رحلات التهريب إلى مصر .. سودانيون يقاسون الصعاب وسط مخاطر أمنية وصحية .!!

55

التغيير: بلو نيوز الإخبارية –

ارتفعت معدلات لجوء السودانين إلى مصر عبر التهريب من الحدود السودانية برا خاصة عقب دخول قوات الدعم السريع لمدينة ومدني حاضرة ولاية الجزيرة.

في بداية الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع سمحت السلطات المصرية بعبور السودانيين الفارين إلى مصر بإجراءات بسيطة حتى لأولئك الذين لا يحملون جوازات بمنحهم فيزا وثيقة اضطرارية عبر خلالها الآلاف إلى المدن المصرية. ومع استمرار الحرب ورغبة الكثيرين في الدخول إلى مصر تعقدت الإجراءات وأصبح الحصول على التأشيرة أمرا صعبا جدا ويتطلب ما بين (4-7) أشهر مما دفع الكثيرين لاختصار الوقت والوصول إلى مبتغاهم عن طريق التهريب.

أرقام ولاجئين:

بحسب كريستين بشاي المتحدثة الرسمية لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين في مصر، فإن العدد المسجل بالمفوضية نصف مليون لاجئ من 62 جنسية، وإن العدد الأكبر من السودان وسوريا.

ووفقا للمفوضية حتى 31 ديسمبر 2023، وصل عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية 207.833 ألف.

النوم في الصحراء:

تقول المواطنة السودانية انتصار لـ(التغيير) إنها دخلت مصر عن طريق التهريب بعد أن عجزت عن الحصول على تأشيرة، فـ”منذ ثلاثة أشهر وأنا انتظر ولكن دون جدوى خاصة وأنني كنت علي أمل اللحاق بالعام الدراسي لذلك قررت السفر مع أطفالي إلى مصر عن طريق الصحراء”.

غادرت انتصار من نقطة خلوية بولاية نهر النيل، حيث دفعت للسائق مبلغ 900 ألف جنيه أجرة ثلاثة أشخاص بعد أن تم إعفاء الصغير 9 سنوات من التعرفة بواقع 300 ألف للشخص الواحد.

ووصفت انتصار السفرية بالأسواء في حياتها قائلة: وصلنا في ثلاثة أيام رغم تأكيد السائق أن الرحلة تستغرق يوما ونصف اليوم.

وأضافت: واجهنا الموت أنا وأطفالي ونحن نجلس في الخلف (مربطين) بالحبال وأرجلنا في اتجاه الأرض حتى لا نسقط. ورغم ذلك سقط هاتفها في الصحراء من شدة الاهتزاز والمطبات ورفض السائق التوقف لالتقاطه.

وقالت: اضطررنا للمبيت في أحد الجبال بالصحراء. نام الرجال في الأرض، بينما أنا وأطفالي قضينا ليلتنا داخل صندوق السيارة. لم ننم من شدة البرد والخوف، وعند الصباح لم نتحرك كما هو متوقع بل رجعنا إلى الخلف عدة كيلومترات، وأخبرنا السائق بأن هنالك دورية للجيش المصري ويجب أن لا نتقدم بعدها.

وتروي انتصار لـ “التتغير” قصتها وتقول: وصلنا نقطة محددة واضطررنا للمبيت لليوم الثاني لذات السبب. دخلنا أسوان في اليوم الثالث ونحن في غاية التعب، كانت أرجلي متورمة ولا أقوى علي المشي.

وتضيف: تعرضنا للنصب والسرقة من أصحاب التكاتك بالقرب من أسوان، أحدهم أخذ مني مجوهرات ذهبية ومبلغا من المال. لكن في النهاية وصلنا إلى أحد المعارف في أسوان ومنها سافرنا إلى القاهرة.

الوقوع في المحظور:

حظنا العاثر أوقعنا في يد الجيش المصري هكذا يقول أمجد لـ(التغيير)، ويضيف: الكثيرون عبروا إلى مصر بالتهريب، ولكن تم القبض علينا في منطقة أرقين ووجدنا هناك حوالى 60 شخصا مقبوض عليهم.

ويقول أمجد: كانت المعاملة جيدة، إذ تم نقل المرضى للمستشفى وكبار السن إلى مكان مهيأ بينما وضع الشباب في أحد المساجد، وبعد ثلاثة أيام تم إرجاعنا للسودان وقالوا لنا إنكم محظوظين لأنكم لم يزج بكم في السجن.

ويضيف: حاليا نبحث عن سائق العربة السوداني الذي تعهد لنا بإرجاع المبلغ أو توصيلنا مرة أخرى إذا تم القبض علينا، وعلمنا أن هذا جزء من الاتفاق.

وختم أمجد حديثه بأنه سيحاول مرة أخرى الوصول إلى هنالك للالتحاق ببقية أفراد الأسرة الذين سبقوه.

في ذات السياق تقول هديل أحمد: الجيش المصري طارد سيارتنا في الصحراء واضطررنا للعودة إلى حلفا وفي الطريق وجدنا مجموعة من اللاجئين على ظهور الجمال، يبدو إنهم كانوا عائدين أيضا للسودان، وربما تعطلت سيارتهم أو تم القبض علي السائق والسيارة.

المحامي مزمل عثمان أوضح لـ (التغيير) أن محاضر الشرطة المصرية تعج بالبلاغات ضد السودانيين خاصة اللاجئين الذين لم يوفقوا أوضاعهم لدى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هؤلاء يفقدون الكثير من حقوقهم القانونية.

وقال: هنالك أمثلة كثيرة، مثلا: جاءتنا سيدة تعرضت للسرقة وتعرف السارق لكنها لم تستطع أن تفتح بلاغا جنائيا لجهة إنها مقيمة بصفة غير شرعية، كذلك هنالك بعض المرضى لم يستطيعوا معاودة الأطباء في مناطق وسط البلد خوفا من حملات السلطات المصرية ضد المخالفين للإقامة، والبعض أيضا يتعرض للابتزاز بسوق العمل ويضطر للتنازل عن حقوقه ويعمل براتب أقل إذا وافق صاحب العمل على تشغيله.

ويضيف مزمل في حديثة لـ(التغيير): في مصر عموما إذا ما تم القبض عليك في أي بلاغ واتضح إنك لاجئ ولا تحمل بطاقة المفوضية يتم ترحيلك إلى السودان بعد قضاء فترة في السجن تتراوح ما بين ثلاثة أسابيع وشهر، وأحيانا شهر ونصف الشهر، وستفقد حتى الحق في زيارة الأهل.

منصة قانونية:

تعتبر منصة اللاجئين (قانونية مصرية مستقلة) أحد الأجسام الطوعية التي تساعد اللاجئين في مصر من مختلف الجنسيات.

تقول المنصة عبر موقعها الرسمي إنها رصدت ووثقت “مشاكل متعددة ترتبط بنظام وسياسات تقديم خدمات التسجيل لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر بشكل عام. فيما يخص الخدمات الأساسية للتقنين أو الاعتراف بالشخصية القانونية فإنها تؤدي بشكل مباشر إلى نتائج ترفع مستوى واحتماليات المخاطر على ملتمسي/ات اللجوء واللاجئين/ات في مصر.

وأكدت المنصة أن الصعوبات تزيد من تحديات وعوائق أمام مسائل الحماية القانونية والحماية الخاصة المرتبطة بوضع التماس اللجوء أو الحصول عليه.

وأشارت إلى أن اللاجئين محرومين من الخدمات ومعرضين للخطر،

وأن المفوضية تحدد لطالبي التسجيل مواعيد تمتد لشهور طويلة جدا لا تستقيم مع حاجتهم للتحرك بحرية.

الحريات الأربعة:

وفيما يخص السودانيين اتهمت المنصة الحكومة المصرية بمخالفة اتفاقيات الحريات الأربعة بتقييد تأشيرة الدخول الأمر الذي زاد من معدلات اللجوء بشكل غير قانوني.

واكدت المنصة أيضا تلقيها بلاغات احتيال لسودانين تعرضوا لعمليات نصب من أناس استغلوا حاجتهم للتسجيل في المفوضية.

السفارة بمصر:

من جانبه أقر سفير السودان بجمهورية مصر العربية محمد عبد الله التوم، خلال لقائه بعدد من الإعلاميين السودانيين، بدخول بعض المواطنين السودانيين بطريقة غير شرعية “تهريب” لجمهورية مصر. ووصف الدخول غير الشرعي بالمهدد الأمني وله مخاطر عدة. مشيرا إلى أن العمل القنصلي تضاعف جراء الوجود السوداني بأعداد كبيرة.

وأكد السفير استمرار السفارة في تنسيق الجهود لمنح الإقامة للسودانيين،

كاشفا عن اقتراح السفارة لحلول بهذا الشأن بغرض زيادة مدة التأشيرة سيجري التنسيق لها مع وزارة الخارجية المصرية، لافتا إلى أن عدد المعاملات اليومية بالقنصليات يتجاوز (600) إجراء يوميا.

وأشاد السفير بالحكومة المصرية التي سهلت إجراءات الدخول للسودانيين المتأثرين بالحرب منذ شهر أبريل من العام الماضي.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *