أضواء علي دارفور : محطة إرسال جبل مرة الإعلامية بمنطقة (أُوو فوقو) الشاهق عظيم الجبال ٠٠٠٠ والإهمال المتعمد..!!
أضواء علي دارفور : محطة إرسال جبل مرة الإعلامية بمنطقة (أُوو فوقو) الشاهق عظيم الجبال ٠٠٠٠ والإهمال المتعمد..!!
بقلم : مكي إبراهيم آدم مكي:
تعد محطة جبل مرة للبث التلفزيوني إنجازًا مهماً
في مجال الإعلام في إقليم دارفور والسودان على وجه العموم بدأ العمل في إنشاء هذه المحطة الإعلامية في بداية التسعينات من القرن المنصرم، وتم افتتاحها رسميًا في أواخر عام 1996، وهي تقع في أعلي سلسلة بقمة جبل مرة منطقة “أُوو فوقو”، بمعنى “عظيم الجبال” بلغة أهلنا الفور. وتقع المحطة على ارتفاع يصل إلى حوالي 14 ألف قدم فوق سطح البحر.
وفكرة إنشاء هذه المحطة الرائدة و الملهمة جاءت من أبن المنطقة الباشمهندس (د إدريس يوسف أحمد) المختص في مجال هندسة الاتصالات و الذي ولد بمحلية شطاية التابعة لمحافظة كاس في ولاية جنوب دارفور.و يعتبر الباشمهندس إدريس رائدًا ورمزًا للتقدم والتنمية في المنطقة، حيث شغل مناصب عديدة فكان مديراً ومؤسساً لشركة دارفور للنقل والمواصلات، ومؤسسا لشركة “كايا” للاتصالات، ومسئولا للتخطيط بالمؤسسة السودانية العامة للإتصالات السلكية واللاسلكية في ذلك الوقت. وتعتبر محطة جبل مرة للبث أكبر محطة بث تلفازي في إفريقيا بتغطية تصل إلى نسبة ((80٪))من مساحة ولايات دارفور بالبث الإذاعي والتلفزيوني.
ويعد إنشاء إرسال محطة جبل مرة الإعلامية من الابتكارات الحديثة التي أدت إلى توسيع دائرة المعرفة والوعي لدى سكان قري و أرياف دارفور، حيث أصبحوا على اتصال مباشر مع العالم الخارجي وقد كان هذا الحدث فريداً ووجد رضى واستحسانا في نفوس سكان مناطق دارفور الكبرى حيث مكن أهالي القرى والأرياف في دارفور من الجلوس أمام جهاز التلفزيون للمرة الأولى لمشاهدة البث التلفزيوني ومتابعة أخبار العالم.
كانت هذه الخطوة ثورة في عالم تكنولوجيا الاتصالات وثورة المعلومات، إذ سمحت المحطة الفضائية بوصول الأخبار والبرامج التلفزيونية إلى مناطق بعيدة ونائية ومنعزلة عن العالم و مراكز التطور التكنولوجي.
في الوقت الذي كانت فيه قرى وأرياف دارفور تعاني من النقص الحاد في الاتصالات وتلقي الأخبار في زمنها. ومن خلال المحطة الفضائية، استطاعت هذه القرى الاطلاع على ما يحدث في العالم ومتابعة الأحداث الجارية بشكل مباشر.
و هناك طريقان للوصول إلى محطة ارسال جبل مرة الطريق الأول يتطلب سلك الطرق الوعرة بالعربات ذات الدفع الرباعي، من نيالا مرورا بمناطق يارا، كدنير، كارا، قبو، صابون الفقر، قورلنبانج، ثم إلى منطقة لوقي صعوداً إلى مركز الإرسال في “أُوو فوقو”
أما الطريق الثاني فيبدأ من نيالا ثم يمر عبر منواشي، مرشنج، الملم، جاوة، سوني وتعتبر هذه النقطة هي النقطة الأقصى التي يمكن الوصول إليها بالسيارة. ومن هناك، يمكن الذهاب على الأقدم أو استخدام الدواب للوصول إلى محطة الإرسال.
نهاية أبريل من العام 1999، بعد انتهاء امتحانات الشهادة السودانية في مدرسة الملم الثانوية، قررنا مجموعة من الأصدقاء والأخوة القيام بمغامرة لزيارة جبل مرة ومحطة الإرسال سيرًا على الأقدام.
فانطلقنا من الملم صوب قرية ليبيّ ومنها إلى حجر الحمام، صعوداً الي مناطق شرق جبل مرة دلو، جاوة، الي أن وصلنا إلي سوني العروس. قضينا يومًا في استراحة سوني واستمتعنا بإجوائها الرائعة حيث شلالاتها المنهمرة من أعالي الجبال، وتنزهنا في حدائقها وبحيراتها وشلالاتها وجداولها المتدفقة التي تحفها الأشجار من كل مكان.استمتعنا بروعة مناظرها الخلابة و زهورها الفواحة بألوانها الزاهية وأشكالها المتنوعة والمنتشرة في كل أرجاء البقاع المنبسطة. وكانت الصخور المتزاحمة والسهول المترامية تضفي جمالًا على المنطقة بشكل لا يوصف.
في صباح اليوم التالي، تركنا سوني و أِتجهنا نحو أعلى قمة في جبل مرة، قاصدين زيارة محطة الإرسال التلفزيوني في قمة أُوو فوقو التي وصلنا إليها ظهرًا وكانت السحب تلامس مرتفعات الجبل. استقبلنا العاملون في المحطة بكل لطف وبشاشة وكانوا كرماءً جدًا في تعاملهم معنا. قدموا لنا جولة في المحطة وفتحوا لنا القنوات التلفزيونية لنتمكن من مشاهدة التلفزيون والقنوات الفضائية المختلفة. قضينا وقتًا طيبًا معهم قبل أن نغادر المحطة ونعود إلى الملم.
عدنا من محطة الإرسال نزولاً من قمة الجبل عن طريق لوقي، مرورا بمنطقة تورنتونقا -بيوت العمالقة- صابون الفقر، قورلنبانج – وتعني وأدي الحراز – مرورا بمنطقة قبو حيث شلال عباس، كارا، كدنير، كاجا، جبرة، واخيراً وصلنا الي كيلا التي أمضينا فيها ليلة رائعة في منزل جدنا الفكي محمد عبدالرسول، وتحركنا صباحاً قاصدين الملم بعد رحلة امتدت لأكثر من سبعة ايام في مرتفعات و سفوح جبل مرة…!!!
من مر بجبل مرة ذاق طعم و حلاوة الإنس بجمال الحياة الطبيعية .. ومن زار جبل مرة تعلم الحب ..ومن زار تلك البقاع تنفس العبير وتنسمه وأصبح متفائلاً بالحياة وتنعم بها …!!!
ولكن بكل أسف لم يجد هذا المشروع الاعلامي الحيوي محطة إرسال جبل مرة ،الاهتمام من قبل مسئولي نظام الثلاثين عاما بل سعوا بقصد متعمد إلى عدم متابعة الصيانة للمحطة كما حدث بالنسبة لمحطات البث الاذاعي في كل من الفاشر والجنينة ونيالا والضعين فضعفت موجات البث وتضاءل مدى مساحاتها على الأثير .
سيظل مشروع محطة إرسال جبل مرة في قمة أوو فوقو صرحا إعلاميا شامخا يتطلب العمل من أجل إيقاظه من سباته العميق وسيأتي زمان يعيد إلى تلك المحطة حيويتها ودورها الطليعي المنتظر في بناء الوعي والفكر للإنسان في مناطق دافور وفي أرجاء مناطق السودان كافة.
———————————
مرفق مع المقال مجموعة من الصور والفيديوهات التي التقطها بعض الهواة، الذين تجولوا بعدساتهم و وثقوا مشاهد رائعة لمناطق مختلفة من جبل مرة.