البشر العريفي يكتب: جرائم الحرب ترتد على أصحابها.!!
جرائم الحرب ترتد على أصحابها.!!
- البشير العريفي..
لحركة الإسلامية كتنظيم اعتمدت على العمل الأمني وتأسيس الملايش بغرض الدفاع عنها في فترة تواجدها في السلطة. ولذلك فإن كل قيادات التنظيم كانت تفكر في امتلاك مجموعة منظمة تحمل السلاح، وتعرف كيفية استخدامه، وذلك سواء كانت مليشيا داخل الجيش نفسه أو خارجه. لذلك نرى أن منظوماتهم الأمنية الحالية مثل “البراء ابن مالك” هي الأكثر ظهورًا، ويوضع لأفرادها الاعتبار، ولها ميزانية خاصة بها.
إن عقلية السلطة المركزية بدلا من التركيز على إنتاج مؤسسات مدنية تعبر عن الشعب، وتمكن الدولة كهرم إداري من القيام بمسؤولياتها تجاه المواطنين، نجدها تتوجه دوما نحو إنشاء مؤسسات أمنية ومجموعات إرهابية منظمة تقوم بترهيب الشعب وإجباره على تقبل الممارسات السلوكية الخاطئة لتنظيم الإخوان المسلمين.
ولا نستبعد أن ما كان يحدث مع الشباب الثوار الذين خرجوا منددين بسياسيات النظام البائد، والعنف المنظم الذي تلقوه لمجرد مطالبتهم بإسقاطه، حتى وصل مداه الأقصى في حادثة “تصفية” الأستاذ أحمد الخير كأبشع جريمة في تاريخ النظم الحاكمة، وفض الاعتصام، واغتيال ما يراوح ٥٠٠ شاب وشابة في ليلة واحدة.. كل ذلك كان نتيجة لانتصار العقل الأمني على العقل المهني، ونتيجة للتركيز على ترسيخ المؤسسات الأمنية القابضة على حساب المؤسسات المدنية التي تخدم المواطنين.
لذلك ما حدث أمس نتيجة طبيعية لتفكير النظام الإسلامي في كيفية تأمين وجوده في السلطة، واهتمامه بالجانب الأمني، ومحاولة ترسيخه للعنف كشرط للحفاظ على السلطة. إن ما حدث بالأمس يعيد للذاكرة كل لحظات الغدر والخيانة التي حدثت منذ انقلاب يونيو 1989م، مرورًا بليلة الغدر ضد الثوار المعتصمين أمام القيادة العامة، وليس انتهاء بالهجوم الغادر على قوات الدعم السريع في صبيحة الخامس عشر من أبريل 2023م.
ليلة البارحة أعادت لي كل هذه الأحداث، وفي لحظة تذكرت صورة “عباس” وهو يتكئ على السياج ملطخا بالدماء في ساحة فض الاعتصام. تذكرت ابتسامة أستاذ “أحمد الخير” ضد المجموعات الأمنية وهي تمارس ضده أبشع حادثة باسم الدين، ولا زال يبتسم لأنه يعرف الفرق بين الدين كمعاملة حسنة وبين خبث الجماعات الإسلامية وممارستهم للدين كخلفية لتبرير جرائمهم بحق الشعب.
أيضا، تذكرت كل الشهداء الأبرياء الذين اغتالوهم أو جرت تصفيتهم على أساس العرق والجهة، والتمثيل بأجساد المدنيين بأبشع الصور.
لذلك فإن الذي حدث ليلة البارحة هو حدث لا يقارن بأفعال التنظيم الإسلامي والجرائم التي ارتكبها تاريخيا في حق الشعب والوطن، وذلك باسم شعارات دينية زائفة وجوفاء. ولكني أؤمن أن ما حدث يمثل عقاب لهذه الجماعات الإرهابية على كل ما ارتكبوه في حق الشعب السوداني. وهذا مؤشر علي قرب نهايتهم، خصوصا إن وضحت الأحداث لاحقا، أن المسيرة خرجت من جماعتهم وحلفائهم. إن ما حدث يعد مقدمة لما يمكن تسميته ب “انتهاء الحرب فيما بينهم”، كما كان يقول الأستاذ محمود محمد طه قديما: “من الأفضل للشعب السوداني أن يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الديني. وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية. إذ أنها بلا شك ستبين لأبناء هذا الشعب مدى زيف شعارات هذه الجماعة. وسوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسياً واقتصادياً حتى ولو بالوسائل العسكرية. وسوف يذيقون الشعب الأمرين. وسوف يدخلون البلاد في فتنة تحيل نهارها إلى ليل. وسوف تنتهي فيما بينهم. وسوف يقتلعون من أرض السودان اقتلاعاً”.