محمد “كاس” يكتب: تأثيرات الحرب ومآلاتها.!!
محمد “كاس” يكتب:
“تأثيرات الحرب ومآلاتها.!!”
السودان بلد محوري في القارة الافريقية ولديها صلات مرتبطة بمعظم دول القارة لاسيما التعدد والتنوع الثقافي والديني والعرقي وتعد مركز مهم من مراكز القوة وإلهام لتطور ونما لهذا الشعب الطيب اذا تم استغلالها بشكل ايجابي ، كذلك التاريخ الناصع لهذا البلد العظيم إلا انها لم يتعافى من امراض التخلف طيلة العقود الماضية بعد خروج المستعمر الاجنبي وشهدت هذه البلدة حزمة من الصراعات منذ عام 1955م ولم تتوقف هذه الازمة لتاريخ اللحظة والسبب الرئيسي من نشوب واستمرار هذه الحرب هنا وهناك منذ عام 55 من القرن الماضي هو غياب الدستور الذي يحفظ للجميع حق المواطنة المتساوية بين ابناء وبنات هذا البلد العريق وغياب نظام لحكومة ذو كفاءة ودراية ووطنية تحمل في طياتها هموم الوطن والمواطن ، فالحكومات المتعاقبة على سدة الحكم اغفلت قضايا وهموم البلد الاستراتيجية وكانت بامكانها ان تؤسس لنظام حكم حقيقي يكون العلمانية و الديمقراطية والفدرالية انظمة تطبق في البلاد بدلا من الانقلابات العسكرية المشؤومة والهيمنة الأمنية على سياسة البلد ومواردها ، انشغلت السلطة القابضة بسياسة فرق تسد وافتعال صراعات دينية وعرقية في اطراف البلاد مما أثر تأثير سلبي على العلاقات البينية وسط المكونات الاجتماعية من جهة وبين الشعب والسلطة القابضة والمهيمنة من جهة اخرى وزاد وتيرة الحرب بدراوة الى ان وصلت العاصمة الخرطوم ودمرتها بما في ذلك الولايات التي لم تصلها الحروب والنزاعات طيلة وجودها.
الازمة التاريخية المتجزرة والمتراكمة في البلاد هذه نتيجتها الآن دفع المواطن البسيط فاتورتها من القتل والنهب والتشويه والاغتصاب والتشريد والتقطيع والنزوح واللجؤ لاكثر من نصف سكان البلد ، وفككت النسيج الاجتماعي ودهورت الاقتصاد وفرق بين ابناء وبنات البلد الواحد حتى اثرت على الاسر والاصدقاء والزملاء والمعارف بشكل سلبي لاسيما التدمير الكلي للبنية التحتية ومساكن المواطن وغيرها من الآثار السالبة التي انتجتها حرب 15 ابريل كنتيجة لتحول الصراع من الهامش الى المركز وضحيتها المواطن الأعزل المكلوم منذ عام 1955م حينما بدأت الخلاف قبل رفع علم ما يسمى بالاستقلال البعض يرى السودان اقليم من اقاليم يتبع لدولة جارة والبعض الآخر يرى ان السودان بلد مستقل لايتبع لأي دولة اخرى هذا من جانب والجانب المظلم من الصراع انزاك الخلاف الحاد في تحديد الهوية ومصدر التشريع وتقسيم السلطة وعائدات الثروة ومن هنا نتجت الصراعات الطبقية الإجتماعية ومعايير المواطنة والتهميش والشعب السوداني الآن يدفع فواتير ويسدد بارواح ابناءه وبناته وماله ويتألم من ويلات الحرب العبثية.
الشعب السوداني الآن مهان ويعيش في ذلة لم يعيشها من قبل ، السودانيون يغيثون دول قبل قرون والان تغاث من دول اضعف حالا من السودان في السابق أي لا وجود لها في الخارطة السياسية ، السودانيون يعيشون ويلات الحروب وكوارث صنعتها الكيزان في ألأرض ويضاف اليهم كوارث من السماء اغرقت البيوت ودمرت ما تبقى لهم من المخيمات وراح ضحية هذه الكوارث عشرات الارواح ، فهذه المصيبة التي وقعت في 15 ابريل يجب ان بتصدى لها جميع الشعب السوداني لان ارهقت الناس وجعلت المواطن لا يتحدث عن التعليم والصحة بل يتحدث عن الأمن والمأوى والمأكل .
التعافي من هذه المصيبة لا يتم إلا بإيقافها كليا ويتم التطرق بشكل شفاف وبتجرد وبدون شروط حول القضايا المحظورة سابقا المتمثلة في هيكلة المؤسسة الأمنية ذات مهنية واستقلالية ودمج كل الجيوش تحت جيش واحد وعقيدة واحدة يخضع للتوجيهات والاوامر من السلطة المدنية الديمقراطية وان يكون بعيدة من السلطة السياسية واقتصاد البلد اللذان يمثلان مصادر لصناعة القوة الباطشة والاستحواز والهيمنة والهمبتة وهذا نكون قد أسسنا لدستور جامع لم نؤسسه منذ تكوين الدولة يراعي للتعدد والتنوع والكثافة السكانية والمواطنة تكون اساس لنيل الحقوق واداء الواجبات دون تمييز او ارغام من جهة. هناك فرصة كبيرة لايقاف الحرب ومحتاج لتكاتف ووحدة الرأي بين الشعب السوداني ضد استمرار الحرب والاصطفاف مع القوى الرافضة للحرب خيراً من ان يكون المواطنين والمواطنات مطية ورهن للاجندة المخلفة تحت زريعة الكرامة.
محمد اسماعيل “محمد كاس”
30 اغسطس 2024م