مكاسب “القاهرة” من الحرب في السودان .. حقائق جديدة تتحدى الحياد المُعلن.
أخطر “تقرير” يفضح تآمر “مصر” على السودان.!!
توطئة:
اتخذت الأزمة السودانية منحنى تصعيديًا بعد اتهام محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، مصر بالتورط عسكريًا في الحرب إلى جانب الجيش السوداني. جاءت هذه التصريحات في خطابه يوم الأربعاء 9 أكتوبر، حيث كشف عن مشاركة مصرية مباشرة في الحرب. كما كشف بيان لاحق حمل توقيع الناطق الرسمي للقوات، بأن القصف الجوي المصري منذ بداية الحرب أدى إلى مقتل آلاف الجنود، بينهم أربعة آلاف قتلوا في معسكر “كرري” بأم درمان، أثناء استعدادهم للمغادرة إلى السعودية للمشاركة في عملية “عاصفة الحزم”. وأضاف أن التدخل المصري لا يزال مستمراً، مشيرًا إلى أن مصر دعمت الجيش السوداني بأسلحة وذخائر وطائرات، وكان آخر تدخلها مشاركتها الأسبوع الماضي في قصف قوات الدعم السريع بمنطقة “جبل موية” في ولاية سنار.
نفي مصر ولغة منحازة:
في رد سريع، نفت وزارة الخارجية المصرية بشكل قاطع اتهامات حميدتي، حيث جاء في بيانها أن “الطيران المصري لم يشارك في أي عمليات عسكرية داخل السودان”. إلا أن البيان المصري وصف قوات الدعم السريع بـ”ميليشيا”، وأغفل الإشارة إلى حميدتي برتبته العسكرية، مما أثار تساؤلات واسعة حول حياد مصر في الحرب الدائرة. واعتبر مراقبون أن البيان المصري كتب بلغة منحازة، تعزز الشكوك حول وقوف مصر إلى جانب الجيش السوداني في الحرب.
الدعم السريع تقدم أدلة مادية على تورط مصر:
ردت قوات الدعم السريع ببيان جديد أمس الجمعة 11 أكتوبر، أعربت فيه عن استغرابها من النفي المصري، مؤكدة وجود أدلة مادية تثبت تورط مصر. وأعلنت عن أسر قواتها لجنود وضباط مصريين، وصفوا في البيان بـ”المرتزقة”، الذين شاركوا إلى جانب الجيش السوداني في الحرب. وأضاف البيان أن الدعم المصري لم يقتصر على الطيران، بل شمل إرسال أسلحة وذخائر، بالإضافة إلى تقديم التدريب العسكري للجيش السوداني.
توتر العلاقات ودلالات الدعم المصري:
العلاقات بين مصر والسودان تاريخية ومعقدة، يشوبها عدم التكافؤ واستغلالها الدائم لصالح مصر، لكن الأزمة الحالية أضافت بعدًا جديدًا لتلك العلاقة. إذ يعتقد بعض المحللين أن مصر تدعم الجيش السوداني فقط للحفاظ على نفوذها في السودان، حيث كان الجيش السوداني عبر التاريخ أداة لتحقيق مصالح مصر. ويرى هؤلاء أن قوات الدعم السريع تمثل تهديدًا لهذا النفوذ، الذي وصفه البعض بـ”الاستعمار الخفي”.
وعلى الرغم من أن مصر تعلن موقفًا ظاهريًا لدعم الحل السياسي، فإن تورطها المزعوم في الحرب يثير تساؤلات حول نواياها الحقيقية. مراقبون سودانيون يؤكدون أن مصر تعمل بشكل خفي على تأجيج الصراع ودعم الجيش السوداني في المعارك.
مكاسب مصر من الحرب السودانية:
يرى محللون سودانيون أن مصر هي أكبر المستفيدين من الحرب في السودان، على الرغم من مواقفها المعلنة ضد هذه الحرب. ووفقًا لخبير سوداني مختص في الأمن المائي، فإن مصر أصبحت تستخدم كامل حصة السودان من مياه النيل (18.5 مليار متر مكعب) بسبب عدم استغلالها نتيجة للحرب. قائلاً إن مصر توقفت عن الشكوى والتذمر من قضية ملء سد النهضة الإثيوبي بعد أن وجدت تعويضًا كبيرًا في استغلال حصة السودان من المياه، فهي كانت بين أمرين (تقرأ بين حربين) لتعويض أزمة المياه التي كانت تقلقها أثناء فترة ملء خزانات سد النهضة التي تتراوح بين 4 إلى 7 سنوات، أما خوض حرب مكلفة غير مأمونة العواقب مع إثيوبيا، أو إغراق السودان في فوضى تديرها من وراء ستار، وقد اختارت الأمر الثاني.
وأشار خبير اقتصادي سوداني مقيم في مصر إلى أن مصر استفادت من تهريب الذهب السوداني إليها بعد الحرب، ما جعلها تحتل المرتبة الثالثة في أفريقيا في احتياطي الذهب بـ126 طنًا.
وقال الخبير الاقتصادي إنه بالإضافة إلى ذلك، فإن المنتجات الزراعية والحيوانية السودانية تهرب إلى مصر، حيث تستقبل مصر آلاف الشاحنات المحملة بالماشية يومياً، رغم إغلاق البوابات الحدودية في وجه اللاجئين السودانيين. وأوضح الخبير أن مصر تستثمر حتى في مأساة اللاجئين السودانيين وذلك عبر فرض رسوم للإقامة وتشترط تحصيلها بالدولار لسد النقص الذي تعانيه في العملة الصعبة، هذا بالإضافة إلى تحويلات السودانيين في الخارج التي تُقدّر بحوالي 3 مليارات دولار سنويًا، أغلبها يأتي من المغتربين في الخليج وأوروبا وأمريكا.
خاتمة:
وسط تصاعد الاتهامات المتبادلة بين مصر وقوات الدعم السريع، يزداد تعقيد الأزمة السودانية وتأخذ بعداً إقليمياً. إذ إنه في الوقت الذي تسعى فيه الأطراف الدولية والإقليمية لإيجاد حل سياسي، تشير مؤشرات عديدة إلى أن مصر تخادع هذه الأطراف الدولية والاقليمية وتستفيد من استمرار هذه الحرب. ويظل مستقبل العلاقات بين مصر والسودان مرهونًا بالتطورات المقبلة في هذه الحرب، خاصة في ظل تكشف الحقائق حول الدور المصري.
ولا شك أن السودان ليس وحده الذي يتغير بعد الحرب، بل ستتغير أيضاً علاقاته القديمة، وأولها علاقته بمصر.