د. أحمد التيجاني: صباحية الزفة .. حكاية التأسيس وبشارة البيت الكبير!!

د. أحمد التيجاني سيد أحمد
إهداء
ⲁⲗⲗⲁ ⲓⲥⲁⲇⲟⲩ ⲗⲉⲓ ⲥⲁⲇⲟⲩⲛ ⲥⲗⲁⲧⲟ ⲙⲁ ⲥⲁⲗⲗⲁ
الله يسادوا لي سادون سلاتو ما شا الله
إلى السودان الجديد…
إلى كل أمٍّ ودّعت شهيدًا وكل طفلٍ نام على حلم بيت آمن…
إلى شعبٍ يصحو اليوم على زفة التأسيس: فرحًا، أملًا، وميلادًا جديدًا.
صباحية الزفة: حكاية التأسيس وبشارة البيت الكبير
أيام التكوين
في طفولتنا في النوبة، كانت “أيام التكوين” تحمل إلينا أولى دروس الحياة. كنا نبيت الليالي في مواسم الفرح نرقص ونغني للزفة، نترقب لحظة دخول العريس بيت الزوجة، ثم ننتظر مع الصبح الشاي بحليب المعيز النوبية، والقرقوش والمنين. كنا نحكي عن عظمة الليلة وعيوننا بين النوم والصحو. هناك، في تلك التفاصيل الصغيرة، تعلمنا أن الفرح لا يكتمل إلا إذا شارك فيه الجميع، وأن البيت الكبير لا يُبنى إلا حين يتسع للجميع.
الميثاق: ولادة في العتمة
من تلك الروح الأولى خرج مشروع التأسيس. كما كانت أعراسنا زفات جماعية، جاءت زفة الميثاق وليدة العتمة، تُكتب في المنافي وتُناقش في الأقبية. كان الميثاق قسمًا جديدًا: أن السودان لن يُترك نهبًا لفلول الإسلامويين ومليشياتهم.
الدستور: توقيع على جدار الزمن
ثم جاء الدستور، ليحوّل القسم إلى عقد. جلس القادة من كل الأقاليم، كل منهم يحمل ذاكرته وجرحه، لكنهم جميعًا وضعوا تواقيعهم كما لو أنهم يخطّون بدم جديد على جدار الزمن.
فبراير: احتفالية الميلاد
وفي فبراير جاء العرس الأكبر. ما يقارب الألف وفد اجتمعوا في نيروبي، من السودان المحرر ومن السودان المحتل. امتلأت القاعة بهم، وكانت الزفة وطنية بامتياز: بالتصفيق والزغاريد والهتاف.في قاعة المؤتمرات الرحبة في نيروبي عاصمة جمهورية كينيا الصديقةً. كان المشهد عقد قران أمة على نفسها من جديد.
القادة على درب التأسيس
لم تكن الطريق مفروشة بالورود، بل صيغت بعرق الرجال والنساء، ودماء الشهداء، وحوارات القادة. برزت أسماء عديدة (اسميهم بالرغم من خشية عدم ذكر المستحقين و هم كثر كثر كثر كثر ) في هذه المسيرة:
- محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي حمل السلاح ثم انفتح على أفق سياسي جديد عبر اتفاق جوبا.
- عبد الرحيم دقلو، رفيق القيادة العسكرية والسياسية الذي حمل امل الانتصار في كل خطوة خطاها
. القايد الهمام قايد كاودا عبد العزيز الحلو و رهطه الذين اكدوا للعالم بان السودان واحد لن يتجزاء
- قادة الحركات المسلحة و التنظيمات التحررية الذين جاءوا إلى جوبا حاملين قضايا دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق و الشرق و الشمال و الجزيرةً.
- اللواء فضل الله برمة الذي مثّل جسرًا بين المؤسسة العسكرية التقليدية وبين الأفق المدني الجديد. قايد حزب الامة الهمام صديق الجميع الذي قاد تكوين التأسيس بحنكة الربان الماهر الجسور
- الإدارات الأهلية والحكومات المجتمعية التي صانت النسيج الاجتماعي وسط الحروب والفوضى.
- الطرق الصوفية والرموز الروحية مثل الميرغني، الذين منحوا للمسار بُعدًا روحيًا ومعنويًا.
- القوني والتعايشي اللذان عبّرا عن التوازن بين عمق التجربة السياسية الحديثة وبين روح القيادة المجتمعية الواعية و اهميةً الانفتاح و التعلم و التدريب
- حركة تحرير كوش وسائر تيارات الهامش التي ذكّرت السودان بجذوره النوبية الكوشية والأفريقية و العربية.
هؤلاء جميعًا، على اختلاف مواقعهم، التقوا في لحظة تأسيس كبرى: زفة وطنية لا يقودها فرد واحد، بل أمة بأكملها.
البندقية: من كاودا إلى مشارف الدبة
ولأن الأعراس لا تكتمل بلا حُماة، جاءت البندقية لتصون الزفة. من كاودا إلى مشارف الدبة، لم تكن بندقية غزو، بل بندقية حماية وفتح طرق آمنة للنازحين. سلاح تحوّل من رمز موت إلى حارس للحياة.
البيت الكبير: وعد الصبوح الجديد
واليوم، مع إعلان حكومة التأسيس، نعيش صبوحًا يشبه صبوح طفولتنا، لكن العريس هذه المرة هو السودان نفسه. بيت جديد يُفتح لكل أبنائه، وفرح يتسع لأمة كاملة.
د. أحمد التيجاني سيد أحمد
عضو موسس في تحالف تأسيس
٣١ اغسطس ٢٠٢٥ – روما، إيطاليا.