علي أحمد: مأساة (المزعوط الأكبر) .. ذهب إلى “جبيت” وقال (جنّيت)!

430

مثلما هو حاله، منذ أن عرفه السودانيون في أول ظهور له بساحة اعتصام القيادة إبان الثورة العظيمة، رفقة أحد قادة الأحزاب السياسية، ومروراً بفض الاعتصام ثم العودة بعد الضغط الشديد والمتواصل من قبل الشارع، ليوقع على الوثيقة الدستورية التي سرعان ما مزقها وأعاد النظام السابق إلى الواجهة، ثم ما لبث بعض الوقت فأشعل الحرب التي لم يعد لديه إرادة كافية لإيقافها، فهو بجانب ضعف شخصيته لا يمتلك الحد الأدنى من مقومات وسمات القائد، بكذبه وتردده وانتهازيته وخيانته ولعبه على كل الحبال التي سيكون قريباً معلقًا عليها، لم يتوقع منه أمس – عدا قلة من البلابسة– أن يأتي بجديد في خطابه الذي (صاح) به مهرجاً ومهرجلاً أمام ضباط وجنود الجيش في قاعدة (جبيت) العسكرية، بشرق البلاد.

حيث حوّل المناسبة إلى فعالية لإعلان استمرار الحرب وعدم الاستعداد للجلوس إلى طاولة تفاوض مع القائد (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع، والذي أبدى مواقفاً مبدئية وثابته ومرنة إزاء موضوع الحرب والسلام، وقدّم رؤية متكاملة وخارطة طريق لإنهاء الحرب، وطرحها على الملأ للنقاش والحوار، كما وقع مؤخراً مع تنسيقية القوى الديمقراطية (تقدًّم) إعلاناً لوقف إطلاق النار في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

ويبدو أن لقاء قائد الدعم السريع بالتنسيقية، أثار غيرة وريبة قائد الجيش فأصُيب بالهستيريا والجنون الفجائي، حيث أبدى رفضاً قاطعاً للإعلان الذي تم التوقيع عليه، وأعلن عن أن الحرب هي خياره الوحيد متعهداً بالاستمرار فيها حتى القضاء على آخر جندي في الجيش، وهذا محض تُرهات وسرديات وهمية و(أحاجي) تراثية، سمعناها منه ومن أعوانه مراراً وتكراراً منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل من العام الماضي.

جزّم البرهان الذي اختبأ في (بدرومه) بالقيادة العامة لأربعة أشهر ونيف منذ أول يوم للحرب، قبل أن يفر منها مرعوباً كجرذ ظهر أمامه قط يتحمحم، وقبل أن (ينفخ) شدقيه أمام جنود الجيش في (جبيت) ويؤكد أنه لا فرصة للتفاوض ولا الصلح ولا الاتفاق مع الدعم السريع، مشيراً إلى أنه مستمر في ما سمّاها بمعركة الكرامة، بعد أن مسحت قوات الدعم السريع الأرض بكرامته كما كرامة جيشه، حيث أذاقته سلسله من الهزائم وسيطرت على عاصمة البلاد وأكبر مدينتين (مدني ونيالا)، وبسطت سطوتها على أربع ولايات ومساحة واسعة من الخامسة في إقليم دارفور، بجانب أجزاء واسعة من كردفان وكامل ولاية الجزيرة المتاخمة لعدة ولايات أصبحت جميعها الآن تحت الحصار، وغدا أمر السيطرة عليها قاب قوسين أو أدنى، فأين الكرامة أيها (القائد) مهيّض الجناح كسير الخاطر.

قال إن الدعم السريع ارتكب جرائم حرب، ياللعجب، فبرهان آخر شخص يحق له الحديث عن مثل هذه الأمور، أليس هو (رب الفور) وقائد القوات البرِّية في دارفور إبان الحرب، أليس هو أول من قتّل المواطنين السودانيين على الهوية والعرق في غرب البلاد، وضرب القرى الآمنة بالطيران وحرقها وشرد أهلها، بل أليس هو من باع شرفه العسكري حين كان يبيع للجنجويد في دارفور قديمًا (النمر والرتب العسكرية) مِثقالاً بدينارِ؟!

دعك عن هذا، وتعال إلى دعوته المواطنين إلى حمل السلاح والمقاومة الشعبية، أليس هذا اعتراف صريح وواضح بعجز جيشه وهزيمته، فلم يرفض الجلوس مع حميدتي؟

سأقول لكم الإجابة التي لم يستطع الرجل المعروف بالكذب والموصوف بالكذاب الإجابة عليها، وهي أن التنظيم الذي ينتمي إليه، لم يسمح له بعد باتخاذ هذه الخطوة، ولن يسمح له. وأخطر ما ورد في لسانه المنفلت المٌتبرئ منه، هو دعوة المواطنين إلى شراء السلاح من أجل الدفاع عن أنفسهم، لكنه لم (يوصِّف) لهم أين تقع أسواق الأسلحة بالبلاد؟!

أما أنا، فعلى أن أساعد المواطن، وأدله على أكبر (دًكان) لبيع الأسلحة في السودان، إنه الجيش نفسه، فقد أصبح محض (دكان) للكيزان وبرهانهم.

وشنّ الرجل الفاجر هجوماً (لِسانياً) كاسحاً وبذيئاً وفاحشاً على تنسيقية القوى المدنية “تقدُّم”، متجاوزًا حدود الأدب واللياقة، ومخالفًا لأصول السياسة وتقاليد العسكرية الرصينة، حيث تحول إلى ثور هائج يدوس على كل شيء ويلقي بقاذوراته في مسيره، يشتم ويلعن ويصف ويصنف، ويطلق الأحكام ويوزع الألقاب، ويزرع الاقتتال والكراهية والعنصرية، رغم إن (تقدم) قدمت له دعوة للاجتماع معه من أجل وقف الحرب، لكنه كعادته تنصل عنها ولاذ بلسانه (البذئ)، فقط لأنها اجتمعت بقائد الدعم السريع ووقعا معاً إعلان أديس أبابا، الذي اعتبره العالم كله – عدا الكيزان وبرهانهم- خطوة متقدمة في الطريق إلى إنهاء الحرب السودانية.

البرهان، لم يكتف بذلك، وإنما (خرّم) وانحرف باللغة وفجر بها بما لم يسبقه عليه أحد من عوام الناس وهوام الكائنات، ومن باب المهنية أن نذكر لفظته النابية القبيحة كما هي، فقد وجه حديثه لوفد (تقدم) الذي اجتمع بحميدتي، واصفاً اتفاقهم معه بغير المقبول، وأبدى استهجانه قائلاً: “تصفق له وهو قتلك وقتل أمك وزعطكم وعمل فيكم أي حاجة، تصفقوا ليه..”، إلى أخر البذاءات والفاحشات.

كيف يستخدم قائد جيش ينتحل صفة سيادة البلاد كلمة مثل هذه في وصف سياسيين أو مواطنين سودانيين أو غيرهم، كيف طاوعته نفسه أمام الكاميرات والإعلام وأمام ضباطه وجنود بأن يتفوه بـ(زعطكم) أي مارس معكم الجنس، كما في معناها الدارج عند السوقة وعوام الناس، الذين بلا شك هم الآن من حديثه يخجلون ومن أخلاقه يتبرأون!

لا يهمني مجازاً قالها أم حقيقة، لكن إذا أردنا أن نُقر بالحقيقة، ونستخدم المجاز نفسه في التعبير عنها، لقلنا إن (البرهان) هو (المزعوط الأكبر) في البلاد، من قِبل قوات الدعم السريع، وهذا أمر لا مراء ولا جدال فيه.

بعد حديث أمس السافل والبذيء أثبت البرهان انه لا يصلح لأي شئ، وينبغي أن يتم الحجر عليه .. هذا ليس قائداً ولا حتى جندياً شريفاً، رجل بلا أخلاق أو ضمير وبلا قلب، لذلك أعزائي – أكرمكم الله – لا تأخذكم الفاجعة في ما ورد في خطاب قائد جيش “علي كرتي”، فـ”الإنسان ابن بيئته”، ومن نشأ على البذاءة شاب عليها.

انه تافه عبر تفاهته.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *