همجية “الأوباش” في مظاهرة “لندن” .. تدمّر إرثًا سودانيًا وبريطانيًا عريقًا.!!
بلو نيوز الإخبارية:
رصد إدراك
شهدت الاحتجاجات التي نظمها أنصار النظام السابق (الإخوان) خلال زيارة وفد القوى الديمقراطية المدنية (تقدّم) برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك إلى العاصمة البريطانية لندن الأسبوع الماضي، فضيحة كبرى وتدهورًا حضاريًا وثقافيًا كبيرًا، جسَّد الانحطاط المريع الذي شهده السودان طوال ثلاثين عامًا من حكم الإخوان المسلمين.
وتناول بعض الصحفيين والمراقبين الغربيين هذا الحدث الاستثنائي، واصفينه بأنه سلوك همجي غير متحضر لم تشهده مدينة لندن من قبل، التي انطلقت منها القيم الديمقراطية إلى العالم. وقالوا إنها ربما تكون هذه التظاهرة أول تظاهرة شهدتها المدينة تطالب بالحرب والحكم الاستبدادي ضد دعاة السلام والحرية والديمقراطية.
صرّحت إحدى الصحفيات بأن لندن، المشهورة بتاريخها العريق في مجال السلام، شهدت مشهدًا غير مألوف هذا الأسبوع؛ إذ شهدت مظاهرة مؤيدة للحرب أمام تشاتام هاوس، إحدى أبرز المؤسسات السياسية العريقة بالمدينة في الشؤون الدولية.
ووصفت الصحفية البريطانية المستقلة، هولي ستينغز، الحدث بأنه يمثل انحرافًا فريدًا ومزعجًا عن تقاليد المدينة العريقة في بناء السلام ومناهضة الحروب والديكتاتوريات.
وأضافت ستينغز، أن لندن شهدت على مر السنين عددًا لا يُحصى من التجمعات المناهضة للحرب، من مسيرات مليونية لتحالف “أوقفوا الحرب” ضد غزو العراق إلى المظاهرات الأسبوعية التي تدين الحرب والعنف المستمر في غزة وأوكرانيا. إلا أن هذه التظاهرة المؤيدة للحرب كانت الأولى من نوعها في المدينة، ما يبرز مفارقةً تاريخية غريبة وخطيرة ومُهددة.
وذكرت أن الاحتجاجات العامة في المدينة كانت توحّد الناس ضد الحرب وتدعو للسلام والحلول الدبلوماسية. إلا أن التظاهرة التي جرت أمام “تشاتام هاوس” كسرت هذا النمط، حيث دعمت العمل العسكري والتحالف مع الدكتاتورية العسكرية في السودان، في تناقض صارخ مع روح لندن المناهضة للحرب منذ زمن طويل. فقد تجمّع بعض المحتجين، وارتدى بعضهم زيًا عسكريًا، ورددوا شعارات بالعربية، مثل “جيش واحد، شعب واحد”، التي تعبّر عن الولاء للجيش السوداني.
وأثار توقيت المظاهرة المؤيدة للحرب استفزازًا كبيرًا، حيث تزامنت مع فعالية في “تشاتام هاوس” حضرها الدكتور عبد الله حمدوك، رئيس وزراء السودان السابق إبان فترة الانتقال الديمقراطي التي انقلب عليها قائد الجيش، والمدافع البارز عن السلام، لمناقشة سبل وقف إطلاق النار والاستراتيجيات المحتملة لحل سلمي للصراع في السودان. أما الاحتجاج في الخارج، فقد شكّل تذكيرًا واضحًا بالانقسامات العميقة داخل المجتمع السوداني وبالتحديات التي تواجه الساعين للسلام.
وقد أعرب البعض عن مخاوفهم من أن تهدد تصرفات المشاركين في المظاهرة – ومعظمهم من طالبي اللجوء السياسي الذين يقولون إنهم هربوا من الاضطهاد – قيم الديمقراطية الغربية وتقاليد لندن العريقة الداعمة للسلام. فبينما تحمي الديمقراطية حق التعبير، فإنها تدعم أيضًا قيم السلام والأمان.
وذكر شهود عيان أن المظاهرة شهدت توترًا ملحوظًا مع تزايد وجود الشرطة، حيث راقب الضباط التظاهرات عن كثب بينما بدأت تنحرف نحو تصرفات غير منضبطة وعنيفة، ما أثار تساؤلات حول حدود حرية الاحتجاج عندما يتقاطع الأمر مع الدعوة للعنف.
وفي تصريح لطبيب بريطاني من أصل سوداني، قال إنه نشأ على فخره بتحضّر الشعب السوداني، لكن هذا الفخر اهتزّ بعد مشاهدته للمظاهرة المؤيدة للحرب والتي وصفها بالهمجية، مشيرًا إلى أن المتظاهرين كانوا يتصرفون تصرف الرعاع.
وقال مهندس برمجيات سوداني مقيم في لندن، إن الكاتب السوداني الكبير الراحل الطيب صالح، الذي أحب لندن وأحبته، لم يشهد مثل هذه التظاهرات. وأضاف، “لو كان حيًّا لعرف من أين أتى هؤلاء!”، في إشارة لانتقاده لنظام “الإنقاذ”.
أجمع المراقبون على أن هذه المظاهرة الفريدة ضد السلام تسلّط الضوء على الحاجة الملحة لتحرك بريطاني يسعى لإيجاد حل سياسي سلمي لحرب السودان، ليس فقط لحفظ الأرواح، ولكن للحفاظ على روح الاحتجاج السلمي التي عرّفت لزمن طويل الأماكن العامة في لندن.
يذكر أن السودان شهد تدهورًا شديدًا خلال فترة حكم الإخوان المسلمين برئاسة عمر البشير، امتد ليشمل التعليم، الثقافة، والفنون، إضافة إلى الحياة السياسية، وأدى إلى انقسامات مجتمعية ودينية وعرقية خطيرة. كان الأخطر من ذلك هو تدمير الإنسان السوداني، على النحو الذي ظهر في مظاهرات لندن الأخيرة!