عبدالرحمن الحوار: اكبر سؤال واجه السودانيين منذ ١٩٥٦ وما زال يواجههم حتي اليوم هو سؤال “الشرعية”.

98

اكبر سؤال واجه السودانيين منذ ١٩٥٦ وما زال يواجههم حتي اليوم هو سؤال “الشرعية”. 

  • عبدالرحمن الحوار

اعتقد ان اكبر سؤال واجه السودانيين منذ ١٩٥٦ وما زال يواجههم حتي اليوم هو سؤال ( الشرعية ) … فهل حظي اي نظام حكم منذ ١٩٥٦ وحتي الان بأية مشروعية او شرعية ؟؟ .. الفرضية الأساسية هنا هي : ان اي من مايسمي بالحكومات الوطنية السودانية لم تكن تتوفر فيها شروط ( حكومة شرعية ) كاملة المشروعية .

فدولة ٥٦ كانت مجرد ( وكالة ) ولم تكن دولة ذات سيادة في اي يوم من الايام .. لا أحد في السودان امتلك او يمتلك اية مشروعية لان المشروعية تنبع اصلا من الشعب…فالسودان مازال عبارة عن شعب/ شعوب تبحث عن دولة …وعندما تجد تلك الدولة فانها ستجلس وتصنع عقدا اجتماعيا وبموجب ذلك العقد فانها ستمنح من يمثلها الشرعية ..وهذا مالم يحدث مطلقا الا ( بشكل كاريكاتوري مبتذل تمثل في جمعية تاسيسية كونت علي عجل ) في الرقعة المحدودة التي استثمر فيها الاستعمار المعروفة ب ( مثلث حمدي ) …الالية التي تم اتباعها هي الانتخابات علي نهج ( ويست منستر ) … هي مجرد آلية اختارها المتنافسون ولم يخترها الشعب …كانت مجرد لعبة …مجرد ( كرتلة) فرضت علي الشعوب السودانية التي لم تعرف غالبيتها وقتها حتي مفهوم الدولة ..تلك (الجمعية التأسيسية ) لم تطرح أسئلة التاسيس ( اسئلة العقد الاجتماعي ) وبالتالي لم تجب علي اي شيء غير استلام ( السودان كغنيمة) … فهل كان البقارة والابالة والغنامة في الخلاء و الجنوبيين في أعماق السافنا والبجا في شعاب جبال البحر الاحمر و الغرابة في ( الحلال النائية ) كانوا يدركون حقيقة معني صناديق الاقتراع واستحقاقاتها في منتصف الخمسينات ؟؟!!.

دولة ٥٦ لم تكونها كتلة تاريخية شعبية سودانية ولم يطالب حزب من الاحزاب ( صنيعة الاستعمار ) بخروج المستعمر ولم تكن ( قوة دفاع السودان ) جيش تحرير … لقد خرج المستعمر ( لاسباب دولية ) بأريحية وباحتفالية تصاحبه الكثير من دموع الفراق ( ياحليلهم !! ) … خرج وترك طبقة (مدنية _ عسكرية ) لا ترتقي لمستوي ( طبقة وطنية ) وانما كانت تناسبها درجة ( وكيل استعمار ) …. كل الحكومات المتعاقبة لم يكن ينطبق عليها المعني العميق لكلمة ( شرعية ) … والان لا أحد يملك اية شرعية كاملة ….ولكن من الممكن اذا انتصر الدعم السريع وحلفاؤه انتصارا ساحقا علي دويلة ٥٦ ، فقد تتهيأ الأرضية – لأول مرة في التاريخ – لخلق وضع او بيئة تسمح – لأول مرة أيضا- للشعب السوداني في أن يجلس لينتج ( عقدا اجتماعيا ) لتأسيس دولة وطنية تجيب علي اسئلة التاسيس بحيث من الممكن ان تشكل تلك الاجوبة ( ثوابت وطنية ) . .. لقد ذكرنا مرارا أن مهمة الدعم السريع المعلنة ليس حكم دولة جديدة تماما وانما مهمته الأساسية هي ( تحطيم دولة ٥٦ ) وتصفير العداد بحيث يستطيع الشعب / الشعوب السودانية أن تبني ( الدولة الوطنية الثانية ) بعد الدولة الوطنية الاولي الا وهي دولة المهدية التي كونتها كتلة تاريخية سودانية معلومة بجيش وطني معلوم …ولكن للأسف تلك التجربة تم وادها بواسطة الغزو الثنائي الانجليزي – المصري واغلب الظن أن الكتلة التاريخية التي تتبلور الان ستنجح في تثبيت أركان دولة وطنية جديدة . ولايبدو في الافق – هذه المرة- من لديه الرغبة او الإمكانية في الوقوف ضد تكون تلك الدولة … مصر لا تستطيع ان توقف احلام الشعب / الشعوب السودانية مهما حاولت والغرب المتطور ليست لديه الرغبة في واد تلك الأحلام وقتلها

… بل قد يرغب في تحقيقها …فالدول ( الصناعية الكبري ) بعكس المافيات ترغب فعلا في التعامل مع حكومات ديمقراطية حقيقية يحميها جيش مهني وطني حقيقي ذو مصداقية … فبعد المهدية لم يحظ السودان باي جيش وطني حتي هذه اللحظة … فإذا استوعب حميدتي ورهطه عظم اللحظة التاريخية فقد يصبحون هم القوام الرئيسي للجيش الوطني القادم… الحامي للعقد الاجتماعي المأمول وسيمنحهم الشعب( شرعية أن يكونوا هم القوام الرئيسي للجيش الوطني الجديد تقديرا لتضحياتهم كونهم ارتقوا لمقام جيش تحرير وهو مقام لا يناله الا الو العزم من الجيوش ) …لانه لابد من شرعية … فالدعم السريع يدرك جيدا أن الشعب هو من يمنح الشرعية… فهل ذلك محتمل التحقيق ام انه مجرد حلم ستذروه الرباح.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *