لؤي قور يكتب: عشرة أشهر على حرب الفلول .. ويا خريف الدم سلامات .!!
وها هي حرب الست ساعات التي حددها الجيش للقضاء على الدعم السريع تتطاول، يمتد أمدها لأشهر تقارب العام دون أن يكون لها أفق بين، ولا نهاية منظورة. وذلك بعد أن سد “إخوان السودان”، كافة المنافذ التي تؤدي إلى الحل السلمي التفاوضي، طمعاً في ابتزاز الجميع باستمرار الحرب، وهم يأملون أن يؤدي ذلك الابتزاز – في لحظة ما – للرضوخ لاشتراطات “الحركة الإسلامية” لإيقاف الحرب، والمتمثلة في الإفلات من العقاب والمشاركة في صناعة المشهد الانتقالي القادم في أدنى مستوياتها، والعودة لاحتكار السلطة في حدودها العليا. لكن كل ذلك يصطدم باستحالة إعادة عقارب الساعة للوراء، واستحالة إدخال السودانيين في حالة “فقدان ذاكرة جماعي”، يجعل تقبلهم لحكم الحركة الإسلامية ممكناً بغير آلة بطشهم “المقدسة”، التي “يعرفها السودانيون جيداً”، كما قال سفاح الإنقاذ “علي عثمان محمد طه”.
عشرة أشهر مرت فيها الحرب في السودان بمحطات عدة، بدأت بتجريم كل من يقول “كلمة حق” حين يشير لجرائم “الإخوان”، وما عرفوا به من سوء المقصد وخبث الطوية، باعتبار أن ذلك يصب في مصلحة” قوات الدعم السريع”، بغض النظر عن إحقاق الحقيقة من عدمه، واتخذت الحرب في مرحلة ما شكل المغالطات حول أسئلة يمكن التأكد من إجاباتها بسهولة حول “من بدأ الحرب”، على سبيل المثال. فعلى الرغم من تأكيد العديد من المقربين من مواقع صنع القرار وقتها – من بينهم رئيس البعثة الأممية فولكر بيرتس – أن قوات من الجيش هي التي بدأت الحرب، حينما شنت هجوماً على قوات الدعم السريع في معسكرها بالمدينة الرياضية، لكنك كنت تجد الكثير ممن يتحدثون عن أن انقلاب فاشل لقوات الدعم السريع هو من تسبب في اندلاع الحرب، أو أن “قوى الحرية والتغيير” المدنية، هي من دبرت الانقلاب، وذهب كل ذلك أدراج الرياح بعد أن استبانت الحقيقة – ولو بعد حين – وزالت الغشاوة عن أعين الكثيرين.
من جانبها لم تبذل الحركة الإسلامية جهداً في التستر، فقد عادت وجوه رموزها لواجهات الأخبار، وتقلدوا المناصب العليا في وزارة الخارجية، وتضخمت كتيبة البراء بن مالك حتى صارت “لواء البراء”، وهتف ضباط القوات المسلحة في فيديوهات منتشرة على وسائط التواصل الاجتماعي “لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء فليعد للدين مجده، أو ترق منا الدماء، أو ترق منهم دماء، أو ترق كل الدماء”، شعار الإذعان لحكم التنظيم الإخواني، إعلاناً عن انحياز الجيش الكامل لقتلة الشهداء، والمطلوبين للجنائية من قبيل “احمد هارون”.
توعد ضباط من الجيش القوى المدنية السودانية وقوى الثورة – في فيديوهات موثقة – بالانتقام، وهددوا كل من قال “تسقط بس” في مواكب ديسمبر، الميمون وتفاخروا وهم يلبسون الزي العسكري للجيش:”نحن الكيزان”، وقتلوا ثلاثة من الشباب قبل دفنهم في حفرة من قبل “قوات العمل الخاص” بالجيش، ليتضح لاحقاً أن القتلة من عناصر جهاز أمن الحركة الإسلامية الطلابي، وظهر جنود يرتدون زي الجيش يمثلون برؤوساً مقطوعة لثلاثة شبان قالوا إنهم ينتمون لقوات الدعم السريع، ليتضح لاحقاً أنهم طلاب، ولا علاقة لهم بالنشاط العسكري من قريب أو بعيد.
وفي محطات حرب الفلول التي اندلعت منتصف أبريل الماضي، قضى الكثيرين من أبناء إقليمي كردفان ودارفور تحت التعذيب في “بيوت أشباح” جديدة، أنشأتها “الحركة الإسلامية” داخل مقرات الاستخبارات العسكرية للجيش في العاصمة والولايات.
وحملت قوات العمل الخاص الإسلامية عبء قتل منسوبي الإقليمين من الرجال والنساء في غاراتها “النوعية” التي تستهدف حتى النساء بالذبح في بيوتهن، بحجة أنهن كن يطبخن لقوات الدعم السريع، وتهدد شيخ الطريقة القادرية الذي أطعم الطعام في أمدرمان دون من أو أذى، حتى اعتقل بعد أن قتل “الجيش” ما تيسر له ممن كانوا برفقته. انتشر خطاب الكراهية والعنصرية الفجة بعد أن تولى كبره إعلام الحركة الإسلامية، وشعرت مكونات سودانية أصيلة بالتهديد جراء الخطاب العدائي المباشر، وفبركة الفيديوهات لدفع الإدارات الأهلية في قبائل بعينها لإعلان الحرب كقبائل، ربما لشرعنة ذبح أفرادها لاحقاً، وتم تنشيط مليشيات نظام المخلوع البشير، المتخصصة في صناعة الفتن القبلية.
وفي الشهر العاشر لحرب الفلول تراهن الحركة الإسلامية على تفاوض يمنحها – كحد أدنى – حق اعتقال الشعب السوداني في ولايات الشرق، بالإضافة لولايتي “الخرطوم والجزيرة”، كما صرح قائد الجيش غير مرة، إن على قوات الدعم السريع أن تخرج من ولايتي الخرطوم والجزيرة وتذهب لمناطق تقبلها – في إشارة إلى إقليمي كردفان ودارفور – كشرط للتفاوض، أو ما ظلت تردده غرف الفلول الإعلامية في خطابها لقوات مناوي وجبريل:”أذهبوا لبلادكم دارفور، واتركوا لنا بلدنا”، أو “خلونا نحن كيزان نقعد نقوم على كيفنا في بلدنا”، وهو سيناريو التقسيم، إذا تعذر على الحركة الإسلامية هزيمة قوات الدعم السريع.