عن عزل أسر عن بعضها جراء انهيار الكبري الأمر الذي أدى إلى تدهور الوضع المعيشي للأسر.

البدائل الممكنة:

نبهت المواطنة من منطقة مورني إلى انه لا توجد أية وسيلة لإيصال المساعدات الانسانية غير الاسقاط الجوي، واشارت إلى ان هناك طريق آخر هو (الجنينة- سرف عمرة) لكنه يمر كذلك بوادي باري، وهو يصعب عبوره في ظل غزارة هطول الامطار اضافة إلى سوء الأوضاع الأمنية في هذا الطريق.

وكانت قوات الدعم السريع التي تسيطر على 4 من ولايات دارفور الخمسة، قد اقترحت على الأمم المتحدة وفق ما جاء في مؤتمرها الصحفي بعد ظهر الأحد 25 أغسطس في جنيف، بأن يتم استخدام مطارات زالنجي والجنينة ونيالا والضعين في نقل الإغاثة، لكن الخبر في الشؤون الإنسانية، محمد الشاباك، استبعد هذا الخيار لأسباب تتعلق بأن الأمم المتحدة لن توافق على استخدام هذه المطارات دون موافقة حكومة بورتسودان التي تعتبرها السلطة السيادية. كما أن هذه المطارات تعرضت لخسائر كبيرة نتيجة إلى أنها كانت مسرحا لمعارك عنيفة باعتبارها أهداف استراتيجية ويتطلب إعادة تشغيلها عمليات صيانة واسعة للمدرجات وأبراج المراقبة والقدرات اللوجستية الخاصة بالتخزين والوقود. أخيرا، عمليات الإسقاط الجوي والنقل بالطيران باهظة التكلفة وتتعلق دائما بكميات محدودة مما يجعلها مستبعدة كخيار. فيما اشار الصحفي علاء الدين بابكر إلى انه ما لم تتدخل وكالات الامم المتحدة وتعيد تأهيل هذه الكباري والطرق التي قطعتها السيول فان الاغاثة لن تصل إلى المناطق التي تعاني من المجاعة.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *