حميدتي والبرهان .. خطاب رجل الدولة وخطاب “اللايفاتي” .!!

112
الأستاذ علي أحمد..

حميدتي والبرهان .. خطاب رجل الدولة وخطاب “اللايفاتي” .!!

  • علي أحمد ..

إن أي شخص مُنصف لا ينطلق من ذاتٍ مُنحازة أو يصدر عن موقفٍ أيدولوجي أو جهوي، سيتوقف كثيراً عند الفرق الشاسع بين خطاب حميدتي بمناسبة مرور عامٍ كامل على شن الحرب على قواته وعلى شخصه وعلى التحول المدني الديمقراطي من قبل فلول النظام السابق داخل الأجهزة العسكرية والأمنية، وبين خطاب قائد هذه المليشيا عبد الفتاح البرهان الشهير بخطاب اللاءات العدميّة الثلاثة المُتسم بعدم المسؤولية والمليئ بالأخطاء والخطايا، حتى أنّه أخطأ في تاريح انقلابه على التحول الديمقراطي!

في الواقع لا أريد أن استفيض في تحليل خطاب (البرهان)، فهو لا يستحق حتى الوقوف عنده لأنه بلا محتوى وبلا مضمون، خطاب أشبه بتهريح صبية الاستخبارات المعروفين باللايفاتية، وإنما خلاصة قولي إنه خطاب يشبه (البرهان).

بالعودة إلى خطاب قائد قوات الدعم السريع، نجده شاملاً كاملاً وتفصيلاً، تناول فيه الحرب شرح أسبابها وقال إنه لم يبدأها وإنما تم الاعتداء عليه وهذا أمر يعرفه جميع السودانيين والعالم الخارجي، وانتقد الرجل قواته نفسها واعترف إنها ارتكبت إنتهاكات وإن ذلك عادة ما يكون السائد في الحروب وقال إنهم يبذلون قصارى جهدهم لمعالجة الخلل، وهذه محمدة ظل يرددها في جميع خطاباته، بل دعا الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي لتكوين لجنة تحقيق دولية لمعرفة من الذي أشعل الحرب وللوقوف على الإنتهاكات التي حدثت من الطرفين وأنه على استعداد للتعاون معها، وهذا خطاب رجل دولة مسؤول وليس مهرجاً مثل (برهان سناء).

أكثر من ذلك، طالب قائد الدعم السريع وظل هذا ديدنه حتى قبل اشتعال الحرب وبعد تغيُّر موقفه واعتذاره عن انقلاب 25 أكتوبر 2021، الذي جلب عليه غضب الفلول والكيزان وبرهانهم، طالب بعدالة إنتقالية وتكوين حكومة مدنية انتقالية مؤكد ضمنياً أنّ قواته ستخضع لها إذا ما أثبتت عليها أي انتهاكات وجرائم. وهذا أيضاً خطاب وموقف رجل دولة مسؤول وليس مهرجاً كبرهان سناء ولاءاته العدمية الثلاثة.

وأبدى حميدتي رغبة واستتعداداً كاملين وظل هذا ديدنه منذ إنطلاق الحرب، لوقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة للعمل الإنساني وللمدنيين مع احتفاظه بحقه في الدفاع عن نفسه ومواقعه، وقال أنه سيقبل أي مبادرة داخلية أو خارجية تسعى لوقف الحرب وسيظل يبحث عن السلام رغم تقدم قواته وانتصاراتها المتتالية في الحرب الراهنة، كما أشار إلى دعمه الكامل لمفاوضات جدة واتفاق المنامة.

بالنسبة للموقف العملياتي الميداني، أشار إلى ان الجيش استغل وقف قواته لإطلاق النار بمناسبة شهر رمضان (من طرف واحد) فهاجمتها في أم درمان والجزيرة وسنار، بدعم من الحركات المسلحة، لكن قواته تمكنت الآن من استعادة المبادرة بعد أن أوقفت تقدم المليشيات الفلولية، وأنها ما تزال تسيطر على معظم العاصمة الخرطوم، وعلى دافور والجزيرة وأجزاء من كردفان وسنار، ومع ذلك فهو مستعد لإيقاف الحرب والإنخراط في مباحثات سلام جادة حتى تضع الحرب أوزارها تماماً. وهذا خطاب رجل دولة مسؤول وليس مهرج مثل صبي سناء وكرتي.

المقارنة بين خطابي حميدتي والبرهان ستجعل الأخير يخسر كثيراً، كما خسر كثيراً في الحرب وفي العلاقات الدبلوماسية الخارجية، فالرجل لم يترك شاردة ولا واردة في خطابه إلاّ أحصاها، إنه أقرب إلى التصور من كونه خطاباً كُتب لمُناسبة مُحددة، حيث انتقد خلاله موقف الحركات المسلحة التي خرجت عن الحياد وأصبحت تقاتل بجانب الجيش، ووصفها بأنها خانت شعاراتها وخانت إقليم دارفور وهذا توصيف دقيق وحقيقي.

كما أكّد الرجل التزامه الكامل بدمج قواته في الجيش بعد هيكلته وعودته إلى الثكنات وابتعاده نهائياً عن السياسة وخضوعه الكامل للسلطة المدنية، وهذا ليس خطاب رجل دولة مسؤول فحسب بل خطاب متقدّم فكرياً ورؤيوياً حتى عن الخطابات الصادرة عن الكثير من الأحزاب السياسية.

أيضاً من المهم أن نتطرق إلى قوله بأن قيادة الجيش الحالية تتبع للحركة الإسلامية (الكيزان) وأنها لهذا السبب شنت عليه الحرب، مُشيراً إلى أن مشروعه هو فيدرالية الدولة والتمثيل العادل للمواطنين في الجيش والحكم حسب الثقل السكاني لكل إقليم، وختم بتوجيه قواته بحماية المواطنين وممتلكاتهم وأن تكون مستعدة لوقف القتال فوراً متى ما طُلب منها ذلك.

إنه خطاب تجاوز الجميع، أما خطاب اللاءات العدمية الثلاثة فيكشف عن بلاهة وغباء وصبيانية (البرهان) ومستشاريه، الذين دمروا ا البلاد إبان حكمهم الذي امتد ثلاثة عقود وقضوا عليها تماماً بإشعالهم حرب 15 أبريل.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *