نهار عثمان نهار يكتب: لماذا تفاجأ ( البعض) بالحرب الحالية وماهو المخرج منها .؟

67

 

يبدو الأمر تبسيطا مخلا، في أحسن الأحوال، وسذاجة مفرطة في واقع الأمر، إذا أردنا أن نختزل أسباب قيام الحرب الحالية، والتي تكمل عامها الأول خلال أسابيع، في سردية بسيطة ورغائبية علي شاكلة من أطلق الرصاصة الأولى.

كل المؤشرات تدل أن دولة ما بعد الإستعمار استهلكت كل ذخيرتها، وانتهت صلاحيتها الزمانية، عبر وسائلها المهلكة المتاكلة ، ان كان ذلك عبر شراء رضاء الأطراف أو قهرها عبر توقيع اتفاقيات جزئية بغرض نقضها قبل ان يجف حبر توقيعها عليه، وامتد الأمر إلي فصل أجزاء كاملة من البلد حين تفشل سياسيات القهر أو الترغيب، وإنشاء مليشيات وكالة قبلية ومنحها شيك علي بياض لتكسح وتمسح وتقش كل مطلب عادل قادم من الهامش.

وكل ذلك كان هروبا إلي الأمام من استحقاق السؤال الأصعب: لماذا لا يكون السودان دولة مواطنة وعدالة وحقوق متساوية؟

والحالة هذه فالحرب ليست (عبثية) في ذاتها ولكن الواقع السيريالي العبثي لحال البلد هو الذي فرضها، لتكون آخر جرس إنذار بكل ما اتت به من الدماء والدموع يتبعه طوفان التشظي والإنهيار.

مالم يتم الحل الجذري والنهائي للأسباب الهيكلية لفشل الدولة السودانية فإن إنتصار طرف لا يعني باي حال إنتهاء ازمتنا التاريخية المستمرة.

وفي خضم البحث المحموم عن النصر الكامل المأمول، تتباعد المسافة بين مكونات الشعب السوداني يوما بعد يوم وتصبح المواقف مناطقية واثنية وعرقية .

ومن الخطل الإعتقاد بأن التشكيل الرأسي الحالي للمكون العسكري وشبكات المصالح المرتبطة به تمثل قومية ومصالح كل السودانيين ، وتحتاج لعملية إصلاح بنيوية وتعريف نفسها ومهمتها وتشكيلها بما يتماثل مع سودان ما بعد الحرب .

في هذا الواقع الكارثي، انشطرت القوي السياسية من حركات واحزاب الي مكوناتها الاولية، اثنيا وجهويا، الا قليل، ومال بعض لمصالح آنية لقادتها لا علاقة له بمصالح البسطاء او مصير البلد.

إذن ما هو المخرج من كل هذا؟

هناك مخرج اوحد ووحيد وهو تضافر كل الجهود سياسية ومجتمعية من أجل إيقاف هذه الحرب الآن وفورا والضغط في سبيل ذلك عبر العمل الجبهوي الجماعي لكل القوي الحية.

ومن بعد ذلك الجلوس في مائدة مستديرة في حوار صادق وشفاف لمعالجة اثار الحرب والتواثق علي عقد إجتماعي جديد يؤسس لدولة مواطنة وعدالة حقيقية تعكس ثراء وتنوع هذا البلد وفي قطيعة تامة مع كل ممارسات البلبصة والجمباز السياسي. political gymnastics

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *