إبراهيم مطر: من دفاتر حرب التحرير .. الدائرة تدور على إخوان الشياطين

إبراهيم مطر: من دفاتر حرب التحرير .. الدائرة تدور على إخوان الشياطين
(سيكتب فوق الشواهد من بعدنا بأنا عشقنا كثيراً وأنا كتبنا بدم الشغاف كما لم يقل شاعر قبلنا/ سيكتب فوق الشواهد من بعدنا/ بأنا وقفنا بوجه الردى وقوفاً جميلا/ وأنا انحنينا قليلاً لتمضي الرياح إلى حتفها/ وأنا سقطنا/ سقوطاً نبيلا)
والكلمات للراحل الفخيم “عبدالله شابو” في واحدة من لحظات رثاء الإنسان لنفسه، حين يلح عليه إدراكه لطبيعته المؤقتة، فيتطلع إلى ما قد يترك خلفه من إرث وأثر. كلمات ترافق سيرته في زمان ما بعد الرحيل، وتعزي إدراكه لرحيله المؤكد والمحتوم.
وبذات اليقين الذي كتب به “شابو” كلماته، تمضي بنا حرب أبريل ضد إخوان الشياطين القتلة إلى تمام الوثوق بالنصر المؤزر، والتاريخي والمشهود. سيكتب فوق الشواهد من بعدنا بأنا هزمنا الدواعش فقها آخر الزمان من المجرمين، وإنا أذقناهم ما ظل يتجرعه السودانيون من أوجاع لما يقارب الأربعة عقود، أقام الإسلاميون فيها نظامهم على أسنة الرماح، وأنا أقمنا دولة المواطنة على أنقاض دولة كرتي العنصرية، والكارهة للسواد الأعظم من جموع السودانيين.
وفي هذه المرحلة من حرب أبريل، يُمنى الدواعش بهزيمة قاسية في محور المهندسين على أيدي جيش التحرير التأسيسي، فقتل العشرات من عناصر مليشيات البراء الإجرامية،ممن تولوا كبر الذبح وقطع الرؤوس في فيديوهات متداولة على الوسائط، لم تلق إلا النذر اليسير والخجول من الإدانات. بعضهم قال إن هذه “تصرفات فردية”، بينما أقر العدد الأكبر ذبح العزل قائلاً بأن “لا ضير في ذبح المتعاون”، “إنت عارف المتعاون دا عمل شنو؟”، على الرغم من أن الفيديوهات توثق أن لا أحد على وجه الأرض يعرف ما الذي فعله هذا المتعاون المفترض سيء الحظ، كما إن الزمن الفاصل بين الاستجواب والاعدام والذي لا يتجاوز الثواني المعدودة – في غالب الفيديوهات – لا يكفي للتحقق من شيء.
توحش كثير من الناس بعد أن دخلت العنصرية والجهوية كسلاح في الحرب، وتفشى خطاب الكراهية بين السودانيين بفعل الغرف الإعلامية للحركة الإجرامية. لكن وللغرابة تحول هؤلاء الوحوش الذين يجدون ألف مبرر لذبح السودانيين ولا يمانعون إن لم يكن ثمة مبرر ولا سبب لقتلهم. بكوا بالدمع السخين على قتلى كتائب البراء بن مالك الداعشية في معركة المهندسين، وأطلقوا عليها لقب “مذبحة الصالحة ضد المدنيين”، ليفاجأ الناس في اليوم التالي بصور لعدد من هؤلاء “المدنيين المزعومين”، وهم يرتدون زي الجيش العسكري، ويربطون العصابات الحمراء المميزة لدواعش “البراء بن مالك”، مرفقة بنعي مبذول على الوسائط، يقرر أنهم من قتلى المليشيا المجرمة. فما الذي يجعل الدم دماً عندما ينزف الدواعش، ويجعل الدم ماءً حين تقرر مجموعات كبيرة من البشر أن ذبح المدنيين غير المقاتلين من الرجال والنساء والأطفال من قبائل إثنيات غرب السودان هو مما يثاب عليه المؤمن بحسب ما أفتى ولي الله الفقيه “علي كرتي”؟!
قال أحد جنود الجيش يستجوب مواطناً سيء الحظ بعد اعتقاله “إنت من وين؟” أجاب المعتقل من “الدبب”، فصرخ أحدهم “ظهر الحق”! وانهالت عليه كل القوة ضرباً بالسياط. كان أحدهم يسأل “أنت “عُمران واللا إنت شنو؟”، يسأله إلى أي بطون وافخاذ القبائل ينتمي، فلا تعرف العلاقة بين أن يكون المرء من “الدبب” وبين ظهور الحق، إلا ما يربط بينهما في ذهن هذا الجندي الذي يعتقل ويعذب على العرق والجهة، ويصور جرائمه باعتبارها لحظة فخر تمكن فيه من رقبة العدو، الذي يسكن “الدبب”!
واثقون نحن النصر على إخوان الشياطين هؤلاء ولو بعد حين، فلا شيء في وضع سلطة بورتسودان اليوم يوحي بأن الحكم قد يستقر للإسلاميين في المدى المنظور، ولو في ثلاث ولايات تحت التاج المصري. كما إن عالم اليوم ماض في التضييق على إخوان الشياطين في عدد من الدول، إذ تم تقليم أظافر إيران عبر القضاء على حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي وحركة حماس، وصارت نهاية حوثي اليمن مسألة وقت وهو يتعرض للضربات الأمريكية الموجعة صباح مساء، وتم إجبار إيران نفسها على الدخول في مفاوضات نووية سقفها نزع السلاح النووي عنها بالكلية، وتم حظر تنظيم الإخوان المسلمين في الأردن وتونس، وقريباً ستجد بقية الدول الحليفة لهم أنها عالقة في فخ دعم الإرهاب، بفضل جرائم دواعش السودان العلنية.
وقبل كل هذا وذاك هنالك جيش التحرير من قوات “تحالف السودان التأسيسي”، والتي تواصل الزحف نحو أوكار المجرمين بلا هوادة. وبالأمس القريب أعلنت قوات الدعم السريع عن سيطرتها على محلية الخوي، وتقدمها في عمق الفاشر، فضلاً عن انتصارها في ملحمة المهندسين التي استبسل فيها الأبطال وأذاقوا فيها صبية “البراء” الأمرين، سدد الله رميهم، وقوى سواعدهم حتى اكتمال التحرير. المجد لشهداء قوات تحالف السودان التأسيس، عاجل الشفاء للجرحى، والخزي والعار لإخوان الشياطين القتلة.