علي أحمد يكتب: أكاذيب غير خلّاقةٍ .. “مُقرن الجيشين”.!
أكاذيب غير خلّاقةٍ .. “مُقرن الجيشين”!
علي أحمد
لا يزال الجيش الكرتي يُسجّل انتصاراته على شبكة الإنترنت، وقد سبق وحقّق انتصارات ضخمة في هذا الصعيد؛ وحطّم عدداً مهولاً من من طواحين الهواء في المعارك الحامية التي دارت في صفحات أنصاره وبلابسته؛ الذين عشنا معهم الأيام الماضية لحظات شديدة الفرح والسرور، جديرة بأن تُسجَّل وتؤرشف، وتوضع في أماكن عالية بعيدًا عن متناول الأطفال، لخطرها على تكوينهم النفسي والبدني، وأيضاً لمصلحتهم التي هي بالتأكيد مصلحة الأجيال القادمة، حتى تستوعب هذه الأجيال عواقب الكذب من أمثلة حية من داخل مجتمعاتهم، خصوصًا وقد فقدّ الذميم الأشهر “مسيلمة” ما يميزه عن بني البشر ، وصار مثالاً غير مناسبٍ للكذب، بعد أن جرّده “الكيزان” من لقبه بالضربة الفنيِّة القاضية!
استيقظ السودانيون الأسبوع الماضي على وقع صراخ كيزاني إسفيري هيستيري، تحول إلى كرنفالٍ مفتوحٍ للخيالِ الممزوجِ بالخوف، اختلط فيه الحابل بالنابل والوقور بالسافل والعقيم بالحامل، جميعهم يصرخون بالإفك، فريق منهم يقول إنّ الجيش الكرتي قد التحم، وآخر يقول إنه التقى، بينما الثالث يقول لا هذا ولا ذاك، بل اقترن، واستمرت الضجة لساعاتٍ بل أيام، ونحن نفغر أفواهنا دون أن نعرف هل هو التحم أم التقى أام اقترن؟ ومع من يا ترى التحم والتقى واقترن الجيش الكرتي؟ قبل أن نعرف أخيراً أنهم يقصدون أن قوة منه قادمة من منطقة كرري العسكرية قد التقت بأخرى منه نفسه قادمة من منطقة المهندسين، فتنفسنا الصعداء وقلنا لا بأس، ويا لها من لحظة مؤثرة تستحق كل هذه الضجة، وقد قال قيس عن ليلى قديماً:
“وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا”.
وشخصياً وبعد أن عرفت مناسبة كل هذا الصراخ والضجة، فأنا مع من قالوا باقتران الجيش، بل سأذهب أبعد منهم وأطالب بتسمية الموقع بـ(مُقرن الجيشين).
بالطبع من السهل للمرء أن يكتشف ان الكيزان هم من يقفون وراء هذه الكذبة الفقيرة، فكل أحاديثهم ضعيفة السند وكل تسبيكاتهم ماسخة الطعم، إذ لم تمُّر سويعات بعد هذه الضجة حتى فضح الكثيرون كذب هذا التلاقي أو الإلتحام أو الاقتران، أو سَمِّهِ ما شئت، وذلك بعد أن تمعنوا في مشاهد مقطع الفيديو مليِّا، فأتوا إلينا بالخبر اليقين، وجعلونا نعيد البصر أمام كرتين، وننظر لما نبهنا له فاعِلوا الخير هؤلاء، بالنظر إلى خلفية الفيديو لا نحو الوجوه القميئة، فإذا بنا حقاً وفعلاً نرى ما لم نره حين المشاهدة الأولى، وإذا بنا أمام محلات البقالة والبيتزا، والمارة يسيرون في طريقهم، والأنوار مُضاءة، ولافتة صغيرة بالكاد يراها المشاهد غير المتفحص، مكتوب عليها (شارع الوادي) .. إذن نحن بمدينة الثورة لا المهندسين، وإذاً – مرة أخرى- ليس هناك ثمة تلاحم ولا تلاقي ولا اقتران ولا هم يفرحون، وأنّ هذا الفعل المزعوم ماهو إلّا ابن خيال سخيف، وأننا أمام كذبة غير متعوبٍ عليها وخالية من الإبداع، ليس على مستوى المضمون فقط بل على مستوى الشكل أيضاً !
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، والسييء بالسييء يذكر، وبما أننا في سيرة الأكاذيب الكيزانية غير الخلاقة في زمن الحرب، فإنه بلا شك لا يُمكن ذكر أكاذيب الكيزان دون ذكر الكذبة الكبرى (سارة)، ذلك الاسم الذي انتجه نفس الخيال الكيزاني الرديء، قائلين إنّها (طيارة) – أي كابتن- تقود مقاتلة حربية وتقصف بها مواقع وجود عناصر قوات الدعم السريع، فتحولهم إلى “مشاوٍ وكباب” في الحال واللحظة، وظلوا يرددون هذه الكذبة السخيفة بين الناس لأيامٍ بل شهور، ولم يرعووا حتى بعد أن تبرع ضباط بالمعاش قائلين إنّ الجيش السوداني بل كل جيوش المنطقة لا توجد فيها امرأة واحدة تقود طائرة حربية، بل لا توجد وظيفة ولو كانت وظيفة مدنية بسلاح الجو تشغلها امرأة، ومع ذلك لا يزالوا وفي إصرار دؤوب يواصلون ترديد الكذبة السخيفة، ولا بأس، فمعارك الإنترنت وانتصارات الجيش الكرتي على صفحات “البلابسة” لن تُرجِع البرهان إلى مكتبه في مقر القيادة العامة بالخرطوم، ولن تزيد كرتي إلا هروباً من مخبأ إلى آخر!
إنهم يكذبون.. دعهم يكذبون.