إبراهيم مطر: مداهمة الحركة الإسلامية لدار الشيوعي بعطبرة .. هل تقوض تحالف الشيوعوكوز الراسخ؟

15
إبراهيم مطر ..

بقلم الأستاذ: إبراهيم مطر

 

وسرعان ما انقلب السحر على الساحر، وداهمت قوة من جهاز الأمن الإخواني مقر الحزب الشيوعي السوداني بعطبرة، في سلوك عدته قيادة الحزب “سافراً”، واشتكت من “إيقاف الندوة المقامة داخل الدار وإخلائه”، بأمر اللجنة الأمنية للولاية.  ووصف الحزب مداهمة داره بـ”التعدي علي حرية التعبير والرأي والنشاط و… الخ”، مع وعد تعلم قيادة الحزب أنها لا تستطيع تنفيذه، بـ”العمل على انتزاع الحقوق”، في بلد كان الشيوعيون فيه شهوداً على إهدار حق الحياة ذبحاً على على الطرقات، “ووفق الوسائل القانونيه والشرعية” – بحسب بيان للحزب – في بلد يسن قانوناً للوجوه الغريبة، وينفذه داخل مدينة عطبرة نفسها، والشيوعيون عليها قعود،.لكنهم لم ينبسوا ببنت شفة، وقايضوا الضمير الحزبي بعطايا إخوانية أمنية، لم تتعد حد السماح لهم بإقامة الأنشطة داخل دارهم دون ملاحقة.

وكثمرة لتحالف قيادة الحزب الحالية – والذي صار في حكم المُعلن – مع مجموعة “علي كرتي” داخل الحركة الإسلامية، لم يُجرد الشيوعيين من وظائفهم في الخدمة العامة بعد الحرب، ولم تتم مطاردتهم وتعذيبهم وقتلهم في مقار الاستخبارات العسكرية كما حدث مع غيرهم من عضوية الأحزاب. لم يتم منعهم من السفر، في وقت تطارد فيه الحركة الإسلامية حتى الناشطين في غرف الطوارئ والمطابخ الجماعية، وتعمل فيهم الاعتقال والتعذيب والقتل.

وكنا قد تناولنا مقتطفاً من مقال مطول للدكتور “أحمد البرقاوي” – وهو الأستاذ الجامعي، المفكر، والناقد اليساري السوري – رصد فيه تحالفات اليسار المتكررة والقاتلة مع المليشيات الدينية المتطرفة، فتطرق لتحالف الشييوعيين مع “آية الله العظمى” الإمام الخميني ضد شاه إيران، وكذلك إصرار الشيوعيين في لبنان، على التحالف مع مليشيات “حزب الله” الدينية المتطرفة، وكانت نتيجة هذا التحالف، أن تم القضاء على الحزب بصورة تامة في إيران بعد أن داست عليه أحذية “الولي الفقيه” ليصير “أثراً بعد عين”، وصار اليساريون الإيرانون أنفسهم، في ندرة أسنان الدجاج.

جاء في مقال البرقاوي:(بعد اغتيال حسين مروة برصاص حزب الله بأيام وخلال اجتماع في بيت الدكتور “طيب تيزيني” على شرف حضور الفيلسوف والشاعر الماركسي المحبوب “مهدي عامل”. سُئل مهدي عامل كيف ستكون العلاقة بينكم وبين حزب الله وأمل بعد اغتيال حسين مروة، فأجاب: لا بد من التحالف معهم، نحن في معركة صعبة مع إسرائيل. فقلت له: من قتل حسين مروة سيقتل مهدي عامل، أخاف عليك. تبسّم مهدي بسمته الطفلية وأجابني: لا تخَف عليّ. لم يمضِ على اغتيال حسين مروة شهور حتى تم اغتيال مهدي عامل في 1987). ولم تمضِ سنوات قليلة حتى صفّى حزب الله المقاومة الوطنية اللبنانية، وحول الحزب الشيوعي اللبناني بعد اغتيال قادته وتصفيته، إلى “حالة إسفيرية”، تظهر من خلال الاحتفالات السنوية والموسمية، يزحمون بطبولهم وراياتهم الآفاق في فيديو مدته ثلاث دقائق في كل عام، ثم يختفون.

تحالف أحزاب اليسار – عموماً – مع الجماعات الدينية المتطرفة قديم، ولم يكن الحزب الشيوعي السوداني استثناءً في ذلك، ولن يكون مصيره في نهاية المطاف أفضل من مصير نظرائه من أحزاب اليسار التي وقعت في ذلك الفخ، سواء بدافع من تقدير عاطفي خاطئ للقادة كما في حالة “مهدي عامل”، أو في حالة تغويص القيادة نفسها بعناصر من الأجهزة الأمنية كما في حالة الحزب الشيوعي السوداني، بقيادته الحالية المشبوهة، والتي يسيطر فيها مهندس تزوير انتخابات المؤتمر السادس “الحارث التوم”، على اللجنة المركزية، والمكتب السياسي للحزب.

حالة من الشماتة المبررة انتابت معظم من طالعوا خبر مداهمة جهاز الأمن الإخواني لدار حليفه الخفي المُعلن، ولم يحظ بيان الحزب الذي يشبه “الكعك العاقب العيد” بأي تعاطف، كون الحزب دفع مصداقيته ثمناً لأمان “ممنوح” يؤخذ كلما أراد صاحب العطاء استرداده، وستر زائف يملك الإخوانيون فضحه متى ما عن لهم ذلك، وعن إخوان الشياطين حدث ولا حرج. أما عن الحزب الشيوعي فيكفي نعيه لنفسه من خلال هروبه الدائم من المواجهة، واختياره للتحالف مع من سفك الدم، وقسم السودانيين، ودعا بدعوى الجاهلية. ألا لعنة الله على المنافقين.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *