جولات (حميدتي) الخارجية… تحليل وقراءات

56
الفريق أول محمد حمدان دقلو/ قائد قوات الدعم السريع

رايتو:بلو نيوز الإخبارية – رحلات عابرة للحدود وجولات ما كوكية ابتدرها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو بعد غياب استطال حتى أضحت شائعة وفاته هي الأقرب للحقيقة، قبل أن يبدد ظهوره في كمبالا كل رواية، أعقبها وصوله إلى نيروبي ثم أثيوبيا فجيبوتي، ليرحل صوب جنوب القارة في جنوب أفريقيا ويعود إلى كيجالي قبل أن يغادرها إلى وجهة غير معلومة حددتها تقارير إعلامية بأبو ظبي… فما هي أهمية هذه الجولة؟

واشنطون تؤجل

جاء ظهور قائد الدعم السريع في أعقاب تحديد موعد معلن من قبل الإيقاد للجمع بينه وبين قائد الجيش في سياق خطواتها لإنهاء الحرب في السودان، إلا أن الإحباط حاصر المشهد عقب إعلان الخارجية السودانية إرسال الإيقاد خطابا يفيد بتأجيل اللقاء لجهة أن الدعم السريع أعتذر لأسباب فنية لم يكشف عنها…

وأعقب بيان الخارجية آنذاك حملة لسفيريه ضخمة حسب المتابعات تحدثت بشكل قاطع عن وفاة حميدتي وعدم قدرة الدعم لسريع على توفير بديل قيادي للقاء قائد الجيش، وبد واضح بحسب الوقائع ارتفاع الحالة المعنوية للقائمين على أمر الحملة من أنصار فلول النظام المباد…

وقبل أن تكتمل فرحة داعمي الحرب والهاتفين بـ(بل بس) كانت الحسابات الرسمية للحكومة الأوغندية تنقل صورا وأخبارا عن استقبال حميدتي في كمبالا، وأنباء عن مباحثته مع الرئيس يوري موسيفيني حول تطورات الأوضاع في السودان ورؤيته لإيقاف الحرب…

حملات الفلول استهدفت حميدتي حينها بأنه يريد إطالة أمد الحرب وأنه يمتنع عن لقاء البرهان لوقفها تارة، وتارة أخرى بأنه ليس حميدتي وأن شبيها له هو من استقبلته كمبالا وبعدها نيروبي، وأن رشاوي تم دفعها لحكومات دول حتى يتم تمرير ما وصف ب تمثيلية وجود حميدتي على قيد الحياة…

خط ساخن

المفاجأة جاءت في أعقاب ظهور حميدتي وبمجرد وصوله الى نيروبي، وما تم تداوله منسوبا للإدارة الأمريكية بأن وزير الخارجية الأمريكية هو من طالب بتأجيل الاجتماع لجهة حرصه على المشاركة فيه فضلا عن أهمية وضرورة مشاركة رؤساء دول وحكومات الإيقاد في الاجتماع المرتقب…

الإعلان الأمريكي بحسب التحليلات صب مزيدا من الزيت على نيران فلول النظام البائد ودعاة الحرب، فازدادت ضراوة الهجوم على قائد الدعم السريع فضلا عن زيادة وتيرة المعارك والمواجهات والطلعات الجوية، في محاولة لإخفاء حقيقة أن الإدارة الأمريكية استبقت كل المكونات وأخطرت قيادة الدعم السريع برغبتها في حضور الاجتماع ما ترتب عليه اعتذار الدعم السريع عن الموعد.

وترى تحليلات أن ذلك يعكس بجلاء ووضوح وجود خط ساخن ومفتوح بين الإدارة الأمريكية وبين قيادة الدعم السريع الذي علم بالرغبة الأمريكية قبل الإيقاد نفسها وبالتأكيد قبل الجيش الذي يحكم السودان كأمر واقع.

تقييم ونتائج

الجولة اعتبرها كثيرا أنها استهدفت دولا مهمة ومحورية في القارة عامة وفي الملف السوداني خصوصا، تعتبرها التحليلات الخطوة الأهم لقائد الدعم السريع، لجهة أن الفضاء الدبلوماسي والسياسي كان متاحا للإسلاميين وجيشهم على مدار الفترة الماضية كلها حتى تتاح لهم إقناع العالم والإقليم والسودانيين بجدوى حربهم التي أشعلوها، ومن ثم تجيء فرصة الدعم السريع وقائده في القيام بدورهم في توضيح موقفهم ووجهة نظرهم إزاء الحرب وكيفية إيقافها…

وتذهب تلك التحليلات إلى أن خارجية الفلول عجزت تماما عن إقناع العالم الدولي والإقليمي بأن الدعم السريع مليشيا متمردة وأنهم يمثلون الدولة والسلطة الشرعية. وتستند تلك الرؤية على أن العالم ما يزال يتعامل والطرفين باعتبارهما الطرفين المتقاتلين وهو ما يمثل أكبر فشلا لخارجية الفلول وجيشهم المصر على استمرار الحرب رغم خسارته التي يتحدث عنها المواطنون، وهو ما دفعهم لتبني خيار التحشيد والتجييش الشعبي.

كما يذهب أنصار تلك الرؤية إلى أن أكبر صفعة وجهتها جولات حميدتي الأفريقية حتى الآن هو إيجادها لأكبر عدد من شهود العيان المحللين والإقليمين كدليل بأنه على قيد الحياة ولم يمسه أي خدش بعكس ما ظلت دوائر فلول النظام البائد وأجهزته الإعلامية والأمنية تقول وتكرس طيلة الشهور التسعة الماضية، ما عصف بكل تصريحات وقرارات وبيانات سلطة الأمر الواقع، وجعلها في موضع الكاذب حتى يثبت العكس لدى المواطنين السودانيين أولا ولدول العالم ثانيا.

ويرى المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير شهاب إبراهيم في حديثه لـ(راينو) أن معظم الدول التي تمت زيارتها هي دول مهمة في المنطقة بالإضافة إلى أنها ساعية إلى إيقاف الحرب، وأضاف: بالتالي الجولات وتأكيدها على إيقاف الحرب يحاصر فعليا رغبة الداعين للحرب.

تصفية حسابات

وأوضح شهاب أن الجولات ربما استهدفت محاولة أن لا يكون هناك تأثيرا لدول الإقليم والمنطقة في الحرب، وقال: الجميع موقن إن إي توسع أو تحول واستمرار للحرب يؤدي إلى عدم استقرار المنطقة الإقليمية المحيطة بالسودان، خصوصا وأن هناك مسعى لبعض دول الجوار لإقحام السودان في أتون حرب إقليمية تتم فيها تصفية حساباتها الإقليمية داخل حدود السودان وهي مسألة مرفوضة. وتابع: وأعتقد أن تأكيدات القادة في الدول الصديقة للسودان بإيقاف الحرب هذا هو الأهم في كل الجولات سواء جولات تقدم أو جولات إي طرف آخر فاعل في السودان.

من جانبه أعتبر المحلل السياسي حمدي صلاح الدين في حديثه لـ(راينو) أن الاهتمام منقطع النظير من قبل الشارع بلقاء البرهان وحميدتي في جيبوتي فضلا عن تركيزه على توقيع حميدتي وتقدم في أدبس ابابا يعطي مؤشرا واضحا لرغبة السودانيين في السلام لكن النخب لديها مشكلة في توحيد القوى المدنية، وأضاف: تقدم والدعم السريع في خط السلام ولكن لأن صوتهما في الداخل غير مسموع لأن الطاغي هو صوت دعاة الحرب الإسلاميين.

حفاوة واستقبال

ويذهب صلاح الدين إلى أن الاتحاد الأفريقي علق عضوية السودان منذ انقلاب 25 أكتوبر بالتالي لا يعترف بالبرهان ولا مجلس السيادة ويعترف بسلطة ما قبل الانقلاب التي يمثل فيها حميدتي نائب لرئيس مجلس السيادة، وأضاف: بالتالي جولات حميدتي وفقا لما هو ظاهر وجدت احتفاء واستقبالات رسمية، ووجهة نظر سعى حميدتي لإيصالها ورغم ذلك فإن المهم هو الداخل السوداني…

ويرى حمدي أن الدعم السريع رغم سيطرته وتمدده في عشر ولايات ومحاصرته لولايتين تقريبا إلا أنه سياسي وشعبيا لا يجد قبولا بسبب الانتهاكات التي حدثت في الخرطوم والجزيرة… وأضاف: بالتالي في موضوع وقف الحرب الداخل أهم لأن الخارج يتعاطى مع صوت الداخل، وهي ذات المشكلة التي تعاني منها تقدم فحاضنتها على الأرض ضعيفة ولا تعبر عن صوت تقدما وهو ما نجح فيه الإسلاميون إذ عملوا على ملأ الفراغ منذ 15 أبريل بل قبلها أيضا، وعملوا عبر الأجهزة الأمنية والاستخبارات على خنق كل الأصوات إلا صوتهم بالتالي إذا أرادت إي قوى أو جيش أو دعم سريع وقف الحرب يجب أن تهتم بالداخل لأن الخارج يتبنى رؤية الداخل.

تحجيم العرقلة

وشدد حمدي على أن وزارة الخارجية يسيطر عليها الفلول ( الكيزان ) منذ انقلاب 25 أكتوبر وتأتمر بأمر التنظيم الشيطاني لعرقلة مساعي إيقاف الحرب كما أن المعلوم أن انقلاب كرتي في 15 أبريل جاء لقطع الطريق على اتفاق سياسي، ومن ثم تلعب الخارجية ذات الدور، فالأصل أن الاتفاق يبدأ بوقف الحرب وثانيا فتح الممرات الإنسانية والمساعدات، وثالثا الحل السياسي الذي يجعل ( القيزان ) خارجه، لذا الخارجية تعمل على عرقلة أي مساع لإيقاف الحرب.

أين حميدتي الآن ؟

ونقلت تقارير إعلامية مغادرة قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو رواندا متجها إلى الإمارات العربية، ووفق تقارير ومعلومات كشف عنها موقع (أوبن سودان) فقد وفرت دولة الإمارات طائرة خاصة من طراز بوينغ 737 أجلت حميدتي من دولة تشاد إلى أبو ظبي التي مكث فيها لأيام قبل أن يبدأ جولته الأفريقية.

وكانت آخر محطات حميدتي هي دولة رواندا التي قابل رئيسها الجمعة وبات ليلته في عاصمتها كيغالي وغادرها مساء السبت ووصل إلى مطار البطين في أبو ظبي في الساعة 9:45 مساء بتوقيت السودان.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *