محمد الرحال: حين يخاف النظام من وعي الرعاة!!

5
محمد الرحال

بقم: محمد الرحال

في هذا الوطن، لا يُمارس القمع دائمًا بالرصاص، أحيانًا، يكون أقسى حين يُمارس بالسبورة الفارغة، وبالمدرسة المغلقة، وبالأمية المفروضة كقدر .. لا شيء أخطر من دولة ترى في التعليم رفاهية، وفي وعي المواطن تهديدًا ..

سنوات طويلة ظلّت سلطة المستعمر والوريث تُحكم قبضتها على العقول قبل الأجساد، تركت الناس في العراء، خارج الصحة، خارج التعليم، خارج السياسة .. لا لشيء سوى لأنها تعرف جيدا : من لا يعرف لا يطالب .. من لا يقرأ لا يثور ..

لكن هذا الوهم لم يدم .. تسرّب الوعي وتعلّم “الرعاة” الذين احتقرتهم السلطة، ورددت هي في سرها وفي علانية الشارع والساحة “نحن الجيل العارف وواعي ما بحكمنا الزول الراعي” فأرادوا بعضًا من حقهم : لا قصورًا ولا إمتيازات، بل حياة كريمة، وكرامة إنسانية، وشفخانة تعالج اللدغ والحُمى، وسبورة بها أبجدية الحروف فكان الرد: بالحديد، بالنار، وبأبواق الإعلام الرسمي ..

لم تكتفِ السلطة بالقتل، بل أرادت قتل الفكرة : اتهمت الخارج، وادّعت المؤامرة، كيف لهؤلاء “الأميين”، كما تسميهم، أن يستخدموا تقنيات حديثة؟ وكأن الذكاء حكر على نُخبها، وكأن التكنولوجيا لا تصل إلى أطراف البلاد !!

الحقيقة أوضح من كل دعاياتهم : هؤلاء لم يعودوا رعاة .. صاروا مواطنين يعرفون حقهم .. وأدركوا أن انتظار الخبز من يد تُمسك بالعصا عبث .. فلجأوا إلى ما بوسعهم : المقاومة، بكل أشكالها، حتى بالتقنية ..

السلطة التي تجهّل شعبها عن عمد، ثم تصرخ من وعيه، ليست فقط مستبدة. إنها خائفة ..

خائفة من سؤال واحد : لماذا؟

لأنها تعرف أن هذا السؤال وحده، إن نطق به المهمّش، قد يهدم عروشًا بُنيت على الصمت ..

إتهام الجيش الخارج ورفضه التصديق بأن من هزمه في البر ومنعه عبور البحر وفرض عليه الحظر الجوي ودمر قوة سلاحه الأقوى والذي يتمثل كإمتياز تفوق .. على وصفه مجرد رعاة بسطاء، مهمّشين ومنسيين، فيصرّ على أن الفاعل الحقيقي خارجي، بسبب عجزه الذي لا يُفسَّر إلا بتدخل قوى أعظم ..

تكسر إحتكار العلم والسلطة والقوة والمال والإعلام كذلك ولم تعد ل٥٦ سوى لطم الخدود وتوزيع التُهم .. وبذلك تكون حصونها الأربعة تدمرت وتبعت ورقة الخارج تستر بعض العورة قبل أن تجف هي وتسقط ..

 

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *