على درب الشهداء .. وفاءً لأرواحهم السامقة وعهدًا غليظًا للأشاوس في ميادين الشرف والقتال.

25
IMG-20250102-WA0038

على درب الشهداء: وفاءً لأرواحهم السامقة وعهدًا غليظًا للأشاوس في ميادين الشرف والقتال.

حذيفة أبونوبة..

لم يكن عام 2024م الذي انقضى مجرد أيام طواها الزمان، بل كان عامًا مليئًا بالتحولات الكبرى في مسار معركة الدفاع عن النفس والوجود التي خاضتها ولا تزال قوات الدعم السريع ضد جيش الصفوة الأيديولوجية الغادر وكتائبه الإرهابية. وقد دشن محفل وداعه قائدنا الهمام الفريق أول محمد حمدان دقلو، بخطاب تاريخي واضح وحاسم، جدد فيه العزم من أجل هزيمة الشر وسحق مشاريع الدولة القديمة، وبناء دولة سودانية جديدة موحدة تعبر عن تطلعات الشعوب السودانية وآمالها.

شهد العام المنقضي العديد من الوقائع والتحولات العظيمة، التي أحدثتها الانتصارات الحاسمة والمستحقة التي حققها الأشاوس في مختلف محاور القتال، والتي بلغت ذروتها بالسيطرة الكاملة على أكثر من 75% من مساحة السودان. هذا التحول الجذري في مسار المعركة الذي نقلها من الدفاع عن النفس والوجود إلى الانتصار الشامل، الذي يهدف إلى استكمال مسار الثورة التراكمية من خلال مشروع سياسي متكامل وعقد اجتماعي جديد لبناء دولة جديدة على أنقاض دولة ما بعد الاستقلال، محميًا بإرادة السودانيين الأحرار وعزيمة الأشاوس الأبطال.

كما لم يكن الأول من يناير 2025 مجرد تقويم جديد ينقلب فيه الرقم على ساعة الزمن؛ بل نافذة مشرعة على عهد جديد، عهد سطرته دماء الشهداء العظماء الذين كتبوا بحياتهم فصلاً خالدًا في كتاب الوطن. في هذا اليوم، نجد أنفسنا أمام ذاكرة عامرة بالمآثر وأمام أرواح ارتقت لكنها لم تغب، بل بقيت تضيء درب الحرية والنضال لشعب بذل دماءه ودموعه من أجل الكرامة والعدل.

منذ اندلاع نيران الحرب في الخامس عشر من أبريل، تلك الحرب التي أشعلها جيش الحركة الإسلامية وأحاطها بكتائب الإرهاب والغدر، تكشّف معدن الرجال. حيث وقف أشاوس قوات الدعم السريع في وجه الطوفان كالجبال الراسيات، يصدون موجات الحقد والعدوان بقلوب لا تعرف الخوف وبأيدٍ تمتد حانية لإعادة رسم ملامح السودان الواحد المنشود.

على جبهات القتال الممتدة من الخرطوم إلى دارفور، ومن كردفان إلى سنار والنيلين الأزرق والأبيض وفي الشمال الأقصى، وقفت قوات الدعم السريع شامخة كالطود كأنها فصول من ملحمة أسطورية. كانت المعارك قاسية، والموت قريبًا، لكن بعزيمة الرجال الأشاوس الذين كانوا أعظم من الموت نفسه، تحقق النصر ولا يزال. لم يكن الشهداء مجرد أسماء أو كلمات، بل كانوا معانٍ وأغانٍ ترددها الريح في فيافي السودان وسهوله، وصورًا تخلدها النجوم في ليالي الوطن الطويلة. جسدوا باختلاف سحناتهم وقبائلهم واتجاهاتهم الجغرافية نموذجًا فريدًا للسودان الواحد، الذي حاول الأوغاد تقسيمه. إن وحدة السودان أرضًا وشعبًا، هو العهد والميثاق القوي الذي بيننا وسنمضي فيه حتى آخر قطرة دم.

لقد كتب هؤلاء الأبطال بدمائهم قصيدة لا تنتهي عن التضحية والانتماء. كانوا من كل أطياف السودان وألوانه ولهجاته، جمعهم حلم واحد: وطن يسع الجميع، وطن لا يقاس فيه الناس بموازين القوة أو الثروة، بل بقيمة الإنسان في ذاته. كانوا يقاتلون لا للانتقام، بل ليعيدوا للشعب حقه المسلوب، وليكسروا قيود التهميش التي أرهقت السودانيين عبر عقود.

إن هذه الحرب، التي حاول أعداء الوطن جعلها نارًا تلتهم كل شيء، تحولت إلى منصة أعادت إحياء الأمل في صدور السودانيين. ومع كل تقدم أحرزته قوات الدعم السريع، كانت المعركة الحقيقية تتجلى: معركة بناء وطن جديد، وطن تذوب فيه الفوارق، وتتلاشى فيه الحدود المصطنعة بين القبائل والمناطق، وتعلو فيه قيمة الإنسان، وتسوده العدالة والمساواة والأخاء.

إن الشهداء الذين ارتقوا لم يكونوا مجرد أرقام في سجل التاريخ؛ بل كانوا مشاعل تضئ طريقًا محفوفًا بالأشواك والمخاطر. أرواحهم تحوم فوقنا، تذكرنا أن العهد معهم ليس مجرد كلمات، بل فعل ومشروع وأمل يتجدد مع كل شروق. لقد حمل أشاوس قوات الدعم السريع البواسل رايتهم، ولم يقتصروا على التصدي للعدوان، بل حملوا على عاتقهم أحلام المهمشين والمبعدين، الذين رأوا فيهم نموذجًا صادقًا يعبر عن تطلعاتهم ووجودهم الإنساني.

في معركة الدولة الجديدة العادلة، نحن مدينون لهؤلاء الشهداء بأكثر من الذكرى؛ نحن مدينون لهم بوطن متحرر من القيود، متصالح مع ماضيه ويُبنى مستقبله على أسس السلام والحرية والكرامة. لقد علمونا أن النصر ليس فقط في الميدان، بل في بناء مؤسسات تحترم الإنسان، وتحقق العدالة التي طال انتظارها.

على درب الشهداء نمضي، نحمل قضيتهم التي هي قضيتنا في أرواحنا، ونعاهدهم أن نبقى أوفياء لدمائهم التي روت أرض السودان. هذا العهد ليس مجرد حديث منثور، بل وعد بحياة جديدة، وملحمة تكتمل فصولها يومًا بعد يوم، حتى تشرق فجر الدولة الحرة الجديدة التي تليق بتضحياتهم. الرحمة والمجد لهم في عليائهم.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *