لماذا يُصر “حميدتي” على وجود شهود في لقاء البرهان؟

135

راينو: بلو نيوز الإخبارية –

مطلب بدا مثيرا للدهشة ذاك الذي يصر عليه قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو، ورفضه الاجتماع بقائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان إلا في وجود وحضور رؤساء دول حكومات دول الإيقاد… في الوقت الذي يرى فيه البرهان أهمية عقد اللقاء على انفراد… فلماذا يصر حميدتي على وجود شهود في لقائه بالرهان؟

الخرطوم: راينو

ماذا قال حميدتي؟

في لقاء له مع قناة ( اسكاي نيوز) كشف قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) عن إصرار قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان على عقد لقاء مباشر معه دون حضور وسطاء.

وتحفظ حميدتي مؤخرا على لقاء البرهان دون شهود بعد اقتراح وسطاء من الاتحاد الأفريقي عقد لقاء مباشر بين حميدتي والبرهان بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الأزمة السياسية في السودان.

ووافق حميدتي على المبدأ العام للقمة، لكنه أبلغ الرؤساء الأفارقة اشتراطه حضور رؤساء دول الإيقاد. وبناء على ذلك ألغت المنظمة اللقاء الذي كان مقررا في جيبوتي في 28 ديسمبر الماضي.

وقال إن“ البرهان هو الذي طلب لقائي، لكنه يشترط أن يكون ذلك بشكل انفرادي”.

وشدد على أهمية إيقاف القتال باعتباره خطوت أساسية قبل إنهاء الحرب. قائلا،“ أنا لا أستطيع إيقاف الحرب لوحدي. وقف الحرب له إجراءات ونحن قدمنا مقترحات في جدة، وتم الاتفاق على 90 المئة من النقاشات هناك”. وأضاف:“ أول ما يمكن القيام به لإحلال السلام، هو وقف إطلاق النار”.

واندلعت حرب في 15 أبريل الماضي بين قوات الدعم السريع والجيش، واستمر تبادل الاتهامات بين الطرفين بإطلاق الرصاصة الأولى. وتسببت في مقتل ما يقارب 13 ألف شخصن فضلا نزوح 7.1 ملايين شخص، بينهم 1.5 مليون لجئوا إلى البلدان المجاور، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة.

فيما تسببت الحرب في خسائر للاقتصاد السوداني قدرت ب (15) مليار دولار بنهاية العام الماضي، وهو ما يعادل 48 % من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب دراسة أجراها المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية.

فيما ذكرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية كليمنتين نكويتا سلامي أن حوالي 24.7 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية “، أي نصف سكان البلاد.

ورعت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية منبر جدة للتفاوض من أجل وقف إطلاق النار بين الطرفين، وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية وتدشين عملية سياسية تفضي لاستعادة المسار المدني الديمقراطي، إلا أن المنبر تم تعليقه بسبب تعنت الجيش بعد التزام قائده باعتقال الفارين من فلول النظام البائد وثبوت تورطهم في إشعال الحرب وسيطرتهم على قرارها، وهو ما عجز عنه البرهان.

واختتمت القمة الاستثنائية ال 42 للإيقاد بالعاصمة الأوغندية كمبالا بحضور قائد قوات الدعم السريع وغياب البرهان احتجاجا على دعوة حميدتي.

وأعلنت وزارة الخارجية السودانية في بيان لها تجميد التعامل مع منظمة «إيقاد»، وقالت الخارجية السودانية، إن رئاسة إيجاد ارتكبت سابقة خطيرة بدعوة قائد مليشيا الدعم السريع لقمتها. وأضافت الخارجية: إن «إيقاد» ارتكبت تجاوزات بإقحام ملف السودان بالقمة الاستثنائية ال42.

انعدام الثقة

ويذهب المحلل السياسي محمد إبراهيم في حديثه لـ( راينو ) إلى أن إصرار حميدتي على وجود رؤساء دول وحكومات الإيقاد حضور لدى لقائه بالبرهان يستند على حالة من انعدام الثقة، وقال: سبق أن صرح الدعم السريع بأن قواته سمحت للبرهان بالخروج من القيادة العامة عبر صفقة محلية ودولية على أساس إيقاف الحرب، وبعد أن خرج البرهان تنصل عن كل الالتزامات والوعود وكذلك نائبه شمس الدين كباشي، وأضاف: لذا يصر حميدتي على ضرورة وجود شهود حتى لا يتم التنصل مما سيتم التوصل له.

ويرى إبراهيم أن جوهر اللقاء الذي سيجري بين قائدي الجيش والدعم السريع سيكون حول الخطاب الأساسي أو المسألة الجوهرية المتمثلة في بحث بناء وتأسيس جيش جديد وطني واحد للسودان أم إعادة هيكلة للقوى العسكرية والأمنية بما فيها الدعم السريع… وأضاف: اعتقد أنه عقب الانتصارات الأخيرة فإن من الأمور الأساسية التي سيضغط فيها حميدتي بقوة هي مسألة بناء وتأسيس جيش جديد للسودان يتضمن مجموع كبير من الجيوش، وبالتالي إصرار البرهان على اللقاء بانفراد فذلك يعود إلى أنه لا يريد الالتزام بأي شروط وحتى يتاح له القول عقب خروجه بأن اللقاء لم يصل إلى اتفاق أو نقاط جديدة، وتابع: ما يقوم به البرهان محاولة لإطالة أمد الحرب واستمرارها والهروب من الالتزامات الدولية والإقليمية، لأن انعقاد الاجتماع يعني عمليا الشروع في وقف العدائيات بعد الخطوة الأولى وهي وقف إطلاق النار ومن ثم دخول قوات أفريقية للفصل بين القوات وهو ما أظن أنه سيكون نقطة الخلاف الرئيسية.

وعود ونكوص

البرهان ظل على مدار السنوات الماضية بحسب المتابعين يقدم التزامات ووعودا وتعهدات عديدة ويعود إلى النكوص عنها، أخرها نفيه المستمر لأي علاقة له بالإسلاميين وكرر ذلك عقب اندلاع الحرب، إلا أن تقارير إعلامية قالت إن” قيادات في الحركة الإسلامية على رأسها الأمين العام على كرتي، عقدت اجتماعا مطولا مع البرهان في بورتسودان الذي ناقش معهم خيارات التعامل مع الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع”.

وكان حميدتي كشف في كلمة مرسلة إلى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي عن علاقة مجلس السيادة بالإسلاميين المتطرفين وفلول النظام السابق وبقايا حزب المؤتمر الوطني المنحل. وتحدث عن علاقة قيادات في الجيش بإسلاميين متطرفين بينهم قيادات في داعش قائلا” عناصر من تنظيم “داعش” التي ألقينا القبض على أميرها محمد علي الجزولي تحالفوا مع القوات المسلحة وباتوا يهددون الاستقرار والأمن في أفريقيا “.

أيضا ما رشح عن التزام البرهان للإدارة الأمريكية في شخص مبعوثها الخاص بعدم القيام بأي انقلاب على الحكومة المدنية في الفترة الانتقالية بتاريخ 24 أكتوبر وهو ما نكص عنه بانقلاب 25 أكتوبر.

وسبق أيضا أن أعلن البرهان وعدد من أعضاء مجلسه العسكري إبان اعتصام القيادة العامة، عدم فضهم للاعتصام طالما التزم بالسلمية وهو ما أوردته تصريحات على التلفزيون الرسمي فجر 3 يونيو وتحديداً في تمام الثانية والنصف صباحا، قبل أن ينكص العسكريون عن ذلك ويبدأ فض الاعتصام عمليا في الرابعة والنصف فجرا.

خوف البرهان

من جانبه يذهب القيادي بقوى الحرية والتغيير ماهر أبو الجوخ في حديثه لـ(راينو ) إلى أن إصرار حميدتي على لقاء البرهان بحضور رؤساء دول وحكومات الإيقاد يعود إلى أمرين، وقال: أولهما ظاهرا وبائنا للعيان ويتمثل في أن حميدتي يريد أن يكون كل ما سيتم الاتفاق عليه مشهودا. وتابع: الأمر الثاني أو السبب الخفي غير المنظور يتمثل في تقديري لأن حميدتي سيستغل اللقاء وسيواجه البرهان بحقائق وأدلة وبراهين حاسمة، والمؤكد أن البرهان سيكون في وضع صعب لنفي الأمر، وبالتالي ستتحول الاتهامات من مجرد اتهامات لمواجهة بين الطرفين مشهودة.

وشدد أبو الجوخ على أنه وبكل تأكيد من يملك الحجة سيجعل رصيفه أو الطرف الآخر في وضع حرج ومكشوف وأضاف: هذا في تقديري السبب الحقيقي لاشتراط البرهان أن يكون اللقاء منفردا لأنه يخشى مما سيقوم به حميدتي على مرآي ومسمع من دول الإقليم.

تحليلات اخرى اكثر تشاؤما ترى أن لقاء الرجلين أضحى ضربا من الخيال، وأن جملة التكتيكات التي تتخذها خارجية فلول النظام البائد تشي بذلك ، ويذهبون الى أنه كلما اقترب الجمع بين الجنرالين يبرز صوت الفلول عاليا لمنع ذلك، ويدللون بذلك على ممانعتهم لخطوات منبر جدة وتلميعهم للايقاد وحينما مضت الايقاد في خطواتها بدؤوا في مهاجمتها، ويتزامن ذلك مع أحاديث بقبول البرهان بدعوة تقدم ، اي المضي في مسار جديد للبدء من جديد بعدما هاجموا تقدم واتفاق أديس أبابا الذي تم توقيعه مع حميدتي.. ويشددون على أن كل ذلك عبث بالزمن من قبل البرهان والفلول لاطالة أمد الحرب بحثا عن تناقضات إقليمية ودولية تنقذهم، وعليه يرون أن على حميدتي وضع القول الفصل بالمضي في سحقهم عسكريا بدلا عن تسويقهم للسراب.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *