منبر دارفور للعدالة: تقرير حول “إنتهاكات” الحرب فى السودان.!!

49

 

منبر دارفور للعدالة

(مبادرة دارفور للعدالة والسلام)

  • تقرير حول إنتهاكات الحرب فى السودان (1)

عندما إندلعت الحرب فى الخامس عشر من أبريل من العام 2023م بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع برز منبر جدة للمفاوضات بين طرفي الحرب برعاية سعودية- أمريكية، وقد إستطاع المنبر منذ الشهور الأولي إلي التوصل إلي إتفاق لوقف إطلاق النار وفتح ممرات ومسارات آمنة لخروج المواطنين ودخول المساعدات الإنسانية، إلا أن القوات المسلحة السودانية تنصلت عن ذلك الإتفاق وطالبت قوات الدعم السريع التى تتهمها بإحتلال بيوت المواطنين بإخلاء كافة المنازل والأعيان المدنية والمؤسسات الحكومية بما فيها المنشآت الصحية لتوحي للرأي العام المحلي والعالمي حرصها علي ممتلكات المواطنين،،،

ولكن،،، تفاجأ العالم أجمع والسودانيين بشكل خاص بتسجيل صوتي مسرب من الصحافي البريطاني (جوني قولد) وكبير الباحثين الامريكي (د إيلي ديفيد ) بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ونائب رئيس هيئة العمليات الفريق خالد عابدين يأمر فيه قواته بإحتلال منازل المواطنين ومستشفي ابوالعلاء بالخرطوم أسوة بما فعل رصفائهم في أم درمان بإحتلال المنازل في حي المهندسين ولفة سراج والعمارات المجاورة لسلاح المهندسين كعمارة القمة …

كما تم تسريب تسجيل آخر للقائد عبدالفتاح البرهان يأمر القادة بإستخدام المدفع 130 والراجمات ومواصلة تدوين الأحياء السكنية مثل كافوري .

واليوم بعد مرور أحدي عشر شهرا لا توجد مؤشرات تذكر علي وقف الحرب رغم الجهود الدولية المبذولة وقرارات الأمم المتحدة المتمثلة في قرار مجلس الأمن 2724 الأخير.

خلال هذه الفترة إرتكبت القوات المسلحة السودانية العديد من الإنتهاكات والمجازر التي تقع ضمن طائلة القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان منتهكة كافة القوانين الدولية كإتفاقيتي جنيف والبروتوكلات الملحقة بها حول القيود والحدود التي يجب التقيد بها أثناء الحرب كمعاملة أسري الحرب وعدم التعرض للاعيان المدنية وعدم التعرض للمنظمات العاملة في المجال الإنساني كالصليب والهلال الأحمر والمنشآت والمرافق الصحية، وقد إنتهكت القوات المسلحة السودانية وخالفت كافة الموجهات المتفق عليها عالميا والإتفاقيات الدولية الموقع عليها السودان.

  • وهذا ما سنبينه في التقرير التالي:

(1)

منذ إندلاع الحرب وفي أيامها الأولي لجأ الجيش السوداني لخيار إستخدام سلاح الطيران والمدفعية الثقيلة في حرب توصف وتعرف أنها حرب مدن وحرب شوارع حيث أنها تدور داخل الأحياء السكنية المكتظة بالسكان عطفا لوجود جميع مقرات الجيش بوسط المدن دون استثناء.

أكثر المدن التي تأثرت هي مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وبحري وأم درمان ومدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بغربي السودان والتي تعتبر المدنية الثانية من حيث الكثافة السكانية بعد العاصمة.

  • لماذا تأثرت المدن في السودان بهذه الحرب؟

من المعلوم لدي كافة السودانيين أن معظم المؤسسات العسكرية بما فيها قيادات الفرق والألوية تتمركز داخل المدن وأحيانا تكون في وسط المدن كالقيادة العامة في الخرطوم وقيادة الفرقة 16 مشاة بمدينة نيالا مما يجعلها أهدافا عسكرية لقوات الدعم السريع.

  • مدينة نيالا:

تعتبر المدينة الثانية من الناحية السكانية والإقتصادية في السودان ويحيط بها أكبر معسكرات النزوح كمعسكر كلمة وعطاش ودريج والسلام.

خلال الفترة من 15 أبريل 2023م وحتي سقوط قيادة الفرقة 16 مشاة في أيدي قوات الدعم السريع عاشت المدينة أشهرا من الرعب والموت والفجيعة، حيث قدرت بعض المنظمات المهتمة بالرصد والتوثيق أعداد الذين لقوا حتفهم جراء القصف المدفعي من داخل قيادة الفرقة 16 بما يجاوز ال 4 ألف شخص وأضعاف هذا الرقم من الجرحي والمصابين الذين فقدوا أطرافهم وأصبحوا من أصحاب الإعاقة الدائمة، كما قدرت أعداد النازحين الذين هجروا منازلهم وفروا جراء القصف بأكثر من 500 ألف أسرة فروا إلي دول الجوار أو إلي داخل السودان إلي مناطق أكثر أمنا ، الأمر الذي مكن الأعداد الكبيرة من اللصوص القادمين من خارج المدينة وبعض ضعاف النفوس من السكان المحليين من نهب وإتلاف العديد من المنازل والمؤسسات ومقار المنظمات، في غياب تام لقوات الشرطة السودانية.

ويتذكر سكان مدينة نيالا الحادثة الأبشع خلال تلك الفترة عندما قتلت أكثر من أربعين إمراة وطفل وتقطعت أجسادهم وتناثرت أشلاءهم تحت جسر حي طيبة في مشهد لن يمحي قريبا من ذاكرة أهاليهم وجيرانهم ، وقد فقدت أسر بأكملها جراء القصف العشوائي…

هذا وقد شكل أعيان المدينة وإداراتها الأهلية أكثر من ثلاث وفود في أوقات مختلفة تحدثت مع القائد محمد حسين جودات يطلبون منه وقف إطلاق الدانات علي الأحياء السكنية موضحين له أن هذه القذائف لا تصيب إلا المواطنين وأنها تسببت في إزهاق أرواح المواطنين وتشردهم، إلا أنه في كل مرة كان يجيبهم أن هذه حرب والمدينة أصبحت منطقة عسكرية وعليكم الخروج منها…

وفي السادس والعشرين من أكتوبر ظن سكان المدينة أنهم قد تنفسوا الصعداء بسقوط الفرقة 16 مشاة في أيدي قوات الدعم السريع ولكن خاب فألهم وتلاشي أملهم سريعا فقد إستبدل الجيش المدفعية بالطيران الحربي الذي كان قد قصف المدينة مرتين خلال شهر سبتمبر كانت إحداها بسوق الملجة خلفت أكثر من 40 قتيلا والكثير من الجرحي.

وإستمر قصف الطيران الحربي في 14 و 18و 29 ديسمبر 2023م و 18 يناير 2024م مخلفا ما يقارب المائتي قتيل ومئات الجرحي.

وقد طال القصف كل المدينة تقريبا وسقطت متفجرات بالمسجد العتيق وطال القصف الأعيان المدنية متمثلة في المنشآت الصحية كمستوصفي مناعة وشفاء كير.

(2)

  •  إستهداف المدنيين:

منذ إندلاع هذه المواجهات قام الطيران الحربى للجيش السوداني بمئات الطلعات الجوية رمي خلالها آلاف الأطنان من البراميل المتفجرة خلف خلالها الآلاف من القتلي والجرحي وسط المواطنين الأبرياء العزل ومن النساء والأطفال وتم تدمير الكثير من المنازل والأعيان المدنية معيدا للذاكرة السودانية ما فعله بقري ومدن دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والجنوب قبل الإنفصال .

ومما يؤكد إستخدام سياسية الأرض المحروقة مستهدافا لمناطق التجمعات والمناطق المكتظة بالسكان كالأسواق وشبكات المواصلات وحتي المدارس.

فمنذ الشهر الأول للحرب وتحديدا نهاية شهر مايو 2023م تم إستهداف سوق ستة بمنطقة الحاج يوسف بالطيران مما خلف 15 قتيلا وعشرات الجرحي ، وفي يونيو من ذات العام تم إستهداف السوق مرة أخري مخلفا عشرات القتلي والجرحي،

وفي يناير وفبراير 2024 تم قصف الحاج يوسف( محطة 13 للمواصلات ) (وسوق مايو) أودت بحياة العشرات .

وفي أغسطس قصف الطيران سوق المويلح للماشية غربي أم درمان وسقوط عددا من الضحايا وسط المدنيين ونفوق عدد كبير من الماشية.

وفي سبتمبر 2023 تم إستهداف سوق( قورو) بمنطقة مايو المكتظ بالباعة مخلفا ما لايقل عن خمسين قتيلا ومائة جريح،

وفي ديسمبر كانت الحادثة الأسواء هي قصف سوق قندهار بغرب ام درمان حيث قتل ما يقارب المائة شخص ومئات الجرحي.

وفي الخامس والعشرين من نوفمبر إستهدفت الطائرات الحربية السوق المركزي للخضر والفاكهة بالخرطوم راح ضحيته العشرات من الأطفال والنساء والباعة الصغار.

وبعيدا عن مناطق النزاع قام سلاح الجو الحربي للجيش السوداني يوم 14/3/2024 م بإرتكاب مجزرة بمنطقة الهدرا حيث قام بقصف مدرسة ابتدائية راح علي أثرها 12 من التلاميذ والتلمذات وإثنان من المعلمين وعدد من الجرحي.

وفي النيل الأبيض بقرية نعيمة بمحلية القطنية قصف الطيران مدرسة تستخدم كسكن للنازحين الفارين من جحيم الحرب بالخرطوم في مارس من هذا العام .

كما إستهدفت الطائرات الحربية مدرسة بمنطقة المجلد بغرب كردفان كانت تستخدم أيضا كدار لإيواء الفارين من مدينة بابنوسة مخلفة العديد من القتلي والجرحي.

وهذه ليست حوادث معزولة حيث قام الطيران بإستهداف كل من بارا وحمرة الشيخ بضواحي كردفان، ومنطقة الزرق وكتم بشمال دارفور حيث قتل الكثير من الرعاة الصغار ونفوق عدد كبير من المواشي .

وفي أحدث حادثة قام الطيران الحربى بقصف الأحياء الشرقية لمدينة الفاشر يوم أمس الاحد 24 مارس 2024م مخلفا ٩ من القتلي و٢٧ من الجرحي.

وقد شمل قصف الطيران مناطق طيبة وابوبطيخ غرب المجلد بغرب كردفان.

كما شمل قصف الطيران إضافة للنماذج أعلاه مدينة ودمدني والحاج عبدالله وشرق سنار والفاشر والجنينة ونيالا والضعين.

(3)

  • البنية الصناعية:

عندما إستعرت رحي الحرب فى العاصمة الخرطوم كانت المصانع في مرمي النيران، فقد تعرضت معظم المصانع بمدينة بحري والتي تعد المدينة الصناعية الأولي بالسودان حيث تتركز فيها معظم الشركات الكبري والبنوك و الصناعات بما فيها الصناعات الغذائية ومطاحن الغلال الكبري التي تغذي كامل البلاد من الدقيق والمنتجات الغذائية فقد تعرضت هذه المنشآت الصناعية لقصف مدفعي عنيف وتم استهدافها عن طريق الطيران الحربى بشكل مباشر مما أثر بشكل كبير علي المخزون السلعي في البلاد. بالإضافة إلي تدمير كامل لروافد الاقتصاد من أسواق صادر الثروة الحيوانية والزراعية كالحبوب الزيتية والصمغ العربي وغيرها من سلع الصادر.

(3)

  • البنية التحتية:

لم يكن جسر شمبات الذي يربط بين مدينتي بحري وأم درمان منذ العام 1966 ومصفاة الجيلي للبترول التي تغذي معظم البلاد بالوقود وخزان جبل أولياء هي المنشآت الحيوية الوحيدة التي تعرضت للقصف والتدمير من قبل الجيش السوداني فقد إنضمت لحوالي 120 منشآة تعرضت للدمار بسبب القصف الأرضي والجوي إضافة للقصر الجمهوري ووزارة العدل والهيئة القومية للمواصفات والمقاييس وشركة النيل للبترول ومول عفراء وغيرها من المنشآت الكبري في العاصمة القومية.

(4)

  • المنشآت الصحية:

كانت تعليمات القائد البرهان وأضحة خلال التسجيل الصوتي المسرب المذكور في بداية هذا التقرير بإحتلال المستشفيات ولكن يبرز الوجه الأقبح في الإستهداف المتعمد للمستشفيات والمرافق الصحية ، فقد تعرض مستشفي شرق النيل بالخرطوم بحري للقصف لأكثر من ثلاثة مرات ففي الأول من مايو 2023 م تعرضت المنطقة المحيطة بالمستشفي للقصف مخلفا عشرات القتلي والجرحي وفي الخامس عشر من ذات الشهر تعرض المستشفي للغارات الجوية ونيران المدفعية بينما كان المرضي يتلقون العلاج وقد تعرض المستشفي لدمار هائل…

وقد أفاد أحد الأطباء بمستشفى إبن سيناء المخصص لغسيل الكلي بالخرطوم أن المستشفي تعرض في 19 أبريل 2023م لغارات بثلاثة قنابل ورابعة إستهدفت سكن الممرضات دون إنذار مسبق أو تحذير .. وقد صرحت منظمة الصحة العالمية إزاء هذا الأمر بأنه إنتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

وفي أوائل أغسطس قامت قوات الجيش بقصف مستشفي الأطباء بالعاصمة الخرطوم مما أدي الي دمار كامل للمبني..

يضاف إليها مستوصف مناعة ومستوصف شفاء كير بمدينة نيالا، وقد ذكرت تقارير صحفية أن 18 مستشفي ومنشآة صحية دمرها الجيش السوداني خلال هذه الحرب ، والاكثر وحشية هو ماقام به الجيش بضرب منظمة الصليب الأحمر في منطقة الشجرة ومنعهم من إجلاء المواطنيين الذين يستخدمهم الجيش كدروع بشرية.

(5)

واكبر هذه الانتهاكات هو ما يهدد المواطنيين في المستقبل هو سعي استخبارات الجيش لجر السودان إلي حرب أهلية بدأت نزرها بقانون الوجوه الغريبة الذي صرح به والي نهر النيل بمدينة عطبرة باعتقال وسجن وقتل الرجال والنساء والأطفال الذين يشتبه بانهم من مناطق غرب السودان ومناطق سيطرة قوات الدعم السريع.والمشهد الاكثر بشاعة هو ماقامت به استخبارات الجيش السوداني بتصفية مايقارب ال150 مواطن علي أساس العرق والانتماء الجغرافي وجدوا مقتولين بعد دخول الدعم السريع ولاية الجزيرة وبالتحديد مدينة ود مدني وهنالك حالات صلب وقطع للرؤوس والتمثيل بالجثث وقتل المواطنيين في مناطق سيطرة الجيش علي أساس قبلي واثني وجهوي إضافة إلي استخدام القوانين لمعاقبة الافراد علي أساس الاشتباه بعقوبة السجن والاعدام.

(6)

خاتمة:

خلف القتال الجاري في السودان أكثر من 13 ألف قتيل و26 ألف مصاب كما تسبب في نزوح أكثر من 8 مليون شخص مابين نازح داخل البلاد ولاجئ خارج حدود الوطن.

وكما تفيد التقارير الواردة عن منظمات الأمم المتحدة إلي وقوع مجاعة وشيكة.

وقد وجدت هذه الإنتهاكات إدانات وأسعة محليا وعالميا فقد أدانتها هيئة محامو دارفور ونساء ضد الظلم ومحامو الطوارئي ومنبر دارفور للعدالة (مبادرة دارفور للعدالة والسلام) كما أدانتها وزارة الخارجية الأمريكية ودول الترويكا ومنظمة الإيقاد وإستنكرها خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان (رضوان نويسر) كما أدانها مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ( فولكر تورك) .

ونحن في *منبر دارفور للعدالة* نطالب المجتمع الدولى بالتحرك العاجل ووضع حد لهذه الإنتهاكات وتفعيل قرار حظر الطيران فى دارفور 1956 وتعميمه على كافة مدن السودان كما ندعوا المنظمات الدولية ومجلس حقوق الإنسان متابعة تطورات الوضع فى السودان وتسجيل ما يرتكبه الجيش والجماعات الإرهابية فى السودان من إنتهاكات بحق المدنيين بجانب القتل وإعتقال المواطنين على أساس عنصرى وقبلى وجهوي.

إن ما تقوم به الجماعات الإرهابية من تدمير الأماكن المقدسة للسودانيين ومن بينها حرق الكنيسة الإنجيلية فى أم درمان وتدمير ضريح الشيخ قريب الله وقبلها مسجد نيالا العتيق يصنف كجريمة حرب تستجوب المحاسبة القانونية.

كما نؤكد الحاجة الماسة لإنهاء القتال وكسر دائرة الإفلات من العقاب.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *