علي أحمد: اقتربت الساعة وانتصر الجيش!

68
الأستاذ علي أحمد..

وفي الحكايات الشعبية أنّ فتاة سمعت أن أحد المغتربين سيأتي في إجازته العام المقبل ليخطبها، فانخرطت في نوبة بكاء طويلة؛ تحيرت أمامها أسرتها فسألوها عن ما يبكيها، خصوصًا وأنّ هذا المغترب لم يأت بعد وقد لأ يأتي مُطلقًا ، فردّت: “أنا خايفة من الولادة في الغُربة”!

ويبدو أنّ اللواء “خليل باشا سايرين” وزير داخلية حكومة دولة البرهان وكيزانه البورتسودانية، وهو زير بلا وزارة ولا شُرطة بعد هروب ضباطها وجنودها وتفرقهم أيدي سبأ، يبدو أنه أيضاً يخشى ولادة الغربة، حيث جاء في خبر أوردته وكالة (سونا) للأنباء أنه التقى بمجموعة (شركة) استشارية ألمانية وناقش معها موضوع إعادة إعمار السودان بعد الحرب!

لم ينته الخبر بعد لتعرفوا كيف أوغل في الكذب وأغدق؛ حتى فاض وتدفّق، إذ أكّد الخبر أن وزير الداخلية المكلف اللواء شرطة متقاعد (سايرين) التقى بمكتبه – أمس – أعضاء المجموعة الألمانية للخدمات والاستشارات بحضور المدير العام لقوات الشرطة المكلف.

وقيل فيما أطلقت عليه (سونا) البورتسودانية؛ خبراً، أن الباشا سايرين أوضح للوفد الألماني استعدادات وزارته لمرحلة إعمار السودان بعد الحرب وأنها وضعت العديد من الخطط والبرامج، ومدح التعاون والتنسيق بين السودان و(ألمانيا) في مجالات التدريب والاتصالات و المجالات الفنية وفق خطة إعمار السودان بعد الحرب.

بالطبع، لا توجد حقيقة واحدة في هذا الخبر، فليس هناك مجموعة استشارية ولا ألمان ولا الحرب انتهت من أساسه ليُعاد إعمار السودان ولا الباشا ورفيقه لديهم وزارة داخلية!، إنما القصة كلها (مأكلة جديدة) تتُاح لهؤلاء المُستجدين ليلجوا الفساد وينضموا إلى المفسدين فيزيد عددهم – والعياذ بالله – من الفساد في زمن الحرب.

دعونا نفكك الخبر ونعيده إلى عناصره الأولية، فنسأل، هل هناك وزارة داخلية؟ وإذا كانت موجودة افتراضاً، فهل بالفعل لديها خطط وبرامج لمرحلة ما بعد الحرب؟ بل هل لديها برامج وخطط للمرحلة الراهنة؟ أليست هذه أكاذيب صريحة ووقحة؟

ثم إن ليس هناك مجموعة ألمانية في الأساس، فالسوداني صاحب الشركة المنزلية الصغيرة، وفي إمكان أي شخص مقيم إقامة دائمة في أوروبا أو أمريكا أن يسجل شركة أون لاين بكل بساطة وسهولة، وهذا ما فعله صاحب الشركة السوداني المقيم بألمانيا الذي التقاه (الباشا الغشيم) أمس، وتباهت سونا بالخبر المفبرك.

هؤلاء الكيزان لا يتورعوا في صُنع الأكاذيب وتصديقها، بل يتمادون فيها حتى يجعلوا الآخرين يتشككون في معلوماتهم المؤكدة بأن القصة كلها محض أكذوبة رديئة الصِنعة.

ولأن حبل الكذب قصير، اضُطرتْ (سونا) إلى الكشف عن هوية صاحب الشركة السوداني، حيث قالت: “وفي ذات السياق استعرض الأستاذ حسين سليمان رئيس مجلس إدارة المجموعة أنشطتها وخطتها لإعمار السودان بعد الحرب مُشيرًا إلى اهتمام ألمانيا واتجاهها نحو أفريقيا وفي مقدمتها السودان”.

إذًا هو الأستاذ حسين “سوداني” الجنسية، ربما كان يحمل جنسية ألمانيا أو مقيماً بها، فأين ألمانيا الدولة التي يحتفل بها؟!

وبالطبع الغرض من كل هذه الفبركات والأكاذيب هو ، انهم وفي سياق (سواقة الشعب بالخلا)، يريدون أن يوعزوا أنهم قد حسموا الحرب وحققوا انتصارات كبيرة وأن المعركة أوشكت على نهايتها، فيما لم ير أحداً حتى الآن جندياً واحداً من الجيش يصور مقطع فيديو في الإذاعة ولا الاحتياط ولا القصر الجمهوري ولا اليرموك ولا حتى وزارة الداخلية صاحبة الكذبة، ولا أمام الفرق التي تساقطت كورق الخريف في دارفور وكردفان والجزيرة، هل شاهد أحدكم الجيش وهو يحرر تلك الأماكن؟ إذاً، كيف انتهت الحرب، حتى ننتقل إلى مرحلة الإعمار، وهل إعمار دولة حدث بها كل هذا الدمار المهول تقوم به شركة الأستاذ حسين؟

إن اعتماد الأكاذيب والفبركات خطاً إعلامياً متقدماً في الدعاية الحربية للجيش الكرتي، أصبح ديدناً كوميدياً يجعل جنبات العالم كله ترتج ضحكاً وسخرية، خصوصاً مثل هذا الخبر موضوع المقال، الذي لا يحتوي على حقيقة واحدة.

انه مسيلمة البرهان وقومه!

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *