علي أحمد يكتب: (كباشي) الذي يقتل في السودان ويعزي في الكويت!
قديماً قيل: “تركت راجِلها ممدود ومشت تعزّي في محمود”، وهو مثل شعبي؛ يقال في كل عابثٍ لاهٍ مُختل الإدراك والأولويات، يترك مصائبه الشخصية ومصائب أهل بيته وينصرف إلى الانشغال بمصائب الآخرين، وهو ما ينطبق تماماً على حال شمس الدين الكباشي!
في الوقت الذي يتابع فيه كل العالم تطورات حرب الكيزان في السودان، وتوسع رقعتها الجغرافية، وفي نفس الساعة التي كانت فيها جموع المواطنين تتزاحم من أجل الخروج من مدينة ود مدني بعد أن تأكد سقوطها، فاجأ شمس الدين كباشي شعبه كما كل من يتابع مجريات الحرب في بلادنا، بظهوره في مطار بورتسودان وهو يرتدي البدلة السوداء والنظارة السوداء؛ ويقدل في السجادة الحمراء وكأنه “دينزل واشنطن” في ليلة جوائز الأوسكار، وكأن شيئاً لم يحدث في بلادنا، ترتسم على وجهة ابتسامة كبيرة لا تتناسب والمناسبة التي ذاهب إليها، والتي عرفناها من وكالة السودان للأنباء (سونا)، حين أعلنت أنّه في طريقه إلى الكويت، لتقديم واجب العزاء في وفاة أميرها الراحل، المغفور له الشيخ نواف الجابر الصباح، رحمه الله.
والكويت لها يد سالفة ودين مستحق على رقاب جميع السودانيين، ولا تزال تعمل مع شقيقاتها الدول الخليجية الأخرى من أجل اعانة وغوث السودانيين المتضررين من الحرب، ولكنها قطعًا لم ولن تتوقع أن مسؤولاً سودانياً (مسؤول) تشهد بلاده حرباً لا مثيل لها في الفظاعة والبشاعة سيأتي لتقديم واجب العزاء، وهو أمر كان يُمكِن الاستعاضة عنه ببرقية، بدلًا من هذه الخِفة والعبث وتبديد الموارد في ما لا يفيد الناس، والذي يُجيب بكلِ وضوح على سؤال أين ذهبت الإغاثة الكويتية المخصصة لضحايا الحرب؟.
أي عدم مسؤولية هذا؟ وأي كلمة يُمكن أن تكتب أو جملة تُقال في رجلٍ ترك عزاؤه الشخصي المُمتد على مساحة الوطن ليذهب معزياً في فقد زعيم دولة أخرى، بينما كل بيوت دولته تحولت إلى سرادق عزاء؟!، ثم بأي وجه سيقابل الرجل صاحب الجلد (التخين) المسؤولين في الكويت، وماذا سيقول لهم والعار يكُلله من رأسه حتى أُخمص قدميه، وشرفه العسكري قُدَّ مِن دُبر ومن قُبلٍ، كما شرفه الشخصي الذي يشهد به فساده الذي ملأ السمع والأبصار واستقر في الأفئدة، وهل يظن أنّ الناس يعدونه من البشر الأسوياء حتى يتبادل معهم الموجبات الإنسانية وهو الخالي من أي فضيلة وقيمة إنسانية؟، والعالم لن ينسى أنه من ظهر ليعلن ببرودٍ إجرامي، أنه ومن معه قتلوا الشباب والشباب العزل، وارتكبوا مجزرة القيادة ورموا بالشباب وهم أحياء مقيدين في أعماق النيل، مختزلاً كل تلك الجرائم الفظيعة في عبارة(حدث ما حدث)!
لا شكّ أنّ زيارته هذه ليست لديها أي قيمة دبلوماسية أو إنسانية فالذي يعجز عن تضميد وترميم جرحه لن يكون قادراً على فعل ذلك مع جراح الآخرين، والذي يفشل في رفع الحزن عن شعبه لا يمكنه مواساة شعب آخر. هذه زيارة ضررها أكبر من نفعها، وليس ورائها سوى غرض شخصي، وهو في الغالب – وبناءً على ما جُبِّل عليه الرجل من ضِعةٍ وخسةٍ و(نُدرة) كرامة النفس وإباءها، يطمع في بعض العطايا (الخليجية) التي ربما تعينه في أيامه المقبلة كالحة السواد، ومعلوم عنه مدى انفتاح شهيته لأكل أي شيء يمكن التقاطه وأينما وجِدّ، حتى لو كان على جثث السودانيين!
لعنة الله على الكباشي وبرهانه ومن شايعهما إلى يوم الدين – آمين.