التمييز العنصري لسفارة السودان بأوغندا .!!

176

كمبالا: بلو نيوز الإخبارية-

تاريخيا درجت مؤسسات دولة 56 على التمييز بين المواطنين السودانيين على أساس الجغرافيا والعرق والدين، ولم تكن حرب الخامس عشر من أبريل، إلا محاولة من نخبة هذه الدولة، لديمومة واستمرار خدمة جزء من المواطنين على حساب الآخرين.

تخلت الدولة عن واجباتها، وأصبحت هناك فئات سودانية مستبعدة من الخدمات، إذ حرموا من حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية. والمعلوم أن دولة المواطنة الحقة، أساسها هو الوفاء بالحقوق مقابل الواجبات التي يقوم بها المواطنون.

قامت الحرب، وتشتت السودانيين في دول الجوار، كلاجئين ومقيمين، باحثين عن الأمن والصحة والعمل والتعليم. وأصبحت دول الجوار بمثابة سودان مصغر، ستجد فيه من هو الشمال والشرق والوسط والغرب والجنوب الجديد. العديدون منهم دفعتهم الظروف للهجرة. وتعتبر دولة “يوغندا” واحدة من الدول التي استقبلت كميات هائلة من السودانيين.

بطبيعة الحال، سيحتاج أي مقيم في دولة أجنبية لسفارة بلده، وهذا هو حال السودانيين في أوغندا، إنهم يحتاجون للسفارة في إخراج “وثيقة السفر” لمن ليس لديهم جوازات، و”تمديد الجواز” لمن انتهت صلاحية جوازاتهم، ولكن في الوقت الذي تسهل فيه الدولة المستضيفة شروط الإقامة، بحيث تصبح في متناول قدرة السودانيين كأشخاص فارين من الحرب، نجد أن السفارة السودانية، في أوغندا تصعب من هذه العملية، وتبرز الوجه السيء لدولة 56. إنها تمييز بين السودانيين على أساس الجغرافيا، وأصبحت وثائق السفر وتمديد الجوازات محظورة على فئات سودانية عريضة، خصوصا تلك التي تنحدر من غرب البلاد.

حصلت “بلو نيوزالإخبارية” على شهادات من سودانيين مقيمين، بعضهم ذهب للسفارة بغرض منحه “وثيقة” تسمح له بالعودة للسودان عن طريق جوبا، أو الإقامة. وبعضهم الآخر أراد تمديد جوازه “استيكر” بغرض مواصلة التعليم أو العمل وحتى لا يخالف شروط الإقامة التي تتطلب جوازا ساري المفعول. فالجوازات منتهية الصلاحية لا يمنح أصحابها أي نوع من أنواع “الفيزا”.

تحدثت عدة مصادر -فضّلت حجب اسمائها-ل”بلو نيوز الإخبارية”، منها: “ذهبت قبل مدة إلى السفارة السودانية بيوغندا، بغرض تمديد جوازي. في الاستقبال، قلت لهم هل يوجد تمديد؟ أجابوا بنعم. وطلبوا مني كتابة طلب للقنصل يجب أن يشمل تفاصيل قليلة، منها إني فلان ابن فلان، سوداني الجنسية، ومقيم بيوغندا وأريد تمديدا بسبب كذا كذا. كتبت الطلب وأرفقوا معه صورة من الجواز. دخل عامل الاستقبال إلى مكتب القنصل، وجاءني بورقة بيضاء جديدة، يبدو أن القنصل طلب منه مزيدا من التحري معي. دخلت معه إلى مكتب صغير في ركن الاستقبال، يشبه على أي حال مكاتب الأمن، وبدأت سلسلة من الأسئلة. “من أي منطقة في السودان؟ ومن أي جامعة تخرجت؟ وأين كنت قبل الحرب وبعد الحرب؟ ماذا كنت تعمل؟”… إلخ. بعد الاستجواب، انتظرت في الصالة. ساعة وساعتان، وجاءني يحمل الجواز منتهي الصلاحية. قال لي ببساطة القنصل قال لك “أذهب إلى جوبا”. ولكنك قلت في البدء إن هناك تمديدا، لماذا عليّ أن أذهب إلى جوبا وهو موجود بسفارتكم. قال لي هذا رد القنصل. وعلى مدار أسبوع كامل كنت أذهب للسفارة، لم أحصل على تمديد لجوازي”. وعلل الشاهد ذلك، بأن منعه من التمديد، كان بسبب انحداره من أحدى ولايات دارفور.

وتحدث مصدر آخر، أنه ذهب أيضا للسفارة بغرض الحصول على وثيقة سفر -وهي وثيقة عادية تسمح لك بالحصول على فيزا في دولة يوغندا أو العودة لبلدك- ولم يتم منحه لها. مع أن هناك آخرين حصلوا عليها، قبله وبعده، ولم يتم تقديم أي أسباب لذلك، فالأمر يتعلق فقط بمنطقته الجغرافية. رغم أنه طالب، ويدرس بأحدى معاهد تعليم اللغة الإنجليزية. وصرح ل”بلو نيوزالإخبارية”، بإنه توقف عن الدراسة حاليا بسبب مخالفته شروط الإقامة.

كما اُتهم مصدر ثالث ينحدر من جنوب دارفور، وبشكل علني، بأنه ينتمي للجنجويد، وذلك بعد أن طالب موظفو السفارة بوثيقة سفر. وصرح ل”بلو نيوز الإخبارية”، السفارة تعادي الدارفوريين، وما أن تذكر لهم مدن مثل نيالا أو زالنجي أو الضعين، سيصنفونك مباشرة بأنك جنجويد، حتى الذين هم ضد الدعم السريع عادوهم لمجرد أنهم غرابة”.

عبرت هذه المصادر، عن تخوفها من أن يكون هناك فعلا مناطق محظور أصحابها من الحصول على “وثائق” من السفارة السودانية في يوغندا. إن السفارة بحسب رأيهم، تستهدف حرمان فئات تنتمي لغرب السودان من أي مستند رسمي يصدر عنها. وقالوا بأن العاملين بها ينتمون بشكل واضح إلى جهاز الأمن والمخابرات السوداني بنسخته الكيزانية القديمة، وبالتالي ينفذ أجندتهم ويخدم أغراضهم وفقا للتقسيمات السياسية والاجتماعية لمرحلة ما بعد الحرب. إنها لا تعامل السودانيين كسودانيين داخل دولة أجنبية، وإنما تميز بينهم وتمنح الوثائق لبعضهم وتحرم البعض الآخر. وبذلك فإنها تتنازل عن واجباتها التي تفرض عليها خدمة الجميع دون تمييز. إنها، ربما، سفارة للنظام البائد وليس السودانيون عامة.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *