صلاح جلال: بروز رأس جبل الجليد للحلول التفاوضية .!!

50

بروز رأس جبل الجليد للحلول التفاوضية .!!

صلاح جلال ..

(١)

لقد إستهل الفريق البرهان أول جولات خروجه بعد الحبس فى القيادة العامة أمام جنوده فى قاعدة فلمنقوا بورتسودان بالنفى القاطع ، لعدم وجود (كيزان ) فى القوات المسلحة بالقول (مافى كيزان فى هذه الحرب يوجد جيش أغبش) نافياً إشعالهم للحرب الراهنة وتوريطهم للقوات المسلحة فيها ،بإفتعال معركة أرض المعسكرات فى صبيحة ١٥ أبريل ٢٠٢٣م بإستخدام كتيبة مشتركة من الإسلاميين فى القوات المسلحة وكتائب الظل التابعة لهم ، تحركت هذه الكتيبة دون إذن ومعرفة القائد العام للقوات المسلحة من اللواء الأول بالباقير فى أطراف العاصمة الشرقية ، هذا الجزء من الحقيقة أكدها الفريق أول البرهان نفسه لشهود ما زالوا أحياء تواصلوا معه لحظة إندلاع المعركة بالمدينة الرياضية منهم سودانيين عُدول ومنهم أجانب ، كما يمكن لأى محكمة للقانون الحصول على تلك التسجيلات .

(٢)

كل الشواهد بالنسبة لى أكدت أن كتيبة الباقير المنفلتة أطلقت الرصاصة الأولى فى الحرب دون أمر تحرك ودون علم القائد العام للقوات المسلحة ، هذه الواقعة حققتها عِدة أجهزة متخصصة ومجموعات إستقصائية محترفة وكذلك شهود من الأسرى ضباط وجنود ومليشيا من تلك المعركة مازالوا أحياء فى الأسر لدى قوات الدعم السريع، تم إستنطاق بعضهم فى مقابلات متلفزة ، وبعد شهرين من إستمرار القتال نعت الحركة الإسلامية رسمياً عدد من منسوبيها فى بيانات موثقة قالت بإستشهادهم فى المدرعات والإحتياطى المركزى ، كما أنها أعلنت فتح باب الإستنفار بعد ظهور فيديوهات لمنسوبي كتائب البراء والبنيان المرصوص وهم يرتدون زى القوات المسلحة داخل القيادة العامة وبعض الأقاليم للتعبئة والإستنفار للقتال برموز وأسماء معروفة، وقد زار البرهان نفسه أحد المصابين من الكتائب بالمستشفى العسكرى شندى

لقد قالت وثائق مُسربة تأكيداً وجود تنظيم إسلامي من الضباط داخل هرم القوات المسلحة ذكرت بعض التقارير عالية المصداقية بالأسماء حوالى ٧٨ ضابط عظيم منهم ما بين رتبة رائد لدرجة الفريق رسمياً رغم كل هذا الحقائق الدامغة التى يعلمها الشارع العام عن إشعال الكيزان للحرب بالتنسيق والتآمر الجنائي مع تكويناتهم العسكرية الشعبية أصر الفريق البرهان على نفى ذلك فى أول خطاب له بعد الخروج من القيادة العامة ومناسبات أخرى، السؤال لماذا أصر الفريق البرهان على حماية التنظيم كل هذا الوقت؟

هل هى كذبة الحرب؟ أم أنه عضو ملتزم داخل التنظيم !! أم أنها الكذبة البيضاء التى يفتى الكيزان بجوازها شرعاً وفق فقه الضرورة والتقية أحياناً ، قلنا كل ذلك نترك كل أمر إشعال الحرب للجنة تحقيق مشتركة وطنية بمساعدة خبراء دوليين للوصول لعنوان الحقيقة وتقديم الجناة للعدالة.

(٣)

لقد ظهر السبت الماضى الفريق ياسر العطا وسط جنوده فى منطقة كررى وفى تصريح لافت ليعلن على الملأ ، أن كتائب الإسلاميين المنكورة فى الماضى فى إعتراف صريح لايقبل الشك أنهم يحاربون بجانب القوات المسلحة بإعداد كبيره على حد تعبيره فى التسجيل المتداول ، السؤال هل فلتت الحقيقة من ثقل كتمانها أم أن تصريح العطا مدروس كجزء من خطة للمرحلة القادمة؟ *أرجح الأخيرة أنه تصريح مدروس ومقصود رغم أنه فى ظاهره يشكل إحراج للقائد العام للقوات المسلحة لتعارضه مع تصريحاته السابقة لجنوده والشعب السودانى الذى يتابع ، إذن ما هو الهدف من هذا التصريح المُكلف؟ أعتقد أن قيادة الجيش تستشعر أهمية مكافئة حلفائها فى فى هذه الحرب وأول الخطوات للمكافئة الإعتراف الرسمى بوجودهم والخطوة الثانية لطلب ضمان مقعد لهم فى أى مفاوضات قادمة

لوقف العدائيات وفى العملية السياسية المدنية.

(٤)

هذه التصريحات المعلنة تؤكد أن قيادة القوات المسلحة ترغب فى طريق آمن لمفاوضات جادة لوقف الحرب ، وتضع شروطها فى العلن وتؤكد فيه أنها غير قادرة على تجاوز حليفها القوى وسط رتبها العليا ومساندة مليشياتها إلتى أصبح لها وجود وتأثير داخل ما تبقى من وحدات للقوات المسلحة، هذه هى التوجهات المنبثقة عن تصريحات الفريق ياسر العطا ، ما العمل أمام القوى السياسية الوطنية التى تقول بعدم شرعية المؤتمر الوطنى ووجهاته؟

وما هو الموقف للوسطاء فى منبر الإيجاد والإتحاد الأفريقى ومنبر جدة والمجتمع الدولى من هذه المطالب التى وضعتها قيادة القوات المسلحة لإنهاء الحرب ؟؟ هل تتم الإستجابة لطلب قيادة القوات المسلحة أم ترفض مطالبهم قولاً واحداً .

(٥)

برز توجه إستيعاب المؤتمر الوطنى والحركة الإسلامية همساً بإيعاز من دوائر المؤتمر الوطنى فى تواصلهم مع بعض أطراف القوى السياسية وبتسريب مفردات المصالحة الوطنية الشاملة، والواقعية السياسية ، وضرورة إيقاف الحرب بأى ثمن ، كما علمنا من بعض المصادر أن المؤتمر الوطنى قد أجاز مبدأ التفاوض المباشر مع قيادة الدعم السريع وبدأ تحركات فى ذلك الإتجاه مباشرة ببعض الأسماء من رموزه المعتدلين وبعض الوسطاء الذين يصنفهم المؤتمر الوطنى والحركة الاسلامية كأصدقاء وحلفاء محتملين، وهم يحملون فى حقائبهم مشروع لوقف الحرب وقسمة السلطة بشرط إبعاد القوى المدنية وعدم تضمين مبادئي وأهداف وشعارات ثورة ديسمبر المجيدة ، بمعنى أوضح يكون ثمن وقف الحرب تصفية ثورة ديسمبر ودفن مبادئها ليحقق المؤتمر الوطنى ما فشل فى تحقيقه بالحرب بالمفاوضات كمكسب موضوعى لمساندتهم للقوات المسلحة وتقديمهم لتضحيات فى هذه الحرب الجارية

(٦)

تصريحات الفريق ياسر العطا تكشف رأس الجليد فى مشروع جاد وصريح من القوات المسلحة لوقف الحرب والعودة لعملية سياسية مدارة ومسيطر عليها ، كما الحال رغبتهم قبل حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م والرفض التام للإتفاق الإطارى وعدم الإعتراف بثورة ديسمبر ورفض خروج القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من العملية السياسية، الآن العقدة فى المُنشار لوقف الحرب الموافق يقول نعم والرافض يطرح المشروع البديل المغاير .

(٧)

ختاما

أنا مع المعتقدين بأن هناك طريق ثالث ومشروع بديل لمكافئة المؤتمر الوطنى والحركة الإسلامية بطريقة توفق بين رغبة قيادة القوات المسلحة والقوى المتحالفة معها ولضمان الإلتزام بتوجهات ثورة ديسمبر المجيدة وأهدافها بمبادرة كسبية عادلة، من خلال مشروع وطنى توافقى يلزم الإسلاميين بمراجعات أساسية للعبور والتواصل مع شارع الثورة عبر الإعلان عن قبول مبدأ العدالة الجنائية والتكميلية لكل من أجرم والمحاسبة القانونية العادلة وتصفية الوجود بالمحاباة غير الشرعية فى أجهزة الدولة الأمنية والمدنية وإستعادة المكاسب غير المالية بالفساد والمحسوبية وفق آلية عادلة والإعتراف بأن الحكم لايقوم على غير إرادة الشعب والإختيار

والختام الإعتراف بسقوط نظامهم بثورة شعبية، إذا وافقت الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطنى المحلول بهذه المقتضيات يا أخ العطا يكون هذا ثمن عودتها للصف الوطنى وعليهم تجديد آلية للعمل السياسى غير آلة الجريمة السابقة ويندرجوا فىةالحياة العامة، و يجب أن تعلم قيادة القوات المسلحة ويصل اليقين عبرك لكل الحركة الاسلامية انه لايمكن ويستحيل قفل هذا الملف بعفا الله عما سلف* وعلى المتضرر إنتظار عدالة السماء ، غير ذلك يفتح الله يا سعادة الفريق ياسر العطا ونشكر لك شجاعتك وسعيك بالطرح الصريح لرغبة قيادات الجيش الملتزمة مع الحركة الإسلامية بهذا الوضوح والصراحة، رسالتك وصلت Loud And Clear أتمنى أن يتواصل النقاش من كل المهتمين والمعنيين من قوى وطنية ومثقفين ومجتمع مدنى وأصحاب العقول النيرة فى هذا المشروع فاليبتعد عن هذا الحوار اللايفاتية الهواة والمأجورين والقونات والمطبلين بإسم الإعلام والصحافة وقِصار الساسة ،حتى لايفسدوا الحوار الجاد القادم لوقف الحرب وجعلها آخر الحروب فى البلاد .

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *