رد الأستاذ “الحاج وراق”، على رسالة “نضال عبدالوهاب”، المفتوحة .!!
ايها العزيز نضال ..
اتمناك واسرتك بخير وعافية
شكري وتقديري لرسالتك ..وقد أثارت قضايا عديدة لا يمكن التطرق لها جميعا لذا اكتفي بالرد علي ما أراه اكثر أهمية واثق في تفهمك..
وكنت ارجو ان تسألني أولآ ان كنت في قيادة تقدم ام لا، قبل ان تستنتج لوحدك اني في قيادتها…
انا ادعم تقدم ولكني لست في قيادتها ولا في اي هيئة من هيئاتها ..
وكنت ولا زلت اري ضرورة توحيد اوسع تيار من القوي المدنية الديمقراطية ..فالديمقراطية نداء التاريخ وجوهر المهام التاريخية التي تنتصب أمام بلادنا – #الديمقراطية كحقوق وحريات وكعلاقة بين القوميات وكديمقراطية اقتصادية لصالح الفقراء وعموم المجتمع وكديمقراطية اجتماعية بالمساواة في الكرامة الانسانية غض النظر عن المعتقد او النوع او الاثنية او القبيلة ..
ولكن الدميقراطية كي تنتصر وتسود لابد لها من حامل اجتماعي مؤسسي.. ومن هنا تأتي الأهمية الاستراتجية القصوي لتوحيد أوسع تيار للقوي الديمقراطية في مؤسسة واحدة تتضافر وتتكامل فيها الجهود بدلا ان تتشاكس وتنقض غزل بعضها البعض..
و حاليًا بعد ان قطعت قوي الردة طريق الانتقال الديمقراطي بالحرب فان وحدة القوي الديمقراطية هدف استراتيجي سواء لتحقيق السلام علي أساس الحكم المدني الديمقراطي او لاستدامة النظام الديمقراطي او لإعادة اعمار البلاد ومن ثم انهاضها..
بل وازعم ان هذه الوحدة شرط بقاء #السودان مستقرًا موحدا… ويتطلب تحقيق هذا الهدف الكثير من المطلوبات الفكرية والسياسية والتنظيمية فضلًا عن المطلوبات المعنوية الاخلاقية.
وليس هذا الحيز المحدود مجال تفصيل هذه المطلوبات لكني اوردها إجمالا لان فيها ما يتعلق بموقفي الشخصي . فهذه الوحدة كما غيرها الكثير من مهام النهوض الكبري لن تتحقق الا بمقاومة سخائم النفوس من تمحور حول الذات النرجسية وتضخم الانا الفردانية ومن حسد وتكالب ومطامع..
وأنا من الذين تجاوزوا الستين ، ظللنا في المجال العام لعقود ، فانخرطنا في صراعات كثيرة موضوعية وذاتية ، ومررنا بالكثير من الهزائم والخيبات ، وان كنا كافحنا المظالم بهذا القدر او ذاك فقد تعفرت وجوهنا وخدودنا في مجري السنوات ..
ولهذا رأيت منذ زمن ان أفضل ما يقدمه جيلنا للبلد وللأجيال الجديدة ان يتنحي عن الأدوار القيادية ويكتفي بدور النصح والمشورة والتدريب..وهذا خلاف موضوعيته التي ربما لا يتفق فيها معي آخرون يجنب المؤسسات الجديدة خلافات أجيالنا التي لم تعد ذات مغزي والبلاد تغرق حتي منتصف رجليها في مخاضات الدم والعذابات..
ثم كل شخص ميسر لما خلق له ، وانا من بعد كثير من التأمل لا اري اني مصمم للسياسة اليومية التي تتطلبها القيادة السياسية.. كما اري بان من لم يتمكن من قيادة اهوائه الشخصية فهو غير مؤهل لقيادة الآخرين..
وأنا بلا أي تواضع زائف أري مهمتي الأولي مع نفسي.. وان كنت تقدمت او اضطررت للتقدم في بعض سنوات العمر السابقة فقد اورثتني التجارب بعض الحكمة والدقة في تقدير استعداداتي وممكناتي..
هذا ما يتعلق بشخصي ، واما ( تقدم ) فلم تزعم أنها مشروع مكتمل وانما عملية لتوحيد القوي المدنية الديمقراطية وحتي اليوم لم يتجاوز عمرها الخمسة أشهر. وهي لا تبني هيئاتها في خلاء سياسي وإنما في خضم صراع ضار. ..
وكما نعلم جميعا وضع الاسلامويون منذ أكثر من ثلاثة عقود هدفا إستراتيجيًا وجوديا لاستدامة استبدادهم وهو تمزيق القوي الديمقراطية ، بالخلافات الايديولوجية والسياسية والجهوية والاثنية بل والشخصية ..
ومع إدخالهم البلاد في عين عاصفة الصراعات الدولية والإقليمية انضافت الى عوامل التمزيق مكائد الاستخبارات الاقليمية والدولية التي تري كثير منها وعن حق في وحدة القوي الديمقراطية غلا لأيادي الطامعين وترياقا لتآمر المتآمرين..
ولذا فان توحيد القوي الديمقراطية لم ولن يكن كما نزهة في شارع النيل …كلما سددنا ثغرة كلما احدثوا اخري ، وكلما تثبتنا وفحصنا كلما نجحوا بهذا القدر او ذاك في لغم الصفوف ببعض عناصرهم عناصر الأجهزة يخربون المناخ المعنوي الداخلي ويوغرون الصدور ويضخمون الخلافات..
وهذا في بيئة مجال عام تم تجريفها وتخريبها وتقزيمها لاكثر من ثلاثة عقود مما يجعلها بيئة ملائمة لنمو وتكاثر كل الفيروسات المعنوية والسياسية…اضافة لتروما الحرب والاقتلاع من الجذور نحو المنافي والنزوح.
فضلًا عن سعي أطراف الحرب وداعميها لتمزيق القوي المدنية واستزلامها لها….مصاعب وتحديات بلا حصر ولكن ليس للقوي الديمقراطية الا أن تتوحد وأسلحتها في ذلك الوعي ، والانفتاح العقلي والوجداني ، والنضال المعنوي والاخلاقي للانتصار علي سخائم النفوس كشرط لازم للنتصار علي الخصوم..
و واضعين في الاعتبار كل ما سبق فان (تقدم ) خطت خطوات واسعة في اقل من خمسة أشهر. لكنها تظل مع ذلك عملية مستمرة وليست حدثا. ولن تمضي هذه العملية في مسار خطي وإنما في عملية كفاحية تراكمية صعودا وهبوطا وعبر الانتكاسات والانتصارات.. تضع مزيدا من لبنات البناء ليسقط جانب من الجدار..ينضم لها مزيد من المخلصين فيخرج منها مخربون يسيئون لها وبشهرون بها..
هذه مقتضيات البناء في بيئة مسمومة. ومهما كانت عين السخط التي نري بها (تقدم ) فلا يمكن تجاهل انها حاليًا أوسع اطار قائم للقوي المدنية الديمقراطية.. وقد يحاجج البعض أنها ليست الأوسع فلنفترض ذلك لكنها مع ذلك الجهة التي تسعي للتوحيد فيما تتنازع البلاد عواصف التمزيق من كل ناحية وصوب..هذا وحده كفيل بتقليل الغلواء ضد تقدم…
واي تأمل متأني في جوهر ما يجري حاليًا بالبلاد لابد ويستنتج ان هدف الاشرار الاستراتيجي هو تمزيق السودان وما تمزيق القوي المدنية سوي البروفة لتمزيق البلاد… واؤكد القول ان ( تقدم ) عملية وليست حدثا..ينتظرها الكثير كي تعبر عن الحامل المؤسسي للديمقراطية في البلاد ، لابد ان تنفتح على القوي الديمقراطية خارجها ، خصوصًا من النساء والشباب والخبراء والنقابيين وغير الحزبيين والمنظمات المدنية القاعدية ..
ولن تتكامل تقدم كحامل مؤسسي الا اذا ضمت صفوفها كل ( نوارة ) في كل مدينة وقرية ومهنة ومهجر.. كما تحتاج (تقدم ) الي تطوير وتدقيق رؤيتها الفكرية والسياسية ، وكذلك الي اصلاح هيكلها وبنائها الداخلي ، والي تطوير آليات عملها خصوصًا في الإتصال الاستراتيجي والإعلام وتدريب الكوادر..
وكل هذا في اطار من تعميق ثقافة قبول وإحترام التعدد.. مهام كثيرة ومعقدة لا تزال في الانتظار ، لكن مشوار الأميال يبدأ بخطوة ، وقد خطت (تقدم ) خطوات واسعة.. وتحتاج لاجل تكاملها ان يمد لها الديمقراطيون ايادي المساعدة لا ألسنة التشنيع ..
وانا من موقعي الشخصي المستقل آليت علي نفسي تقديم المساعدة وأرجو ان تظل بلا من أو اذية..
أرجو ان اكون اوضحت رأيي حول اهم قضايا رسالتك ..وهذا علي عجل ومع انشغالات عامة وخاصة ، ومع اعتلال المزاج بأخبار الانتهاكات ونذر المجاعة وغيرها من عذابات شعبنا ..
ومع كل العسر لن نيأس من رحمة ربنا واقتدار شعبنا …
ومهما طال الطريق لن تمت فينا الأماني..
ولك مودتي التي تعلم
١ مارس ٢٠٢٤