ما وراء زيارة “البرهان” للقاهرة: خفايا واسرار وأبعاد جديدة .!!

86
الرئيس المصري، “السيسي” لدي استقباله بمطار القاهرة قائد الجيش الفريق “البرهان” بالقاهرة اليوم الخميس 29 فبراير 2024.

دبنقا: بلو نيوز الإخبارية –

وصل إلى القاهرة صباح اليوم الخميس الفريق عبد الفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة، في ثاني زيارة له إلى مصر منذ اندلاع الحرب وكانت القاهرة هي أول وجهة خارجية للفريق عبد الفتاح البرهان بعد خروجه من مقر قيادة الجيش في الخرطوم وانتقاله للعمل من بورتسودان في أغسطس 2024.

وطبقا للبيانات الرسمية، فإن الزيارة ناقشت تطورات الأوضاع في السودان على ضوء الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع التي تقترب من دخول شهرها الثاني عشر. لكن الزيارة تتم كذلك في إطار حدوث عدد من المتغيرات التي يمكن أن تترك تأثيرا على مواقف كلا القاهرة وبورتسودان.

  • مخاوف مصرية:

من الجانب المصري، يبدو واضحا أن القيادة المصرية تنظر بعدم رضا لتراجع قيادة الجيش عما تم الاتفاق عليه في مباحثات المنامة بين الفريق شمس الدين كباشي والفريق عبد الرحيم دقلو. ويتردد أن القاهرة لديها ملاحظات على التحالف ما بين قيادة القوات المسلحة والحركة الإسلامية وسبق أن نبهت الفريق عبد الفتاح البرهان أكثر من مرة إلى خطورة ذلك.

كما أن التقارب المصري-الاماراتي في الآونة الأخيرة رغم أنه يتم على أسس اقتصادية، إلا أنه يثير الكثير من المخاوف في بورتسودان من أن يؤثر على الموقف المصري الداعم للجيش. من المؤكد أن القاهرة تنظر أيضا بريبة إلى زيارة الفريق البرهان إلى طرابلس قبل أيام وحصرها على حكومة الوحدة الوطنية وعدم الأخذ في الاعتبار حكومة بنغازي المدعومة من مصر والإمارات والسعودية.

  • بدائل سودانية:

من الجانب السوداني، تجيء الزيارة في وقت نجح فيه الجيش السوداني في تجميع قواه وانتقل من وضعية الدفاع إلى الهجوم وخصوصا في مدن العاصمة المثلثة وهو يستعد حسب تصريحات قياداته للتحرك لتحرير ولاية الجزيرة. ويضاف إلى ذلك أن استعادة حكومة بورتسودان للعلاقات مع إيران وبدء وصول شحنات أسلحة إيرانية للسودان يوفر للقوات المسلحة مصدرا ثانيا للتسليح ويحررها من قبضة الصناعات العسكرية المصرية ويتيح للفريق هامش مناورة أكبر في تعامله مع الحكومة المصرية. أكثر من ذلك أن تجميد السودان لعضويته في الإيقاد ورفضه التوقيع على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جدة يفتح الطريق أمام القاهرة لإعادة تنشيط مبادرة دول الجوار والإمساك بخيوط حل الأزمة في السودان قبل أن يباشر المبعوث الأمريكي الجديد مهامه.

  • مجهودات إقليمية شاملة:

راديو دبنقا طرح عدد من الأسئلة بشأن هذه الزيارة على الدكتورة أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية. اعتبرت الدكتورة الطويل أن زيارة البرهان إلى مصر تجيء في إطار المجهودات الإقليمية الشاملة لإيقاف الصراع السوداني، وأن هذه المجهودات سبقتها عدد من الترتيبات أو اللقاءات وخصوصا لقاء المنامة بين قيادات رفيعة من الطرفين ولقاء القاهرة بين الحركات المسلحة في إقليم دارفور. وهي زيارة تأتي أيضا في ظل انسداد أفق المبادرات الإقليمية وخصوصا جدة والإيقاد.

  • مسؤولية أخلاقية وسياسية على الطرفين:

وأشارت الدكتورة أماني الطويل في مقابلة مع راديو دبنقا إلى أن الزيارة يمكن التعامل معها باعتبارها محاولة جديدة لاستطلاع الموقف فيما يتعلق بإمكانية وقف إطلاق النار. كما أن الزيارة تتم بعد تصريحات الفريق البرهان بشأن انفتاحه على السلام.

ورأت الباحثة في الشؤون الأفريقية أن هذه المجهودات قد تنجح أو تتعثر على صخرة الذهنية الصفرية لطرفي الصراع والتدخلات الإقليمية، لكن سوء الأوضاع ومعاناة الشعب السودان لا تترك سوى خيار التفاؤل وهي معاناة غير مبررة ويتحمل مسؤوليتها بشكل كبير طرفي الحرب وبغض النظر عمن المسؤول عن اندلاع الصراع ولأن استمرار الصراع فيه مسؤولية أخلاقية وسياسية.

الدكتورة أماني الطويل.

 

 

  • مواقف تستجيب للمتغيرات:

واستبعدت الدكتورة أماني الطويل في حديثها لراديو دبنقا أن يكون هناك تغيير في الموقف المصري باعتبار ثبات الموقف المصري من أولوية وقف إطلاق النار ومحاولة تسوية الأزمة السودانية. ولم تكن مصر في أي وقت مع استمرار الحرب واستمرار الصراع، كما أن موقفها من الفريق عبد الفتاح البرهان لم يتغير. واستدركت الدكتورة أماني الطويل قائلة أعتقد أن موقف مصر يتحدد وفق ما يقوله ويشرحه الفريق البرهان في القاهرة وأن مواقف الدبلوماسية المصرية تتسم بالمرونة ودائما ما تستجيب للمتغيرات.

  • مجبر أخاك لا بطل:

من جانبه، أبدى السفير عادل حسين شرفي أسفه من أن هذه الزيارة لا تتم برغبة الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، بل هي دعوة أو دعنا نقول استدعاء له. واعتبر السفير عادل حسين شرفي في حديث لراديو دبنقا أن هذه الدعوة ستؤثر إيجابيا في الفريق عبد الفتاح البرهان في اتجاه وقف الحرب في السودان خصوصا وأن المسهلين في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية باشرا تحركات دولية في الآونة الأخيرة لوقف الحرب في السودان وبشكل أكثر جدية. وتأكد ذلك من خلال محادثات المنامة واستصحاب مصر والإمارات في هذه المحادثات.

  • ضغوط دولية على مصر للتدخل بفعالية:

وأشار السفير عادل شرفي أيضا إلى طلب الولايات المتحدة من مجلس الأمن التدخل بأي صورة لإيقاف الحرب في السودان. وعبر السفير عادل شرفي في حديثه لراديو دبنقا عن قناعته بأن الولايات المتحدة طلبت أو فلنقل كلفت مصر بالاتصال بالفريق عبد الفتاح البرهان والضغط عليه لإيقاف هذه الحرب العبثية والتي يطالب كل السودانيين أو معظمهم والمجتمع الدولي بإيقافها بعد الكوارث التي حدثت في السودان في ظل إصرار الجيش على المضي قدما في الخيار العسكري.

وقال السفير عادل حسين شرفي في المقابلة مع دبنقا أن الإمارات لها ضلع في هذا التحرك المصري خصوصا بعد الصفقة الاستثمارية الضخمة بين البلدين، كما أن الضغوط السعودية على القاهرة للعب دور أكثر فعالية تبدو واضحة في سبيل إيقاف الحرب في السودان.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *