ما بين الإمام الهادي المهدي والقائد “حميدتي” .. رفض الغطرسة “المصرية”.

89

ما بين الإمام الهادي المهدي والقائد “حميدتي” .. رفض الغطرسة “المصرية”.

محمد أفندي الأنصاري..

ما أشبه الليلة بالبارحة! ففي ذلك اليوم التاريخي العظيم، الذي بعث فيه الإمام الهادي المهدي خطابًا كان يفيض بالحقائق إلى رئيس الدولة المصرية وقتها، جمال عبد الناصر، وتحديدًا في السابع والعشرين من ديسمبر 1969م، بعد أشهر من انقلاب مايو المشؤوم، حيث أشار فيه إلى أن العلاقة بين بلدينا كان يمكن أن تقوم على العقل والعدل والحكمة وتبادل المنافع والمصالح، ولكن السلطة المصرية ألحقت الأضرار بالمصالح الحيوية لبلادنا.

كانت هناك سلسلة من المآسي المحزنة التي تسببت في العديد من الهزات على العلاقة بيننا، فعندما وقع انقلاب 1958م وتم تعطيل الحياة الدستورية، سارعتم بتأييدكم وتشجيعكم للانقلاب، بل سارعتم بتعديل اتفاقية مياه النيل ووقعتم اتفاقية جديدة ظالمة ومجحفة. ليس ذلك فحسب، بل عندما هب الشعب السوداني في انتفاضة أكتوبر 1964م، ناصبتموها العداء وظللتم تضعون العراقيل في طريقها. بل تأكد لنا بما لا يدع مجالًا للشك أن مخابراتكم كانت وراء كل الانقلابات.

مع أن السودان في حرب 1958م وضع نفسه تحت تصرفكم مراعاة لحسن الجوار، وفي العام 1967م سارعت بلادنا إلى الوقوف إلى جانبكم ضاربة بعرض الحائط علاقاتها مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. بل عقدنا مؤتمر قمة عربي لاستقطاب الدعم للأضرار التي لحقت بكم، لكن كان جزاء السودان جزاء سنمار. تاريخ طويل من المظالم والانتهاكات والاستئثار بالموارد والمقدرات.

إلى هنا انتهت الرسائل التي بعث بها زعيم المعارضة وقتها، والذي كان يمثل الأغلبية باستثناء الحزب الشيوعي وبعض الموصومين وقتها بعدم الولاء للوطن.

نصف قرن ونيف من الزمان، ومصر ماضية في غيها وظلمها وانتهاكاتها، ولا أحد يجرؤ على مواجهتها، لأنهم غارقون في العمالة والارتهان. وظلوا في حالة من الإذعان حتى جاء خطاب السيد محمد حمدان دقلو، الذي أرسل رسالة شديدة اللهجة تحمل في طياتها نفس المضامين الثورية والوطنية الخالصة، مؤكدًا رفضه للظلم والضيم. وأكد أن الشعب الذي هزم الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس لن يقبل بالغطرسة المصرية.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *