دكتور الساير يكتب: الحياد لعبة الأوغاد .!

113

الحياد في الصراع بين الحق والباطل والعدل والظلم والضعفاء المظلومين والطغاة الظالمين هو حياد الاوغاد الجبناء مهما حاولوا تبريره بدعوى الحكمة والبكاء

فالحياد في السياسة هو الوقوف في المنتصف بين أطراف المعركة أو بمعنى آخر بين الحق والباطل وبين الجلاد والضحية، وهو مرفوض في السياسة والاجتماع وكافة مناحي الحياة، فالله لم يأمر بالحياد بل بالقسط والعدل، وأن يكون الناس شهداء بالحق ولو على أنفسهم أو أهليهم، وأن يقولوا الحق ولو عاد عليهم بالضرر، بل كانت جملة النصوص التي شكلت الحضارة الإسلامية تدعو للتضحية والكفاح من أجل تخليص المستضعفين من النساء والرجال على غير القشرة الحضارية الغربية التي تهيمن على عصرنا والتي تعتبر الحياد أسمى قيمها وأرفع سماتها.

الحياد يجعلنا نقف بالمنتصف بين الظالم والمظلوم وبين المجرم والضحية، وفي ذلك جناية واضحة واشتراك في الجريمة لا يغتفر كالذي يرى نفسه محايدا حين يقصف الابرياء الامنين في بواديهم و مناطقهم ليلًا وهم نيام بالبراميل المتفجرة والمحرمة دوليًا ، فأي حياد هذا بين قاتل وشعب مظلوم، واي حياد وهناك مواطنون يعتقلون ويعذبون على اساس جهوي مناطقي وقبلي ، عن اي حياد تتحدثون وهناك مواطنين يتم اعتقالهم من المركبات العامة على اساس قبلي ويموتون داخل مقرات الجيش عن اي حياد تتحدثون وهناك سكان اقاليم و ولايات يمنعون وصول المساعدات الانسانية لهم عقابًا لهم في شيء لا ذنب لهم فيه سوى تحرير مناطقهم من الفلول واذنابهم ، عن اي حياد تتحدثون والوطن ينزف بسبب فئة افتعلت الحرب في سبيل عودتها الى الحكم ورفضها لبلوغ الثورة الشعبية غاياتها ، عن اي حياد تتحدثون والحرب الان اشعلوها الفلول رفضًا للحكم الديمقراطي والمدني

إنه اختلال وهو الخذلان بعينه لكن بات له اسم منمق يواكب تغيرات العصر الذي بات يسمي الأشياء بغير مسمياتها الحقيقية، فالشذوذ أصبح مثلية، والفسوق أصبح حرية

وفي هذه المرحلة كان المحايد يدعو صاحب الحق إلى التنازل والتفريط بحقه لصالح مغتصبه

الحياد يورث في سياسات الكيانات وضمير الأفراد الخمول والسلبية

ثقافة الحياد من سوء النتاجات الفكرية والسياسية لعصرنا وهي سبب من أسباب استمرار مآسي عشرات الملايين من البشر المستضعفين، وتكون في بعض الأحيان أقسى من الظلم على نفوس الناس حين تأتي من ابناء وطني ، كما حدث في دارفور عندما قتل اكثر من 300 الف مواطن بطيران الجيش السوداني وهجر اكثر من 3 ملايين شخص ولم يتحدث احد عن معاناتهم ولم يطالب احد بوقف اطلاق الصواريخ عليهم و لذلك الحياد هي يشبه كثيرا شهادة الزور في محكمة، فهل من العدل أن يتساوى موقفك تجاه طرفي الحرب في السودان الان وأحدهما جانٍ والآخر مجني عليه؟مجني عليه لانهم حوصر وهوجم في مقراته يوم ١٥ إبريل

كيف يكون الحياد بين طرف ينادي بعودة السلطة للشعب والشعب هو من يقرر ويختار من يحكمه و كيف يحكم ، كيف يكون الحياد بين طرف ينادي بالمدنية والديمقراطية ومن يحارب لعودة الديكتاتورية ، كيف تحايد بين من ينادي بالعدل والمساواة بين الشعب السوداني ومن يميز بين الشعب السوداني على اساس مناطقي وقبلي!!!!

و ما الحياة إلا مسرح كبير سنته التدافع بين الناس، ومن هنا يتكون فهم أعمق لقول الله تعالى “ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض”، فالحياد وعدم الأخذ على يد الظالمين وتركهم يستمرون في غيهم وبغيهم سيزيد خراب الأرض وفسادها ولذلك اخاطب الشرفاء بالخروج من المنطقة الرمادية الى قول الحق دون خوف ولا مجاملة

إن أقواما عبر التاريخ وصالحين هلكوا، وكان ذنبهم الحياد، ومنهم القصة المشهورة للرجل الصالح العابد الذي أخذ موقف الحياد من المنكرات التي شاعت في قريته ولم ينكرها فأمر الله أحد ملائكته بأن يبدأ به، وكان ذنبه أنه لم يتمعر وجهه أو ينهى عن المنكر، وإن الله قد لعن أقواما لأنهم “كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه”، وبذلك يكون الحياد ذنبا يستحق العقوبة لا خصلة يحتفى بها بل هو من علامات النفاق للذين يكونون “لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء” فإياك أن تكون محايدا.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *