الهجوم على كتائب البراء بعطبرة .. من الفاعل.؟

52

 

الهجوم على كتائب البراء بعطبرة .. من الفاعل.؟

  • الطيب علي حسن 

بالأمس وفي مدينة عطبرة التي لم تدر فيها معارك عسكرية ولم تطلها الحرب؛ حدث هجوم مجهول المصدر بواسطة مسيرة؛ إستهدف إفطارا جماعيا لكتائب البراء ابن مالك -إحدى الفصائل المسلحة التابعة للحركة الإسلامية السودانية- والتي تقاتل الآن في صفف الجيش ضد قوات الدعم السريع. وقد أدى الهجوم إلى مقتل عدد من الحاضرين بينهم ضابط وأصابة آخرين من منسوبي الكتائب المجتمعين بإحدى القاعات بمدينة بعطبرة. وهذا الهجوم مجهول المصدر يأتي في ظل وجود ومعطيات ذات صلة بالتطورات الأخيرة المتعلقة بسير الحرب. ولعل أهم هذه لتطورات البارزة المتعلقة بسير الحرب، أن الإسلاميين عادوا بقوة يوميا تتزايد سلطتهم داخل الجيش، بحيث أصبحوا هم من يديرون العمليات والترسانة الإعلامية للجيش، وعمليات التسليح والاستنفار ضمن ما يعرف المقاومة الشعبية، وعودة وتزايد نفوذ الحركة الإسلامية داخل الجيش، يقلق بعض قياداته، وقد بدا ذلك واضحا في التصريحات الفريق أول شمس الكباشي والفريق أول يسار العطا

إستنادا إلى هذه المعطيات وغيرها، فإنه يمكن القول: إن أهم رسالة يمكن أن تفهم من هجوم المسيرة على إفطار كتائب البراء بعطبرة اليوم؛ هي إن كتائب البراء وقيادتها أصبحت مستهدفة لعمليات عسكرية نوعية وناجحة. ويظهر ذلك في الخسائر الكثيرة في الأرواح وعدد الجرحى جراء هذه العملية الأخيرة. وهذا تغير نوعي مهم في مسار الحرب وموازين القوة؛ خاصة أن الهجوم تم داخل ولاية تعد آمنة ومؤمنة وتحت سيطرة الجيش وكتائب الإسلاميون. وهذا ما يدفعنا إلى أن نستنتج الآتي؛ إذا ما كان منفذ الهجوم قد امتلك القدرة على أن يستهدفهم بنجاح ونجاعة -في معاقلهم الآمنة- فإنه بالطبع يستطيع أن يستهدفهم بفعالية أكثر في مناطق العمليات، وهذا ما حدث بالفعل في الأسابيع المنصرمة. ولعل إدخال الدعم السريع لمسيرات انتحاريه في معارك الخرطوم وأم درمان في الشهر المنصرم -حيث كانت الكتائب تقاتل هناك مؤخرا- والذي أعطاها فعالية عسكرية، ساهمت في أيقاف الجيش من التقدم في أم درمان ولعل ذلك ما يفسر تواجد عدد كثير من منتسبي كتائب البراء بعطبرة وتركهم لأرض الميدان.

إن إدخال الدعم السريع لمسيرات في الأشهر الماضية، لا يمكن أن يكون دليلا قاطعا على مسؤوليتهم عن استهداف افطار كتائب البراء ابن مالك؛ ولكنه مع ذلك يصلح كقرينة إذا ما دعمت بأدلة وشواهد واقعية. لكن إلى لا توجد أدلة واضحة أي تصريحات أو تهامات من قبل كتائب البراء لقوات الدعم السريع أو تبني الدعم السريع للعملية. وفي إطار ذلك تظهر بعض الإتهمامات -بشكل غير رسمي- للجيش من قبل بعض منسوبي كتائب البرآء، فرغم أن الكتائب والجيش يقاتلان في خندق واحد إلا أنه من الواضح، إن هنالك خلافات ولا نقول انقسامات، بين قيادته، وهذه الخلافات هي في الأساس بين بعض قادة الجيش الذين يتخوفون من تزايد نفوذ كتائب الإسلاميين داخل الجيش، من جهة. وقيادة الحركة الإسلامية وضبطاهم المقربون الذين تحت إمرتهم من جهة أخرى.

إن هذا الخلاف يظهر بوضوح عندما نراجع معطيات وشواهد تتعلق بمواقف الجيش نفسه والفاعلين المنضوين تحت ستاره. وهي معطيات إن لم تشر إلى وجود إنقسام في مركز القرار داخل الجيش؛ فإنها تنذر بذلك. ولعل أهم هذه المعطيات؛ احراج وزارة الخارجية-التي يسيطر عليها الحركة الإسلاميين- لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان ولنائبه شمس الدين الكباشي؛ عدة مرات، بنفي مخرجات اجتماعات وافقا عليها أمام ممثلي دول أجانب، وكذلك تناقض تصريحات قيادته. ولعل أهم معطى هنا -وهو حديث- هو تناقض تصريحات كل من مساعد القائد العام للجيش الفريق أول ياسر العطا والنائب الأول لقائد الجيش الفريق أول شمس الدين الكباشي. فقد كانت تصريحات كباشي الأخيرة التي فحوها أن المقاومة الشعبية هي الخطر القادم وذلك في حال لم تضبط، ولم تقنن، وأنهم يعملون على إنجاز لوائح لضبطها، كما أنه شدد على ضرورة جمع السلاح الموجود خارج معسكرات الجيش، وأمر بمنع رفع أي راية أو شعار لأي جماعات مساندة للجيش في المعارك غير شعار القوات المسلحة. ولا يحتاج المرء لذكاء هنا ليفهم أنه يقصد رايات الكتائب الإسلامية المشاركة مع الجيش.

أيضا وفي تصريحات أقرب للرد على تصريحات كباشي، طالب الفريق أول ياسر العطاء كل الفاعلين بالبلاد “عليكم بالمقاومة الشعبية وصرح ياسر أنه “لا يريد أن يسمع أي كلام سلبي من هنا وهناك عن المقاومة الشعبية. وإنها كلمات تزروها الرياح” وأكد على ضرورة المقاومة الشعبية في الأحياء وعلى بضرورة أن تكون معسكرة جزئيا. وطالب كذلك بذهاب كل من يعرق عمل الدولة. وهنا لابد أن نقرر أن هذا الخلاف بين الكباشي على مستوى التصريحات؛ يشير إلى وجود خلافة بين تيار من قادة الحيش يرون ضرورة تحكم الجيش في المقاومة الشعبية وضبطها، وبين تيار الإسلاميين الذي يمتله العطاء والذين يرى ضرورة تسليح المواطنين ليقاتلوا مع الجيش بلا ضوابط. وهو خلاف بين رؤيتين مختلفتين؛ رؤية الجيش الذي يرى ضرورة حصر السلاح داخل معسكرات الجيش-وهذا م صرح به الكباشي’ ورؤية العطاء – الذي أصبح واجهة للإسلاميين في الآونة السابقة،- والإسلاميون الذين يرون عدم ضرورة سيطرة الجيش على السلاح وتوزيعه على المواطنين لأن ذلك في صالحهم ويزيد من عددهم ويقويهم. وهنا، وبالعودة إلى استهداف كتائب البراء بمسيرة وفي عطرة، فإن هذا الإختلاف بين الرؤيتين داخل الجيش، يمكن أن يصبح قرينة لوجود احتمال أنه الاستهداف تم من قبل المجموعة التي لا يعجبها تزايد نفوذ واستقلالية كتائب البراء وعدم انصياعهم لسياسات الجيش. ولكن مع ذلك تبقى كل هذه المعطيات والقرائن ادلة غير كافية لمعرفة حقيقة الفاعل ولكنها قراءة تحليلية تحاول ربط الحدث بواقع الحرب لفهم أعمق للتناقضات داخل الجيش ومسار سير الحرب.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *