تدفق أسلحة أجنبية الصنع لأطراف الصراع السوداني .. ومخاوف من توسيع نطاق الانتهاكات.

84

بلو نيوز الإخبارية: وكالات-

ترجمة: الطيب علي حسن

(نيويورك، 9 سبتمبر 2024م) – قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير، اليوم الاثنين، إن طرفا الصراع في السودان المسؤولان عن جرائم حرب واسعة النطاق وفظائع أخرى في الصراع الحالي، قد حصلا مؤخرًا على أسلحة ومعدات عسكرية حديثة أجنبية الصنع. وهنا، ينبغي على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تجديد وتوسيع حظر الأسلحة والقيود المفروضة على منطقة دارفور لتشمل جميع أنحاء السودان ومحاسبة المخالفين.

وفي سياق ذلك، قال الباحث الأول في الأزمات والصراعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش، جان بابتيست جالوبين: “يمثل الصراع في السودان أحد أسوأ الأزمات الإنسانية وأزمات حقوق الإنسان في العالم، حيث ترتكب الأطراف المتحاربة فظائع دون أن يعاقبوا، كما أن من المرجح أن تُستخدم الأسلحة والمعدات التي حصلت عليها أطراف الصراع حديثًا، في ارتكاب مزيد من الجرائم”. وأضاف جالوبين “نشر مقاتلون من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ منتصف عام 2023 صورًا ومقاطع فيديو لمعدات جديدة أجنبية الصنع، مثل طائرات “درون” بدون طيار المسلحة والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات”.

هذا، وقد حللت هيومن رايتس ووتش 49 صورة ومقطع فيديو، أغلبها صورت بواسطة مقاتلون من كلا طرفي الحرب، ونُشرت على منصات التواصل الاجتماعي “فيسبوك وتليجرام وتيك توك وإكس”، وتظهر المواد المحللة أسلحة اُستخدمت أو تم الاستيلاء عليها أثناء الصراع، كما أن المعدات الجديدة التي حددتها هيومن رايتس ووتش، والتي تشمل طائرات\مسيرات “درون” حربية بدون طيار، وأجهزة تشويش الطائرات المسيرة، وصواريخ موجهة مضادة للدبابات، وقاذفات صواريخ متعددة الفتحات مثبتة على الشاحنات، وذخائر هاون، أنتجتها شركات مسجلة في كل من الصين وإيران وروسيا وصربيا والإمارات العربية المتحدة. وبالرغم من ذلك، إلا هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من تحديد كيفية حصول الأطراف المتحاربة على المعدات الجديدة.

وتشير الأدلة المرئية الخاصة بهذه المعدات الجديدة التي لم يكن معروفًا أنها كانت بحوزة جهات سودانية من قبل، وكذلك الأدلة على استخدامها أيضا، إلى أن الأطراف المتحاربة حصلت على بعض هذه الأسلحة والمعدات بعد بدء الصراع الحالي في أبريل 2023، كما أنه وفي إحدى الحالات، تشير أرقام دفعات من هذه المعدات إلى أن الذخيرة تم تصنيعها في عام 2023.

ومنذ بدء الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في السودان في أبريل 2023، قُتل عدد لا يحصى من المدنيين، كما أن الملايين نزحوا داخليًا، هذا في حين يواجه ملايين آخرين المجاعة، وقد تستخدم كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع مثل هذه الأسلحة والمعدات الجديدة، لمواصلة ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات خطيرة أخرى ضد حقوق الإنسان، وهذا ليس فقط في دارفور، بل في جميع أنحاء البلاد.

وفي سياق ذلك، فمن المتوقع أن يقرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر ما إذا كان سيجدد نظام العقوبات على السودان، وهو نظام عقوبات يحظر نقل المعدات العسكرية إلى منطقة دارفور وقد تم إنشاؤه في عام 2004، عندما كانت دارفور مركزًا لصراع عنيف، كان قد شهد انتهاكات واسعة النطاق ضد حقوق الإنسان وجرائم حرب وتطهير عرقي. ورغم أن الصراع الحالي يؤثر منذ أبريل 2023، على معظم ولايات السودان، إلا أن أعضاء مجلس الأمن لم يتخذوا بعد خطوات لتوسيع حظر الأسلحة ليشمل البلاد بأكملها.

توضح هذه الأدلة الجديدة عدم كفاية قانون حظر الأسلحة الحالي الذي يقتصر على دارفور، وأيضا المخاطر الجسيمة التي يفرضها حصول الأطراف المتحاربة على أسلحة جديدة، وتوضح أيضًا، أن من شأن فرض حظر على الأسلحة على مستوى السودان أن يساهم في معالجة هذه القضايا، وذلك من خلال تسهيل مراقبة عمليات النقل إلى دارفور، وأيضا منع الحصول القانوني على الأسلحة لاستخدامها في أجزاء أخرى من السودان.

هذا وقد عارضت الحكومة السودانية مقترحا بتوسيع قرار حظر الأسلحة، كما أنها قد ضغطت على أعضاء مجلس الأمن في الأشهر الأخيرة، لإنهاء نظام العقوبات وإزالة حظر دارفور تمامًا.

إن انتشار الفظائع التي يرتكبها الأطراف المتحاربة، يشكل خطرًا حقيقيًا، حيث من المرجح استخدام الأسلحة أو المعدات الجديدة التي تحصل عليها الأطراف المتحاربة، لارتكاب انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مما سيؤدي إلى إلحاق مزيدا من الضرر بالمدنيين.

يُظهِر مقطعا فيديو قد تم التحقق من صحتهما، تم تصويرهما بواسطة طائرات بدون طيار، وتم نشرهما على حسابات مؤيدة للقوات المسلحة السودانية بوسائل التواصل الاجتماعي، مسيرات تهاجم أشخاصًا عُزَّلًا يرتدون ملابس مدنية في بحري (الخرطوم شمال)، حيث يُظهِر مقطع الفيديو الأول الذي نُشر على “إكس” بواسطة حساب موالٍ للقوات المسلحة السودانية في 14 يناير العام الماضي، طائرة مسيرة وهي تسقط قذيفتي هاون على أشخاص عُزَّل -كما يبدو- يرتدون ملابس مدنية، وذلك أثناء عبورهم شارعًا في مدينة بحري، الأمر الذي أسفر عن مقتل شخص واحد على الفور، كما أنه خلف أربعة آخرين سقطوا بلا حراك عقب الانفجار.

ويُظهِر مقطع فيديو آخر نُشر على حساب موالٍ للقوات المسلحة السودانية في 19 مارس 2024، طائرة بدون طيار”مسيرة” وهي تسقط متفجرات على أشخاص يرتدون ملابس مدنية كانوا يحملون شاحنة بأكياس من الحبوب أو الدقيق في باحة مزدحمة بإحدى مناطق مطاحن الدقيق ببحري، مما أدى إلى إصابة أو مقتل رجل سقط بلا حراك على الأرض، هذا ولا وجود لأي أسلحة أو معدات عسكرية بالقرب من المناطق المستهدفة في أي من المقطعين.

إن إنهاء حظر الأسلحة من شأنه أن ينهي عمل لجنة الخبراء المعنية بالسودان، خاصة أن اللجنة هي واحدة من الكيانات القليلة التي تزود مجلس الأمن بتقارير منتظمة ومتعمقة عن الصراع في السودان، وذلك منذ أن طالبت الحكومة الموالية للقوات المسلحة السودانية بنجاح بإغلاق بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الفترة الانتقالية في السودان في ديسمبر 2023م.

أيضا، واجه نظام العقوبات المتعلق بقرار حظر الأسلحة في السودان، العديد من التحديات منذ إنشائه، ومع أن لجنة الخبراء رفقة منظمة العفو الدولية، قد وثقت أن حكومات كل من بيلاروسيا والصين وروسيا قد انتهكت الحظر لسنوات، إلا أنه ومع ذلك لم تتم معاقبة سوى فرد واحد لانتهاكه قرار الحظر. وفي تقرير نُشر في يوليو، وجدت منظمة العفو الدولية أن “الأسلحة والمعدات العسكرية المصنعة حديثًا هي من دول مثل روسيا والصين وتركيا والإمارات العربية المتحدة، يتم استيرادها بكميات كبيرة إلى السودان، ثم تحويلها إلى دارفور”.

هنا وعلى أقل تقدير، يتعين على مجلس الأمن أن يمضي قدماً في “التمديد الفني” المخطط له وأن يحافظ على نظام العقوبات الحالي على السودان، والذي رغما عن محدوديته، إلا أنه يوفر لأعضاء الأمم المتحدة ومجلس الأمن تقارير وأدوات حاسمة لفرض العقوبات، كما يتعين على مجلس الأمن أيضاً أن يتخذ إجراءات أكثر صرامة في مواجهة انتهاكات الحظر الحالي، وخاصة من خلال فرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تنتهكه.

وفي سياق ذلك، أكد جالوبين: “يتعين على مجلس الأمن أن يوسع نطاق حظر الأسلحة المفروض على دارفور ليشمل كافة أنحاء السودان، وذلك للحد من تدفق الأسلحة التي قد تستخدم لارتكاب مزيد من جرائم الحرب”. وأضاف ” يتعين أيضا على مجلس الأمن أن يدين علناً حكومات الدول التي تنتهك حظر الأسلحة الحالي المفروض على دارفور وأن يتخذ كل التدابير العاجلة واللازمة لمعاقبة الأفراد والكيانات التي تنتهك الحظر”.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *