انتهازية السلوك وقَبَلية الدم .. النهاية الوشيكة والحتمية لحركات “مناوي” و”جبريل”.!!

20

انتهازية السلوك وقَبَلية الدم .. النهاية الوشيكة والحتمية لحركات “مناوي” و”جبريل”.!!

تُمثّل حركات مناوي وجبريل نموذجاً صارخاً لانهيار القيم، وضياع المبادئ في السياسة السودانية؛ فقياداتها تتقمّص وتقوم بدور زعماء العصابات، حيث أضحى ولاؤها للمال يتجاوز أي ارتباط بمبادئ نضالية حقيقية. تتنقل هذه الحركات بين التحالفات مثل الرياح، باحثة عن المكاسب المالية أينما وُجدت، دون تردد في بيع مواقفها لمن يقدم العرض الأعلى. فمن الارتزاق في تشاد وليبيا وجنوب السودان، إلى اتفاقاتها المخزية مع النظام السابق، الذي جاد لها بفتات السلطة والثروة، لم تتورع هذه العصابات في تغيير مواقفها كلما لاحت لهم فرصة للكسب.

في بداية حرب 15 أبريل، كشفت هذه الحركات عن وجهها الحقيقي، حيث سارعت إلى ترتيب تفاهمات مع قوات الدعم السريع، متظاهرة بالحياد كغطاء للخداع والمزايدة، في انتظار من يدفع أعلى سعر. وعندما رفضت قوات الدعم السريع مطالبها المالية، هرعت إلى التحالف مع جيش النظام، متناسية شعاراتها ومشروعها السياسي، بل متناسية حتى الضحايا الذين سقطوا بسلاح ذات الجيش، لكن ميدان القتال كشف هشاشتها، حيث ظهرت بانسحاباتها المستمرة لدرجة أن أعلام الجيش وصفها بالتخاذل والانتهازية.

تاريخ هذه الحركات موغل في الفظائع؛ إذ عانت دارفور أهوالاً على أيديهم، بدءاً من تصفية أبناء الميدوب على يد قوات جبريل، وصولاً إلى مجازر حركة مناوي في مهاجرية وبُرام وشنقل طوباي وقرى كورما. ومن أبناء البرقد إلى الزغاوة، أريقت الدماء واستُهدف المدنيون الأبرياء بسبب انتماءاتهم القبلية. قتل المئات من الطلاب لمجرد حملهم بطاقات هوية تشكك الحركات في انتمائاتهم.

الواضح أن هذه الحركات تتلاعب بالانتماء القبلي كأداة لاستقطاب الأتباع، فتعاملهم كأنهم قطعان، تحت إمرة قادة لا يرونهم سوى أدوات لخدمة مصالحهم الضيقة. ومع إدراك سلطة الأمر الواقع في بورتسودان عبثية الاعتماد على هذه الفصائل، بدأت في إجراءات استبدالهم تدريجياً بمليشيات اخرى.

ورغم انتهازيتهم المفضوحة، لا تزال قيادات الحركتين تحاول إعادة تموضعها، كما فعل مناوي الذي لجأ مجدداً لاستجداء الدعم من قوات الدعم السريع، مجسداً أسوأ صور الفساد والانتهازية.

ولا يجب أن ننسى أن هذه الحركات كانت جزءاً أساسياً من اعتصام “الموز” المشؤوم بجانب النظام البائد، وشاركت في انقلاب 25 أكتوبر، خيانةً لأهداف الثورة. إن فهم هذه الحركات للسلام لا يختلف عن فهمها للحرب؛ فكلاهما مجرد وسيلة لتحقيق مصالحها الخاصة دون أي اعتبار للوطن أو الشعب.

تاريخ الحركتين يعكس افتقارهما لأي نضال حقيقي، حيث تأسست حركة مناوي عام 2004 بعد انشقاق قبلي عن حركة عبد الواحد نور، فيما نشأت حركة جبريل عام 2001 لتعميق الانقسامات القبلية والانتماءات الضيقة، بعيداً عن أي نضال حقيقي لأجل الوطن.

اليوم، تجد هذه الحركات نفسها في مأزقٍ حقيقي، بعد أن فقدت مكانتها ونفوذها في دارفور، وهي تواجه خطر السقوط الأخير. فآخر معاقلها في الفاشر باتت على مشارف الانهيار، وعند سقوطها – وهو أمر بات مسألة وقت فقط – ستغلق الأبواب أمامها، لتُطوى صفحة مليئة بالانتهازية والخيانة.

 

يعيش مناوي وجبريل آخر أيامهم في حضن تحالف بورتسودان، المنهار هو الآخر، إذ تتعرض قواتهم لمحاصرة وهجوم قوي ومستمر من قبل قوات الدعم السريع، في أجزاء محددة متبقية من مدينة الفاشر، بعد سيطرة الدعم السريع على أغلب المدينة. هذا الانهيار الوشيك يمثل نهاية محتومة لحركاتٍ أثبتت أن ولاءها لم يكن سوى للمال والنفوذ، ولو كان ذلك على حساب القبيلة وشبابها ومقدراتها، وأن انتهازيتها قادتها إلى طريق مسدود ليس فيه غير فناءها.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *