السودان: حراك مكثف لبلورة رؤية حول العملية السياسية.
وكالات: بلو نيوز الإخبارية – تقرير صحيفة الشروق المصرية.
جعفر حسن؛ لابد من انضمام مصر والإمارات إلى منبر جدة، وإطلاق عملية سياسية يتوقف على لقائنا مع قائد الجيش.
محمد الفكى؛ العسكريون سيكونون جزءا من العملية السياسية وليس السلطة.
مبارك أردول؛ نسعى لتهيئة المناخ عبر تهيئة القوى المدنية وتوافقها على “وقف الحرب”.
تقرير صحيفة الشروق المصرية.
في الوقت الذي يسعى فيه المجتمع الإقليمي والدولي إلى عقد لقاءات بين طرفي الحرب في السودان، تشهد الفترة الراهنة في الحياة السياسية السودانية مساعي حثيثة من “القاهرة وجوبا” لتحقيق التوافق بين القوى السياسية والبحث عن قواسم مشتركة لايجاد حلاً للأزمة السودانية ووقف الحرب التي قاربت على نحو العام.
وقالت مصادر سياسية سودانية رفيعة المستوى إن الأوساط السودانية تشهد نقاشات وحوارات داخلية داخل الكتل المختلفة لبلورة رؤية حول العملية السياسية لإنهاء معاناة الشعب، ومعالجة أسباب الاستقطاب السياسي الذي يعد أحد مظاهر الحرب.
وأضافت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، في تصريحات لـ”الشروق”، أن التحركات السياسية بين القوى الفاعلة في المشهد تمثل نقطة فارقة في المشهد السوداني وترتيبات وقف الحرب وإعادة الاستقرار، وترسم مسارات للتحرك لمرحلة ما بعد وقف الحرب وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية مما تمهد لبناء الثقة لإطلاق عملية سياسية ذات مصداقية للخروج من المأزق الحالي.
وأكدت المصادر أن هناك نوايا جادة لطرح نقاش للروئ المختلفة للقوى السياسية، يتصدر عنوانها البحث عن قواسم مشتركة تُمكن من إحداث توافق سياسي، ومن ثم إطلاق عملية سياسية عقب إقرار وقف إطلاق النار بين العسكريين.
إطلاق عملية سياسية يتوقف على لقاء البرهان.
من جانبه، المتحدث الرسمي باسم “قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي” والقيادي في “تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية” (تقدم) جعفر حسن، أن عملية وقف الحرب لابد أن تمر بثلاثة مراحل، المرحلة الأولى هي وقف العدائيات، المرحلة الثانية هي انطلاق عملية سياسية، المرحلة الثالثة هي مخاطبة قائدي الجيش والدعم السريع.
وأضاف حسن في تصريحات لـ”الشروق” أن “وقف العدائيات” ضروري لأنه وف يمنع تبادل إطلاق الرصاص، وهذا سيؤدي مباشرة إلى مرور المساعدات الإنسانية للمواطنين المتواجدين بمناطق الحرب في الخرطوم وولاية الجزيرة وإقليم دارفور وكردفان، التي انتشرت فيها الحرب بصورة مباشرة وغير مباشرة، وهذا يتطلب وجود لجان يكون فيها الجيش والدعم السريع والقوى المدنية ومراقبين من العالم حتى يتم تسهيل مرورها من مكان تواجد الجيش لمكان تواجد الدعم السريع والعكس، كما أنه لابد من تشكيل لجان تعمل على عودة المواطنين إلى منازلهم، بصورة تضمن أمان حياة المواطنين عند عودتهم وضمان انسياب الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى ضرورة التباعد بين نقاط الاشتباك بين الطرفين من الأماكن المتواجدين بها، وإخلاء المباني لأن معظم المباني الرئيسية في المدن الكبيرة على رأسها قناصة من الطرفين، وكذلك تخفيف خطاب العدائيات بين الطرفين.
وأشار إلى أنه عقب تحقيق المرحلة الأولى، تبدأ مباشرة عملية سياسية تجاوب على الأسئلة الكبرى التي أشعلت الحرب، الخاصة بـ “السلطة، الدستور، الحقوق، المواطنة، وحدة السودان، الجيش المهني والموحد” لاسيما أن الدولة لا تتحمل تعدد جيوش مرة آخرى، ومن ثم هذا يحتاج إلى اتفاق سياسي ولن يستطيع أن يبلوره العسكريين بمفردهم، فهذه قضايا كبرى تهم جميع المواطنين، ولكن العسكريين يستطيعون بلورة اتفاق وقف العدائيات عبر حوار مباشر بينهما لكن لن يستطيعوا بلورة اتفاق وقف إطلاق النار، لأن هذا المصطلح هو اتفاق سياسي يتضمن كل النقاط التي تهم الطرفين وتهم جموع السودانيين، ويتم توقيعه عادة بعد مناقشة القضايا الكبرى، ومن ثم هذه المرحلة لابد أن تكون القوى السياسية جزءً منها، وعندما أتحدث عن القوى السياسية لا أعني “تقدم” فقط، بل أتحدث عن كل القوى المؤمنة بقيام الدولة السودانية الموحدة ما عدا المؤتمر الوطني بحيث يشارك الجميع في هذا العمل.
أما المرحلة الثالثة والأخيرة، تشمل تحديات من بينها ضرورة توسيع الجبهة المدنية إلى أقصى نقطة، والميزة الأساسية في هذه النقطة أنها تقلل الحاضنة الاجتماعية للحرب، فكلما كانت الحاضنة الاجتماعية للحرب ضعيفة والمناداة بالسلام كبيرة سهل ذلك على العسكريين إيجاد الحلول، ومن بين التحديات أيضا توحيد المنابر لأن تعددها خطير للغاية، ولذلك نناشد العالم بضرورة توحيد المنابر وهذا يتطلب مننا عمل كبير، لاسيما أن هذا التحدي مرتبط بالشركاء في الإقليم والمجتمع الدولي والمنطقة العربية.
وأضاف القيادي في “تقدم” أن هناك جهود تم بذلها في الإقليم بالضغط لكي يكون هناك منبر واحد فقط وهو “منبر جدة” حتى يكون الأساسي وتكون بقية الجهات داعمة له، حيث تم ضم الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيجاد في منبر جدة وهذه كانت خطوة مهمة، وما ننادي به الآن ضرورة مشاركة دول الجوار وبالتحديد مصر والإمارات.
وأكد حسن أن توتر الأوضاع في البحر الأحمر يتطلب أن تتوقف الحرب سريعا في السودان، لأن مع اشتعاله وإدخال أطراف أخرى مثل إيران، سيؤدي ذلك لأجندة دولية سوف تؤدي بالأزمة إلى خروج الوضع عن سيطرة الإقليم نفسه وتتبخر فرص إنهاء الحرب.
إطلاق عملية سياسية يتوقف على لقاء البرهان.
أما بشأن العملية السياسية، قال حسن إن رؤيتنا تحتاج لنقاش مع قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، فنحن أرسلنا خطابين للبرهان ولقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، والأخير استجاب للقاء وعرضنا عليه الرؤية ووافق على معظم البنود ويتبقى لنا لقاء قادة الجيش بنفس التصور حتى يكون هناك رؤية واضحة للحل، فمسألة وقف العدائيات بدون تصور لإنهاء الحرب سوف يعيد كل طرف تموضعه وتسليحه للاستمرار في الحرب لأطول فترة ممكنة، كما أنه طالما هناك إمداد للذخيرة ومساند إقليمي ودولي وقدرة على التحشيد، الحرب لن تنتهي بين الطرفين، لذلك لابد أن تنتهي على طاولة التفاوض، وأفضل وسيط يقوم بذلك هم القوى المدنية لأننا نحتفظ بصلات كبيرة مع الجيش والدعم السريع، مؤكداً أن إطلاق عملية سياسية يتوقف على لقاء البرهان.
وأضاف حسن: “ننتظر تحديد زمن اللقاء كما نناشده بعقده في أقرب وقت لحل مشكلة الدولة لاسيما أن الأوضاع الإنسانية للمواطنين تتجه للأسوء كل يوم، ونحن في “تقدم” و”الحرية والتغيير” ليس لدينا مانع في تقديم كل شىء من أجل المصلحة العامة وإيقاف الحرب وعودة الأوضاع الطبيعية.
وتابع : “نحن في “تقدم” و”الحرية والتغيير” نثمن الدور المصري ونرغب في زيادته في اتجاه الضغط على جميع الأطراف للوصول إلى اتفاق لوقف العدائيات ومن ثم وقف إطلاق النار”.
وبشأن التوافق مع القوى السياسية الآخرى لاسيما الكتلة الديمقراطية، قال حسن: ” نحن مع كل السودانيين حول رؤية إيقاف الحرب لكن تتبقى الرؤية، لأن ذلك لا يخص القوى المنضمة لـ “تقدم” فقط بل يخص كل السودان ولا نستطيع أن نزايد على آي شخص في وطنيته أو جهده من أجل ايقاف الحرب، لكن عندنا شرط بسيط جداً هو أن يقولوا أنهم ضد الحرب، فنحن مع آي طرف يقول أنه مع إيقاف الحرب عبر التفاوض”.
وأكد حسن أن الرؤية الموحدة هي التي ستجمع القوى السياسية، ولذلك تواصلنا مع عبدالعزيز الحلو قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، ورئيس حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور وكذلك حزب البعث والحزب الشيوعي، وليس لدينا تمسك باسم “تقدم” وعلى استعداد بأن نذهب لأي شخص وأي جهة إذا الرؤية واضحة، مضيفا: “نحن كتبنا رؤية ونحتاج رؤيتهم، وإذا وجدنا رؤية أفضل من رؤيتنا سنذهب لها أيضاً فنحن لا نعبد الأوراق، فكرتنا الرئيسية هي “كيفية تتوقف الحرب؟”.
أما بشأن مستقبل العسكريين، قال حسن إن هناك حاجة لإعادة بناء جيش واحد، مشيرا إلى أن الجيش لديه دورين مقدسين هما “حماية الدستور وحماية حدود البلاد” ولذلك السودان في حاجة لجيش مهني يخضع لسلطة مدنية يقوم بالمهام المذكورة، وعندما نصل للاتفاق السياسي الذي يؤسس لجيش واحد، إذن لن يكون هناك حركات مسلحة ودعم سريع، لذلك سيدمج في الجيش، مضيفاً أن مشاركة العسكريين ستكون في عملية وقف إطلاق النار، ومن ثم لن يكون له دور في الحياة السياسية.
وأشار حسن إلى أن وقف اطلاق النار في السودان له وجهين، الوجه الأول في السعودية لاسيما أن منبر جدة معني بوقف العدائيات، أما الوجه الثاني سيكون في قارة أفريقيا بالتنسيق مع منبر جدة، لأن الأفارقة أكثر معرفة بتعقيدات السودانيين، ولأن دول الجوار “مصر، جنوب السودان، تشاد” تحتاج إلى أن ترى ما سيتم الاتفاق عليه وما سيتضمنه هذا الاتفاق.
الواقع السوداني الحالي يحتاج لتوافق سياسي.
من جانبه، قال عضو مجلس السيادة السابق والقيادي في “تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية” (تقدم) محمد الفكي سليمان، أن تعدد المنابر لحل القضية السودانية يشكل ضرراً بالغ التأثير عليها، ولابد أن يكون هناك تنسيق بين هذه المنابر، مشيراً إلى أن آي اتفاق لابد أن يحمل ملامح الأطراف المشاركة، ونحن في “تقدم” قررنا لقاء قائدي الجيش والدعم السريع وجهاً لوجه، وبالفعل التقينا بقائد الدعم السريع، ورغم موافقة قائد الجيش إلا أنه لم يحدد الزمان حتى الوقت الراهن، ونعتقد أن هذا اللقاء مهم وسيلعب دور كبير في وقف الحرب.
وأكد سليمان في تصريحات لـ”الشروق” إن وقف الحرب واستعادة المسار المدني، يكون عبر المرحلة الأولى وهي وقف إطلاق النار، أما استعادة المسار المدني تكون عبر عملية سياسية والآن نعمل على ذلك ومنفتحين على الآخر، وبناءً على ذلك تحدثنا مع عبدالعزيز الحلو قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، ورئيس حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور وكذلك حزب البعث، ولديهم روئ ننقاشها معهم، مؤكداً أن تقدم ليست منفردة بالمشهد ولا نسعى لفرض رؤيتنا عليهم، فهم يرغبون في تكوين جبهة مدنية كبيرة، وآي شىء ينهي الحرب نحن مستعدين له.
وعن التوافق مع الكتلة الديمقراطية، قال سليمان: “نحن نتحدث مع أحزاب الكتلة كافة وحديثنا واضح لا اقصاء إلا للمؤتمر الوطني وحتى في فترة التحضير للاتفاق الإطاري عام 2022 كنا نتحدث معهم، ونحن لسنا متشدديين، ولكن هناك واقع جديد خلق أن السودانيين يريدون في التوصل لاتفاق حتى تتوقف الحرب ويحدث استقرار. وتابع قائلاً: “نحن جميعنا سودانيون وتربطنا هموم واحدة وليس لدينا مشكلة أن نكون في جسم واحد.. فالتنازلات يجب ان تكون حاضرة”.
وأشار إلى أنه خلال اجتماع “تقدم” مع رئيس جنوب السودان سيلفاكير ميارديت، أكدنا أننا منفحتين على جميع القوى ما عدا المؤتمر الوطني، وهو وعد بمزيد من النقاشات في هذا الملف، كما أكد على ضروة وحدة المدنيين، والنقاشات تسير نحو وحدة المدنيين.
وأكد أن الفترة الراهنة تحتاج لإجماع وتوافق لاسيما أن هناك انقسام شديد وسط المجتمع، وهذا لن يحث الا بتوافق كبير حول ملامح الفترة الانتقالية.
وأضاف سليمان أن العسكريين سوف يكونوا جزء من العملية السياسية، ولكن بالتأكيد لن يكونوا جزء من السلطة، لأن العملية السياسية لن تتم بدون مشاركتهم ونقاشهم حول بناء جيش وطني موحد والتزاماتهم تجاه خروج الجيش من السياسة.
أما بشأن الفترة الانتقالية، قال سليمان إن تقدم ترى أن الفترة الانتقالية يجب ألا تزيد عن عامين، وفق تحالف مدني كبير، كمرحلة أولى، ثم في المرحلة الثانية عبر التفويض الانتخابي، لأن السودانيين لن يسمحوا بالحكم لفترة طويلة بدون تفويض”.
وأكد سليمان أن هناك برنامج يسمى بـ”الخطة صفر” لإعادة الحياة إلى طبيعتها قبل الحرب، تتضمن عودة المواطنين إلى منازلهم، وتقديم الخدمات الأساسية، وآلية فتح الشوارع و حتى دفن الجثث المكدسة بها والتعرف على أهاليهم، فالحكومة القادمة التي ستشكل من السلطة المدنية لديها واجب كبير في إعادة الإعمار، والتوازن في العلاقات الخارجية في محيطنا الإقليمي بحيث نعيد تموضع السودان إقليميا ودوليا.
العودة للوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية وإجراء تعديلات عليها.
بينما قال الخبير القانوني السوداني الدكتور نبيل أديب، أن إيقاف الحرب يجب أن يتم على مرحلتين نسبة لإختلاف أدوار الفاعلين الرئيسيين في كل مرحلة، مشيراً إلى أن المرحلة الأولى تتمثل في وقف القتال، وهذه المرحلة تختص بها القوتين المتقاتلتين (الجيش – الدعم السريع) وتتلخص في التوصل لإتفاق لوقف العدائيات لفترة طويلة، وحتى يكون هذا الإتفاق ناجحاً فإن ذلك يتطلب تعيين مراقبين يعملوا على وضع خريطة تفصيلية لمواقع القوات المتحاربة وخروجها من المواقع التي لا يسمح لها قانون الحرب والحياد بالتواجد بها، ثم يلي ذلك وقف العدائيات الذي يشمل وقف إطلاق النار، ومنع تحريك القوات بشكل يُكسبها ميزة قتالية.
وأضاف أديب في تصريحات خاصة لـ”الشروق” عقب تلك المرحلة تأتي المرحلة الثانية والتي تشمل التأسيس الدستوري لإستئناف الفترة الانتقالية وتختص بها المكونات المدنية والسياسية للمجتمع السوداني دون إقصاء لأي قوى سياسية ما عدا المؤتمر الوطني “حزب الرئيس السابق عمر البشير”.
وأكد الخبير القانوني السوداني أن العملية السياسية القادمة تختص بالعودة لإستئناف الفترة الانتقالية، وفي تقديري أن تكون عبر العودة للوثيقة الدستورية بإعتبارها الدستور الحاكم للفترة الانتقالية، حيث إنه لا توجد سلطة تأسيسية يمكنها إصدار دستور جديد، على أن يتم تعديل الوثيقة الدستورية بالنسبة للأحكام المتعلقة بتكوين السلطات الحاكمة، بحيث يتم تكوينها بواسطة مجموع القوى المدنية السابق الإشارة لها، وهذا التعديل يتطلبه واقع الانقسامات المتعددة التي أصابت قوى الحرية والتغيير بحيث لم تعد موجودة بالشكل الذي كانت به وقت إصدار الوثيقة الدستورية عام 2019.
أما بشأن مستقبل العسكريين في العملية السياسية، قال أديب إنه يتمثل في حماية الفترة الانتقالية وكذلك بناء جيش واحد للدولة السودانية، مما يلزم معه تمثيل القوات المسلحة في الهياكل الحاكمة بشكل يتم الاتفاق عليه بين القوى المدنية المكلفة بتعديل الوثيقة الدستورية.
وأشار أديب إلى أن التوافق بين جميع القوى السياسية الداعمة للتحول الديمقراطي ليس فقط ممكناً، بل هو مطلوب لضمان انجاز المهام الأساسية للفترة الانتقالية والوصول إلى المؤتمر الدستوري والانتخابات العامة، وذلك أن البرامج الحزبية التي تختلف بشأنها القوى السياسية ليس مجال تطبيقها الفترة الانتقالية، بل يجب إرجاءها لمرحلة ما بعد الانتخابات العامة حتى يتم تطبيقها بواسطة حكومة منتخبة.
جمع كل الأطراف من أجل سودان موحد وانتقال ديمقراطي حقيقي.
فيما قال القيادي بالكتلة الديمقراطية مبارك أردول، أن الكتلة بصدد تحديث موقفها من أجل مخاطبة طرفي القتال بشكل مباشر، وهذا موقفنا الذي عرضنا على القيادة السياسية في جنوب السودان، ومن ثم سنبدأ في ترويج هذا الموقف للسودانيين والمجتمع الإقليمي والدولي، مشيراً إلى أنه سيكون موقف جديد هذه المرة وسيكون مختلفاً عن المواقف السابقة.
وأضاف أردول في تصريحات لـ”الشروق” أن الحرب السودانية بدأت تأخذ أبعادً مختلفة لاسيما أنها قاربت نحو إتمام عامها الأول، ومن ثم لدينا رغبة قوية في اتخاذ خطوات عملية نحو إنهاءها، مع الاعتبار أن الكتلة الديمقراطية لديها تأثير ونفوذ وعلاقات مع أطراف القتال المختلفة والإقليم وتحظى بثقة الشعب السوداني في التعامل مع ملف السلام، لذلك هذا سوف يؤهلنا كثيراً لمسألة طرح السلام بصورة مختلفة عن الأطروحات السابقة.
فيما أكد القيادي بالكتلة الديمقراطية أن ما نسعى إليه في الوقت الراهن هو إحلال السلام وتحقيق التوافق السياسي، وهذا سيأتي عقب وقف القتال، وهذه أولوية قصوى بالنسبة لنا، ولكن نحن لا نسعى لتوحيد الكتلة أو الإنضمام إلى تقدم، مضيفاً أنه ليس بالضرورة أن تنصهر الكتلتين في جسم واحد، فمن الممكن أن نتفق حول موقف واحد وهو “وقف القتال”.
واستنكر أردول ما يروج أن الكتلة الديمقراطية تقول “نعم للحرب” قائلاً: “نحن لم نكن طرفاً في إشعالها ولا نقول نعم للحرب، ولكن نحن نقف بجوار الشعب الذي تم مهاجمة منازلهم وسرقة أموالهم، إذن نحن ضد العدوان على شعبنا وهذا حق مشروع”.
وأكد أن موقفهم هو “إنهاء القتال وتحقيق السلام”، ومن ثم يتم ذلك عبر التفاوض المباشر مع طرفي القتال وعرض للمواقف بشكل مباشر والوصول معهم لتوافق يعمل على تهيئة المجال لتحقيق السلام، مضيفاً أن تهيئة المجال يأتي عبر تهيئة القوى السياسية وتوافقها على موقف “وقف القتال”.
أما بشأن رؤيتهم للعملية السياسية، فأشار إلى أن موقفنا هو جمع كل الأطراف من أجل سودان موحد وانتقال ديمقراطي حقيقي وعودة النازحين واللاجئين وإعادة الإعمار في البلاد، وبترتيب كل هذه القضايا حسب أولوياتها تكون هذه الرؤية تكون مكتملة لتحقيق التوافق السياسي والمدني، فنحن لا نريد السيطرة على المجال السياسي ولن نترك أحد يسطير عليها، لاسيما أن العملية السياسية سوف تبدأ مباشرة بعد وقف القتال.
وعن مستقبل العسكريين في العملية السياسية، قال أردول إنهم لا يجب أن يكونوا جزءً من إدارة الدولة، بل يجب أن يتم التفرغ من جانبهم لإدارة الملف الأمني والعسكري الذي كشف الحرب عن مدى احتياجه إلى بناء وإصلاح، وكذلك التفرغ للمهام التي يحددها الدستور، ويتم ترك العملية السياسية للقوى المدنية وإدارة الدولة والنظام في الحكومة وتهئية المناخ لانتخابات، مضيفاً: “يمكن أن يكونوا شركاء في تخطيط المرحلة الانتقالية ولكن لا يكونوا شركاء فيها”، مضيفاً أن الفترة الانتقالية قصيرة يجب ألا تزيد عن 3 سنوات، وتمكن السودانيين من استعادة الوضع ولو جزئياً كما كان.
وعن التواصل مع العسكريين لعرض تلك الروئ، قال أردول إن نهج الكتلة الديمقراطية سيكون مختلفاً عن نهج كتلة “تقدم” وسيكون بصورة مباشرة وفعالة أكثر لوقف القتال، وسوف نفصح عنه في الوقت المناسب.
وأشار إلى أن عقد المؤتمر الدستوري للنقاش بشأن القضايا الكبرى الخاصة بالحكم وغيره، لابد أن يكون بمشاركة الجميع حتى يحدث توافق يه.
وأضاف أنه عقب وقف القتال سوف تبدأ الترتيبات لإعادة المواطنين إلى السودان، وكذلك إدخال المساعدات الإنسانية، ومن ثم بدء العملية السياسية مباشرة وهذا ما نجتهد من أجله في الوقت الراهن، ويحدث التوافق خلال العملية السياسية، بحيث ينغمس العسكريين في نقاش حول كيفية إصلاح القطاع الأمني وبناء جيش وطني وموحد، وتنغمس القوى السياسية في حوار لتهيئة المجال السياسي لتشكيل حكومة متوافق حولها وبعدها تبدأ المرحلة الانتقالية.