البرهان يخسر سياسيا، وحميدتي يتقدم في الميدان الديبلوماسي..!
عبدالله رزق أبوسيمازه كتب:
البرهان يخسر سياسيا، وحميدتي يتقدم في الميدان الديبلوماسي..!
يبدو أن خطاب الجنرال عبدالفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الذي وجهه للجيش في جبيت، مساء أمس، الجمعة، الخامس من يناير،هو آخر خطاب له، والحرب تقترب من نهاياتها.فقد قال – في الخطاب الذي أثارت لغته الحادة، ولازالت، ردود أفعال عنيفة في الداخل – كل ما عنده، ولم يستبق شيئا. وحسم، على نحو خاص، خياره بحسم المعركة عسكريا، لكن بسلاح المستنفرين، أحدث المليشيات، التي يرعاها الجيش، ويجري تسويقها باعتبارها (أرجل زول في السودان )،بتعبير أنس عمر.
يعتبر الرهان على مستنفري، الحركة الإسلامية، تحت عنوان المقاومة الشعبية، آخر محاولة لابقاء الحرب مشتعلة، علامة بارزة على تراجع مبدئي من قبل دعاة الحرب ومشعليها، من فلول النظام المقبور والإسلاميين، عن الاعتماد كليا، على الجيش، بعد انسحاب إحدى فرقه من مدني عاصمة ولاية الجزيرة، إثر تقدم قوات الدعم السريع في المنطقة. وهو انسحاب سبقته انسحابات مماثلة للجيش من بعض مواقعه في غرب السودان.وعلامة من علامات نهاية الحرب،عمليا.
ومع أن خطاب جبيت، الانفعالي، اتسم برد الفعل القاسي والحاد، أيضا، على حديث للجنرال محمد حمدان دقلو، حميدتي، خلال لقائه مع قادة تنسيقية القوى المدنية الديموقراطية،”تقدم “، في العاصمة الإثيوبية ،أديس أبابا،مؤخرا،بما انطوى عليه من تكريس للجنرال حميدتي كطرف في التسوية السياسية الجارية لأزمة البلاد،عبر إعلان أديس أبابا ،إلا أنه يبدو من الجلي، أن الخطاب الرسمي، في عمومه، حول قضايا الحرب والسلام في البلاد، لم يتطور، من قبل سلطة الأمر الواقع، ويرتقي، لمخاطبة الراي العام، في الداخل والخارج، بطريقة مقبولة وعقلانية، منذ حديث البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في آخر اجتماعاتها، بعد أن وضح بشكل ملحوظ، تخلف هذا الخطاب، وعدم قبوله في مختلف الأوساط السياسية، الإقليمية والدولية.وفيما ينعزل البرهان، مجددا، في بدروم التعنت والانفعال والرفض السلبي لمساعي وجهود السلام، فإنه يخسر، مرة أخرى، في الميدان السياسي والديبلوماسي، لصالح الجنرال حميدتي، الذي يقدم نفسه، منذ بعض الوقت، ضمن ترتيب إقليمي ودولي، كداعية للسلام، يجد خطابه الترحيب والقبول ، وبما يعمق عزلة البرهان، ويضاعف خسائره السياسية، قبيل انعقاد الجلسة الوشيكة، التي تجمعه مع حميدتي، في جيبوتي، وفقا لمقررات قمة إيغاد الأخيرة حول السودان.
الأرجح، حتى الآن، أن يمتنع البرهان عن لقاء د.عبدالله حمدوك ووفد تنسيقية القوى المدنية الديموقراطية، الذي التقى حميدتي، في أديس أبابا، مؤخرا، كامتداد للجهود الإقليمية والدولية الرامية لإنهاء الحرب. ويفشل هذا اللقاء في مهده، منذ أن رفض مقدما،إعلان أديس أبابا الموقع بين حميدتي والتنسيقية، والذي سيكون، على الأرجح، هو موضوع اللقاء.من الناحية الأخرى، لم يحدد البرهان، على نحو قطعي، ما إذا كان سيقابل حميدتي أم لا. فخطاب جبيت، الذي غذى الخصومة السياسية بخصومة شخصية، من شأنه أن يثير بعض الاشكالات على طريق اللقاء. وقد تفسده إن تم.
ربما يكون لقاء البرهان -حميدتي،المرتقب،آخر فرصة للسلام، ويعني الفشل في عقد اللقاء، ايا كانت الصعوبات التي تكتنفه، أو في إبرام اتفاق لإنهاء العدائيات ووقف إطلاق النار فورا مرحلة جديدة من تصعيد القتال وتوسيع دائرة الحرب، في المناطق التي لم تصلها الحرب بعد، وما يتصل بذلك من تفاقم معاناة المواطنين، الذين باتوا يتشردون من مركز إيواء إلى آخر بحثا عن أمان مغقود.