نجم الدين دريسة يكتب: إبنوا دولة الوطن علي انقاض دولة النخب .!!

40

إبنوا دولة الوطن علي انقاض دولة النخب.
نجم الدين دريسة .

الهوية الوطنية الجامعة هي الفريضة التي ظلت غائبة تماما منذ نشوء وتخلق ما يعرف بالدولة الوطنية في السودان في منتصف خمسينيات القرن المنصرم … وبالتالي غاب الجهاز المفاهيمي القائم علي الهوية والانتماء الوطني .. المواطنة والحقوق الإنسانية.. الديمقراطية والحريات العامة والخاصة والمجتمع المدني وللاسف لم يتم التخلص من الدولة النخبوية التي خلفها الاستعمار… فتجذرت ثقافة القهر والاستبداد والتسلط عبر العنف المحتكر في الاجهزة الأمنية وفساد المؤسسات المدنية مما قاد الي عجز مستمر في القيام بمتطلبات التنمية وبالتالي اسعصت عملية النهوض رغم كثرة وتنوع الموارد فصرنا دولة فاشلة وغير راشدة .
دولة فاشلة وهشة ومعلوم بالطبع أن هنالك مؤشرات تؤكد الحالة السودانية تعاني من القدرة علي صنع دستور متفق ومتراضي عليه يعرف بالهوية والشخصية السودانية والفشل الذريع في تحقيق العدالة الإجتماعية وفي جعل المواطنة اساس للحقوق والواجبات الدستورية وادارة التنوع والاختلاف وصنع وتحقيق السلام والاستقرار والحفاظ علي السيادة وتطبيق القانون وتوفير الخدمات الاساسية وادارة علاقاتها الخارجية والقدرة علي اداء الوظائف الاساسية وبالتالي عاجزة تماما عن القيام بدورها كمعبر عن إرادة الجماهير والشعب وراعية المصالح الوطنية … وبالنظر الي المؤشرات والمعايير سالفة الذكر فإن دولة 56 ليست فاشلة فحسب بل تعد كابوسا جثم علي صدور الشعب السوداني حيث ظلت النزاعات المسلحة وحركات الاحتجاج والاضطرابات الداخلية والتي تسببت فيها السلطة المركزية القابضة والخانقة في آن لتظل حالة الفشل مستمرة .
إن تحديات بناء وتأسيس الدولة الوطنية كثيرة ومعقدة ومتداخلة سياسية واجتماعية وامنية وبما ان التعريف الحديث لمفهوم الدولة هو العمل بناء مؤسسات قومية قادرة وفاعلة تستند علي دستور يعبر عن تطلعات واشواق وآمال الشعب وان قوة اي دولة تكمن في قدرتها علي البناءات المؤسسية (المأسسة) والادارية وسن الانظمة والقوانين ..
وبما اننا نمضي نحو العقد السابع إلا يظل هذا المسخ المشوه المسمي بالدولة قابعا ويظل الاصرار علي استمرار عدم الاستقرار السياسي وغياب التنمية وانتشار الحروب والعنصرية وخطاب الكراهية وسوء إدارة الموارد والمقدرات واحتكار القرار السياسي لنخب أدمنت الفشل بامتياز … رغم ان مقومات بناء دولة مواطنة عصرية وحديثة وقادرة علي ان تحجز موقعا متميزا بين الامم والشعوب حاضرة بكثافة
وان السودان يمتلك معطيات تؤهله لأن ينبي دولة قادرة علي الاسهام في قضايا السلام والتنمية الدوليين ..
إذن لماذا لا نعيد التفكير في بناء وتأسيس الدولة سودانية علي اسس جديدة ؟؟؟

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *