الدلنج .. كلما أشعل البرهان ناراً أطفأ الله له (حامية)!

102

 

علي أحمد يكتب:

الدلنج .. كلما أشعل البرهان ناراً أطفأ الله له (حامية)!

ويختار البرهان الحرب، دون السلام، وفي كل مرة يفعل ذلك يخسر، فقد نجحت أمس الأول، قوات “الجيش الشعبي” التابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) بقيادة عبد العزيز الحلو، في دخول مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان السودانية ودون مقاومة من الجيش، حتى قال البعض بأن ثمة تواطئاً حدث بين قيادتي الطرفين بعملية تسليم وتسلم خشية دخول قوات الدعم السريع المدينة والاستيلاء عليها عقب سيطرتها على منطقة (هبيلا) الزراعية الخصبة التابعة لإدارة المدينة.

لكن احتجاز الجيش قائد اللواء (54 الدلنج)، العميد ركن محمد علي الهلالية، بشبهة بالتواطؤ مع “الدعم السريع” كما شاع ينفي أن ما حدث كان تسليماً وتسلماً، ويشي بهزيمة أو انسحاب خشية الهزيمة، وإلاّ فما الذي يجعل الجيش يهدي (الدلنج) لعبد العزيز الحلو وبينهما ماصنع الحدّادـ ولم ينبو إلى علمنا حتى هذه اللحظة أن ثمة تحالفاً انعقد بين الطرفين.

ولأنه لا يصح إلاّ الصحيح، فإنّه علينا أن نمل القول وأن نردد مراراً وتكراراً (معليش ما عندنا جيش)، ونرفع عليه الفاتحة ونسأل له حسن الخاتمة.

وحُسن الخاتمة هنا هو النزوع إلى السلام والذهاب إلى مفاوضات، فهذه حرب (ما عندو ليها رقبة) كما يقولون، أي لا يتوفر على إمكانيات وقدرات تجعله يُصِّر على خوضها، إلاّ إذا كان يريد تنفيذ أجندة الخطة (ج) الكيزانية وهي إن خسروا الحرب، يشعلوا حروباً قبلية في دارفور وكردفان ويدمروا بما تبقى من طيران أو بطيران (دولة يحبونها وتحبهم) تلك الإقاليم، ويضعفونها ليؤسسوا دولة النهر والبحر على مثلث حمدي، ويعلنوا الانفصال.

هذا هو السيناريو الأخير المتبقي لهم، لكنّه لن يتحقق، فالوطنيين السودانيين شمالاً وشرقاً وغرباً وجنوباً سيتصدون له ويحولون دون حدوثه، كما يتصدون للحرب الراهنة ويحاولون ايقافها بما أوتوا من قوة وعزيمة وإرادة.

خسر جيش (علي كرتي) وبرهانه، كل شئ؛ منذ اشعاله الحرب في 15 أبريل العام الماضي، وكان آخرها مدينة الدلنج الاستراتيجية في منطقة جبال النوبة وجنوب كردفان، حيث أكدت مصادر معتبرة من الجيش الشعبي (شمال) أنهم دخلوا في اشتباكات عنيفة مع قوات من الجيش هاجمت تمركزات (الشعبية) بالطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة، قبل أن تولي الأدبار هاربة كعادتها، حيث تمكن جيش الحلو من الاستيلاء على مقر الفرقة وعدد (13) سيارة لاندكروزر دفع رباعي قتالية، ودبابة واحدة، وشاحنتان بمستودعات للماء والوقود، وكميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والذخائر ومدفعان عيار (130) ومعدات أخرى، كما شاهد المواطنون جنود (الحكومة) وهم فارين مذعورين في حالة يُرثي لها، فهل يعقل إنتاج هذه المشاهد المُروعة دون قتال؟!

هناك أمرٌ آخر، دائماً ما يفعله جيش علي كرتي، عندما يخسر معركة حربية أو جولة سياسية أو دبلوماسية أو تفاوضية، فيلجأ عير استخبارته الكيزانية إلى إحداث فِتن قبلية لضرب استقرار وتماسك المجتمعات المحلية، لذلك عندما شعر أنه سيفقد جنوب كردفان، دفع ببعض جنوده إلى إلى تصفية رفقاءهم من المنتمين إلى الجماعة العربية في دارفور وكردفان بزعم إنها متوطئة مع الدعم السريع، وذلك من أجل اشعال حرب عرقية لا تُبقي ولا تذر بين جماعات النوبة والجماعة العربية، الأمر الذي تأسَّفَ له الضمير الجمعي السوداني وأدانته القوى السياسية والمجتمعية الحيّة.

ما حدث من انشقاق اثني داخل الجيش، بسبب الاستخبارات العسكرية التي أوعزت بتصفية العناصر العربية لأمر مؤسف حقاً، وقد أدّى بالفعل إلى خروج عدد كبير من الضباط والجنود المنتمين للجماعة المستهدفة من حامية الدلنج خشية الاستهداف القبلي، وهذا ما أكده قائد ثاني الحامية في مقطع صوتي متداول على نطاق واسع، فعجباً لجيش يقتل جنوده على أساس عرقي!

هؤلاء، وسيتبعهم آخرون في حاميات أخرى، سيخرجون عن ما يُسمى بالجيش القومي، وما هو كذلك، ليس الآن فقط، بل منذ تأسيسه (لكنه كان يتجمّل)، وسينضمون إلى من يوفر لهم الحماية ويحترم تضحياتهم، ولن يتوقف الأمر على الجماعة العربية في الجيش، بل سيمتد إلى الجماعات الأخرى، على غرار المثل الشعبي القائل (أخوك كان حلقوا لى، بل راسك)، وبالتالي، علينا أن نقول مجدداً (على الجيش السلام)، وكنا قد قلنا ذلك مراراً بأن هذه المؤسسة ينبغي إصلاحها جذرياً وإعادة هيكلتها وصياغتها لتُعبّر عن جميع السودانيين، لكن البعض لا يستبين النصح، لا الآن ولا ضحى الغد.

انهم الكيزان وانه البرهان!

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *