سليمان مسار يكتب: النخب النيلية وفشلها في إدارة التنوع والأزمات .!!

50

من المعروف أن السودان يتميز بالتنوع الثقافي الواسع والممتد منذ أزمنة سحيقة في التاريخ، ولكن للأسف لا زالت النخب النيلية تستمر في صناعة الأزمات التي تعصف بالبلاد منها الاستعلاء العرقي وعدم قبول الآخر. وتعتبر وهذه من الأسباب التي أدت إلى تفاقم الفجوات بين أبناء الوطن.

مع بزوغ فجر الاستقلال بدأت الثورات التحررية كفاحها المسلح، ونجد أن الجنوبيين أول من فهم عقلية وطبيعة النخب المركزية في الدولة السودانية، وهم أيضًا اكتشفوا اللعبة منذ عهد الاستقلال. لذا؛ نجدهم بدأو مشروع المقاومة وعدم الرضوخ لقهر وقمع وفجور تلك الدولة الفاشية ونخبتها المخادعة والمراوغة.

وقد امتدت الشرارة الثورية إلى مناطق أخرى كدارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، ولكن واجهت هذه الأقاليم – بما فيها الجنوب- أحكامًا مسبقة وتصنيفات جائرة، والتي كانت مدعومة وموجهة من وسائل الإعلام التي تتبع لذلك النظام.

فهنالك صورة نمطية ومشوهة لإنسان الجنوب وسكان تلك الأقاليم بوصفهم أجانب أعداء للوطن، ومحرضين على العنف ضدهم باسم معتقدات زائفة. في تلك المرحلة، نجد أن المؤسسات الإعلامية الرسمية عملت على تعزيز  خطاب الكراهية بصورة فجة بين أبناء الوطن الواحد، متجاهلين الاستبداد والقهر والظلم الذي كان يعانيه شعوب تلك الأقاليم.

نجد أن الصراعات التي طالت تلك المناطق لم تكن نزاعات بسيطة كما يصورها إعلام الدولة المركزية، بل هي نتيجة لأسباب معقدة وعميقة منها على سبيل المثال التهميش السياسي والاقتصادي والتغول على موارد تلك الأقاليم.

إن السياسات التي اتبعتها الدولة، تعكس الفشل في إدارة  التنوع والأزمات في السودان. بل تشير إلى نهج الإقصاء  والتهميش الذي عانته هذه الأقاليم لعقود خلت. كما أن كل تمرد على الدولة لا يفهم بوصفه تمردًا سياسيًا، وإنما تستهدف الدولة من خلفه مكونات اجتماعية سودانية. ففي بداية الصراع الذي نشب بين قوات الدعم السريع ومليشيا الجيش، استهدفت مليشيا الجيش واستخباراته قبائل بعينها بحجة أنها حواضن للدعم السريع.

هذا الاستهداف الممنهج ليس بجديد على أحد، بل هو استمرار لنهج تاريخي ظلت تمارسه هذه النخب المسيطرة على حكومة المركز منذ الاستعمار. والذي تسعى عبره إلى ديمومة استمرار سيطرتها على السلطة والثروة والتمتع بالامتيازات التاريخية على حساب كل شعوب الهامش السوداني.

إن الهدف من وراء استهداف قبائل بعينها، هو محاولة حصر الدعم السريع داخل اثنيات محدودة ونزع القومية عنه. ولكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل، فالتنوع داخل قوات الدعم السريع يفوق التنوع داخل الجيش نفسه. كما أن الدعم السريع تسعى لوضع لبنة البناء والتأسيس لهذه الدولة مشوهة الملامح.

إن سياسات التمييز التي انتهجتها النخب المركزية قد ساهمت وأججت بصورة صارخة الأزمات الوطنية وفاقمت التحديات التي تواجه بناء دولة قوية وموحدة. مما يفرض على مؤسسة الدعم السريع التسامي عن كل أنواع التمييز، وبناء دولة مواطنة لكل السودانيين، وذلك بغض النظر عن أديانهم وأعراقهم وانتماءاتهم الجغرافية.

التأسيس واجب على الكل.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *