صحفيون حضنهم الموت .. فقدان في زمن الحرب .!!
الخرطوم: بلو نيوز الإخبارية –
خلال فترة التسعة شهور الماضية ومنذ انطلاق الحرب المدمرة في السودان، فُجع الوسط الصحفي والاعلامي في كثير من اعمدته، كثيرون منهم غادروا بكل هدوء لم يتركوا مساحة لوداعهم، توقفت قلوبهم بعد أن عجزت عن إئتلاف الخراب و الموت، تاركين خلفهم مقالات لم تكتب وروايات لم تروَ وأخبار لم تحدث بعد.
رحيل الهرم:
عاش شامخاً كالهرم ومات على ذات الشموخ، كان آخر ما فجع فيه الشعب السوداني عامة والصحفيون بصفة خاصة أستاذ الأجيال وعميد الصحافة السودانية الأستاذ محجوب محمد صالح، الذي انتقل إلى رحمة الله يوم الثلاثاء الماضي بعد رحلة استفشاء بالقاهرة، كان مهموماً بقضايا الصحافة والصحفيين، وفي التأريخ القريب كان له الفضل في توحيد الأجسام الصحفية قبيل انتخابات نقابة الصحفيين السودانيين “2022”، وعمل جاهداً من أجل قيام النقابة وكان له ما تمنى.
وفور انتشار خبر وفاة الأستاذ محجوب محمد صالح، سيطرت صورته على وسائل التواصل الاجتماعي ونعاه تلاميذه الذين صاروا الآن نجوماً في الصحافة السودانية، وكتبت الأستاذة مشاعر دراج، “فقدنا اليوم أستاذ الأجيال محجوب محمد صالح وهو استاذي العظيم حيث بدأت الصحافة في مدرسة الأيام المتفردة ودائماً ما اقول أنا فخورة جداً بأنني تدربت في هذه الصحيفة التي بفضلها الآن أصبحت صحفية ذات مكانة” وغيرها من من ملأوا الوسائط حزناً على فقيد الوطن والصحافة.
أسماء في السماء:
اسماء لامعة في مجال الصحافة والإعلام غيبها الموت خلال فترة هذه الحرب أمثال، الصحفي هاشم كرار، المصور نميري شلبي، والمصور عصام الحاج، المصور النذير عز الدين، الصحفية هويدا سليم، الاذاعية بإذاعة جنوب كردفان راوية ضلمان كباشي، والصحفي الرياضي محمد الخاتم، المدقق اللغوي الحاج محمد عبدالوهاب، المدقق اللغوي عبدالسلام كامل، الصحفي طارق علي، الصحفي محمد عبدالحميد، الصحفي بولاية غرب كردفان معتز يوسف، الإذاعي يعقوب الفضل خليفة، والصحفية حليمة عبدالرحمن،المخرج الإذاعي حاتم مصطفى العوض، لهم الرحمة والمغفرة جميعاً.
“عائدة التي لم تعُد”
وفي نهايات شهر الحرب، سكت قلب الصحافية عائدة قسيس بطريقة مفاجئة ، مع اشتداد العمليات الحربية بمدينة أم درمان، حيث سقطت أرضاً في طريق عودتها إلى المنزل من احد اسواق منطقة سكنها..
كانت عائدة صحفية مهنية متميزة في المجال الإقتصادي، وزميلة وفيّة لحقوق الزمالة، تفضحها انسانيتها العالية متى ما كانت الحاجة لذلك وغير حاجة، عرفها الجميع في أواخر عهدها عقب فوزها بمقعد في مجلس نقابة الصحفيين، ومن خلال نشاطها الإجتماعي في كل المحافل التي شهدتها دار نقابة الصحفيين، أول من تحضر إلى الدار وآخر من يغادرها بعد أن تطمئن على ضيافة الحضور في كرم متناهي، وتحكي عنها الزميلة رحاب فضل السيد “إنه في ذات نهار قائظ ونحن في اجتماع لايقل سخونة من ذات النهار، وعند ما وصل النقاش مرحلة بعيدة فى التشتت وتباعد الآراء، طلبت الفقيدة أن نأخذ قسطاً من الزمن، استسلمنا جميعنا لالتقاط أنفاسنا إلا عائدة التي عادت للمجتمعين بأكواب الشاي الذي اعتذرت عنه هي لأنها كانت صائمة في ذات اليوم”
ومما ضاعف الحزن على رحيل”عائدة قسيس” أنه لم يتمكن أغلب زملائها من المشاركة في تشييعها أو حتى تعزية أسرتها لظروف الحرب والنزاع المسلح وسط الخرطوم فيما اكتفى بعض الصحفيين بالتعزية عبر الوسائط وهم يعددون مآثر الراحلة عبر منصات التواصل الاجتماعي .
وبذات الطريقة التي غادرت بها “عائدة”، فقد الوسط الصحفي، الصحفي أسامة أبو شنب عضو مجلس نقابة الصحفيين، الذي كان قوياً مجاهراً بقول الحق ويعتد بكل رأي داعم لقضية التحول المدني الديمقراطي، حملت سيرته اسهامات وانجازات كبيرة وتتلمذ على يدية عدد من الصحفيين،
الموت بالرصاص:
ظل الصحفيون والاعلاميون يدفعون ثمن المهنة غالياً، من لم يمت قهراً مات برصاص طرفي الحرب، وكانت نقابة الصحفيين السودانيين أدانت بشدة مقتل الصحفية بقناة “سودان بكرة” حليمة إدريس دهسا بسيارة تابعة لاحد اطراف الحرب، وطالبت بالتحقيق في حادثة مقتل الصحفية. وبحسب قناة سودان بكرة فإن حليمة إدريس قتلت دهساً بسيارة قيل بأنها تتبع لاحد اطراف الحرب أثناء عملها في ضاحية أم بدة بأم درمان. وسبقتها الصحفية سماهر عبد الشافع والتي كانت تعمل بإذاعة زالنجي في ولاية وسط دارفور.
وأيضاً نعت النقابة الشهر الماضي المذيع بقناة النيل الأزرق أحمد يوسف عربي الذي توفي بمدينة أم درمان إثر إصابته برصاص قوات تتبع للجيش، وقد عرف الفقيد بدماثة خلقه وطيب معشره، وبحسب النقابة يعتبر الشهيد أحمد عربي خامس شهداء الوسط الصحفي منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023م بين الجيش وقوات الدعم السريع.