التدخل الإيراني في حرب السودان .. الأثار والتداعيات المحتملة .!!
مرة اخرى تطل طهران في مشهد الخرطوم على خلفية كما أعلنته قوات الدعم السريع مؤخرا باسقاط طائرة مسيرة من طراز(مهاجر6) التي تنتجها ايران، ليتجدد التأكيد بدعم ايران للجيش السوداني لمواجهة الدعم السريع في حرب 15 ابريل.. التسليح الحديث بالمسيرات الايرانية استبقته زيارة لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان الى طهران، واعقبها لقاء وزير الخارجية السوداني (المكلف) علي الصادق بالنائب الأول للرئيس الإيراني، محمد مخبر، على هامش مشاركتهما في «قمة دول عدم الانحياز» التي استضافتها كمبالا، وقال بيان سوداني عن اللقاء بأن المسؤولين «ناقشا استعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، وتسريع خطوات إعادة فتح السفارات بينهما». فما هي الاثار والتداعيات التي سيسببها بروز ايران في المشهد السوداني الحالي خصوصا بعد انكشاف الدعم العسكري الايراني للجيش السوداني؟
الخرطوم: بلو نيوز الإخبارية
تأكيدات دولية:
ونقلت وكالة (بلومبيرغ) عن مسؤولين غربيين تزويد إيران للجيش السوداني بطائرات مقاتلة من دون طيار (مسيرات) وأكدت الوكالة أن «أقماراً اصطناعية التقطت صوراً لطائرة من نوع (مهاجر6) الإيرانية في قاعدة وادي سيدنا العسكرية.
وطبقا لما نقلته الوكالة أكد ويم زويننبرغ، رئيس «مشروع نزع السلاح» في «منظمة باكس» الهولندية، أن «من بين الأدلة التي تُثبت وجود (مهاجر6) في السودان، صور الأقمار الاصطناعية التي التقطت في 9 يناير للطائرة من دون طيار في قاعدة وادي سيدنا الجوية.
كما حدد زويننبرغ «هوائياً لا سلكياً فوق مركز تحكم داخل شاحنة في مهبط الطائرات بقاعدة وادي سيدنا» باعتباره دليلاً إضافياً على تشغيل الطائرة من دون طيار. ووفقا لمسؤولين أميركيين، فإن «مهاجر6» قادرة على شن هجمات جو – أرض، والحرب الإلكترونية، والاستهداف في ساحة المعركة.
ما كشفته الوكالة وما أعلنه المسؤولون الغربيون لم يكن مفاجئا للمراقبين في الساحة، ففي وقت سابق من اواخر العام الماضي و بشكل غير رسمي، رشحت أحاديث عن دعم عسكري ايراني للسودان في مقابل تمرير دعم اخر لحركة المقاومة الاسلامية حماس.
وقطعت الخرطوم علاقتها مع طهران عام 2014م مبتدرة خطوتها تلك باغلاق المراكز الثقافية الايرانية، قبل أن تعود الخارجية السودانية وتعلن في أكتوبر الماضي، استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وانتظار افتتاح سفارتي الدولتين .
سر التوقيت:
كثيرون يربطون بين عودة العلاقات السودانية الايرانية بالخطوات التي اتخذتها دول المنطقة العربية باعادة تدريجية للعلاقات مع ايران، الامر الذي رفع الحرج عن جنرالات الجيش في الاستعانة بايران وخبراتها العسكرية في مواجهة الدعم السريع.
ويرى المحلل السياسي اسامة عبد الماجد بوب في حديثه لـ”بلو نيوز” أن الاصل في النظام الايراني سعيه الحثيث للتدخل في كل مناطق الصراع والبؤر المشتعلة في المنطقة العربية، وقال: ثمة علاقة ما بين النظام الايراني وكل دول الصراع في الوطن العربي، إذ أنه يحاول التدخل بكل الوسائل والاشكال في خلق وادارة كل البؤر التي يحدث فيها صراع غض النظر عن طبيعة النظر..
ويستدعي بوب نماذج للتدخل الايراني في المنطقة بالتدخل الماثل في العراق، كذلك في اليمن بالصورة التي وصفها بالفاضحة عبر الحوثيين، بالاضافة الى تدخله في لبنان عبر حزب الله الذي يعمل بحسب اسامة على تعكير الوضع الامني في جنوب لبنان، وفي سوريا ومحاولاته المستمتية لايجاد موطيء قدم ..
ويذهب اسامة الى أنه ليس من المستغرب ان تتدخل ايران بالياتها العسكرية واستخباراتها في السودان، واضاف: هذه العلاقة بين ايران وبين النظام المباد معلومة ومعروفة واهدافها وتوجهاتها الايدولوجية المرتبطة بالهوس الديني الذي يتم استخدامهم لتحقق مارب سياسية عسكرية، وتابع: ايران تهدف لايجاد موطيء قدم في البحر الاحمر و التمدد في افريقيا عبر بوابة السودان، لذلك تم استرجاع العلاقة الدبلوماسية بين قادة انقلاب 25 اكتوبر في الاشهر الماضية. مشيرا الى أن هذه الاعادة لم تأت من فراغ بل بعد الحرب بين الجيش والاسلاميين وبين الدعم السريع ، وقال: الحرب اتاحت الفرصة لقادة الانقلاب لاعادة العلاقة مع ايران بما يتيح له التدخل في الشان السوداني وطلب العون العسكري عبر جلب المسيرات القتالية وقبل ذلك وصول ضباط من القوات المسلحة ينتمون للنظام البائد للتدريب على استخدام المسيرات في الحرب.
الرياض والقاهرة:
ويرى المحلل السياسي الجميل الفاضل في حديثه لـ”بلو نيوز” أن مجرد ظھور الشبح الإيراني في المشھد السوداني من شأنه ان يقلق منام كافة عواصم دول الجوار بالمنطقة، وخاصة الرياض والقاھرة، فضلا عن أن محاولة إيران التبضع في سوق حرب السودان، قد سيثير مخاوف إسرائيل والغرب من اتساع رقعة النفوذ الإيراني بمنطقة البحر الأحمر الإستراتيجية.
وما يمكن أن يترتب علي مثل هذا التمدد لطھران من انعكاسات علي واقع الصراع المتفجر في المنطقة جراء حرب غزة والتي يخشي تطورھا الي حرب إقليمية واسعة النطاق. وقال: بالتالي فإنه لو بات في حكم المؤكد تورط إيران في دعم أحد طرفي الحرب بالسودان، فإن الدول الغربية وحليفتھا إسرائيل ربما لن تقوى على انتظار ما يمكن أن يسفر عنه ھذا التقارب السوداني الإيراني الذي يتجه نحو استعادة العلاقات بين البلدين بشكل كامل.
تقارير اعلامية:
بروز ايران في الحرب السودانية خاصة والمشهد السوداني عامة لم يمر مرور الكرام، ونقلت تقارير اعلامية عن راديو مونت كارلو تصريحات للممثل الخاص للأمم المتحدة للسودان رمضان العمامرة ادان فيها ما وصفه بالسلوك العشوائي الذي يستخدمه الجيش السوداني بضربه للمدنيين العزل واستهدافه للبنى التحتية، وقال العمامرة ان الجيش السوداني يتحمل نتائج الاخفاق للوصول الى وقف إطلاق نار دائم والبحث عن حلول لمعالجة الازمة السودانية. وأضاف: الجيش السوداني قام بجلب أسلحة وطيران من طهران ، ضاربا عرض الحائط بقرارات الامم المتحدة والقرار الامريكي الذي يمنع تصدير الازمات الى العالم والتي من بينها تجارة السلاح٠
وقال العمامرة: إنه اذا ثبت تورط الجيش السوداني بشراء أسلحة من إيران فسيتعين على الامم المتحدة تفعيل القانون ومعاقبة الجيش السوداني فورا٠
تحالف جديد:
من جانبه قال الباحث والكاتب والصحفي الاسرائيلي إيدي كوهين، ان هنالك معلومات تؤكد تزويد ايران للجيش السوداني بطائرات مسيرة لتصعيد واستمرار الحرب بين السودانيين كما فعلت بين اللبنانيين والعراقيين والسوريين واليمنيين وكما حاولت بين البحرينيين، واضاف؛ ان ايران تريد أن تتغلغل في افريقيا بواسطة السودان كما تتغلغل في البحر الاحمر بواسطة الحوثيين.
وذكر “كوهين” ان التقارب السوداني الإيراني سيعيد إلى ذاكرة الموساد الإسرائيلي أن منطقة ساحل البحر الأحمر في الحدود السودانية كانت منطقة نشطة ومعبراً استراتيجياً لتهريب السلاح إلى حماس، ما قد يثير مخاوفنا نحن الإسرائيليين.
تحليلات تذهب الى أن اتجاه الجيش وسعيه بكلياته للحصول على مساعدات عسكرية من ايران، تهدف أولا لوقف التقدم العسكري للدعم السريع في الميدان بعد سقوط حاميات ومدن مهمة في يده وانسحاب الجيش منها، وثانيا لفتح الطريق عبر طهران للتواصل مع روسيا وتركيا وسوريا باعتبارهم التحالف المناويء للولايات المتحدة الامريكية التي باتت وحلفائها ينظرون للجيش باعتباره ذراعا عسكريا للاسلاميين في حرب عودتهم للسلطة في السودان.
وتخضع ايران لعقوبات اقتصادية من قبل الادارة الامريكية منذ وقت طويل وتحديدا منذ ازمة الرهائن الامركبان عام 1979م، وفي نوفمبر الماضي جددت واشنطون عقوبات تستهدف برنامجي الصواريخ الباليستية والمسيرات الإيرانية، حيث تعهدت الولايات المتحدة وعشرات الشركاء الآخرين بمواصلة مواجهة تلك البرامج مع انتهاء القيود التي فرضتها الأمم المتحدة.
بيد أن ابرز سيناريو العقوبات الامريكية على ايران ما يعرف بعقوبات الطرف الثالث حيث لا تقتصر العقوبات الأميركية المتعلقة بإيران على الكيانات والأفراد العاملين في إيران فقط، وإنما تمتد إلى كل من يتعامل مع المستهدفين بالعقوبات، بغض النظر عن الموقع الجغرافي.
وبين حين وآخر تفرض واشنطن عقوبات على ما تصفه بـ”شبكات دولية” تتعاون مع الكيانات والأفراد الإيرانيين في انتهاك العقوبات الأميركية، بما في ذلك شركات تتخذ من مواقع مثل الصين، وأوروبا، والشرق الأوسط مقرات لها، فضلا عن فرضها جزاءات قاسية على البنوك والمؤسسات المالية العالمية، التي تنتهك عقوباتها المفروضة على إيران، وكل ذلك ما يرشح السودان وتحديدا الجيش للوضوع في قبضة هذه العقوبات.