خطاب الكراهية في الإذاعة السودانية .. هدف وتوقيت استهداف الشرق .!!

148

خطاب الكراهية في الإذاعة السودانية .. هدف وتوقيت استهداف الشرق .!!

الإذاعة القومية لجمهورية السودان التي يجب أن تكون منبرا للتعايش والسلم والسلام المجتمعي، لم يستغرب الكثير في ظل الراهن السوداني أن تصبح بوقا لبث خطاب الكراهية وسمومها طالما سيطرت عليها حكومة الأمر الواقع وحولتها إلى منصة عسكرية لا تمت للقومية بأي صلة…

المجتمع السوداني والرأي العام صدم في الإذاعة السودانية وهي تصدر إلى الشعب السوداني نتانة الفتنة وبغضاء العنصرية عبر حديث منسوب للواء أمن معاش بدر الدين عبد الحكم مدير جهاز الأمن السابق بولاية كسلا، كان أشبه بمن يصب الزيت على النار المشتعلة، يصف فيه مكون “البني عامر” بشرق السودان ب “اللاجئين” بل يطالب اللواء بسحب الجنسية عنهم وعدم تجنيدهم في صفوف القوات المسلحة. بيد أن المدهش أنه حتى اللحظة لم تصدر الإذاعة بيانا تتبرأ فيه من حديث الأمني السابق أو تستنكر الموقف…

 

الخرطوم: بلو نيوز الإخبارية-

 

استنكار عام:

الحديث المنسوب للواء أمن معاش بدر الدين عبد الحكم مدير جهاز الأمن السابق بولاية كسلا الذي بثته الإذاعة القومية قابله الرأي العام بإدانات واسعة واستنكار كبير لخطورة ذلك الخطاب على النسيج المجتمعي بشرق السودان، واستنكر بيانا صادرا عن تجمع محام شرق السودان ما نقلته الإذاعة السودانية على لسان اللواء بجهاز الأمن وقال البيان “نستنكر هذا الحديث العنصري وغير المسؤول وندينه ونتأسف أن تسخر الإذاعة القومية لتصبح مكانا يبث ويذاع منها خطاب الكراهية والعنصرية تجاه المكونات السودانية في هذا التوقيت الذي تحتاج فيه بلادنا للوحدة والتماسك بين كل المكونات السودانية”

واعتبر المحامون ما حدث يعتبر جريمة وفق القانون الجنائي السوداني لسنة ١٩٩١ م وكذلك قانون جرائم المعلوماتية وأكدوا استعدادهم لملاحقة اللواء بدر الدين عبد الحكم قانونيا أمام النيابات والمحاكم السودانية.

إلى جانب ذلك نددت نقابة الصحفيين السودانيين بقوة ما اعتبرته مسيئا في حق مكون أساسي من مكونات شرق السودان الأمر الذي يعد نموذجا صارخا لخطاب الكراهية الذي ظلت نقابة الصحفيين تدق جرس الإنذار لسوئه وتبذل الجهد لمحاربته منذ وقت طويل، وقالت النقابة عبر بيان صادر عنها إنها تدين بث المقابلة المذكورة وتعدها سقطة جديدة في مستنقع خطابات الكراهية التي ارتفعت معدلاتها بصورة مكثفة منذ بدء الحرب في إبريل الماضي، وطالبت النقابة، الإذاعة السودانية بالاعتذار عن الإشارات المسيئة التي ما كان يجب أن تصدر عن أثيرها الذي يحمل صفة القومية…

قيادات تقدم:

من جانبه أرسل عضو المجلس السيادي السابق والقيادي بتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية محمد الفكي سليمان رسائل لأهل شرق السودان بألا يكونوا وقودا لهذه الفتنة المرسومة بدقة من أجل جر الإقليم للحرب بعد أن عصمه الله وجعله قبلة لكل أبناء السودان. وقال الفكي في صفحته، إن التجهيز لإحداث اضطرابات في شرق البلاد بدأ بحديث المدير السابق لجهاز الأمن الذي عمل بولاية كسلا، وأضاف “هو مدرك تماما لخطورة هذا الحديث وما يترتب عليه، لذلك يعد ما قاله محسوبا بدقة” وقال إن استخدام أجهزة الإذاعة والتلفزيون التي يشرف عليها بصورة مباشرة ضباط من جهاز الأمن وفلول النظام المباد لم تستطع القيادة العسكرية والإعلامية انتزاعهم من مقاعدهم حتى بعد تحويلهم لهذه الأجهزة الحساسة لحلبة سيرك، تستضيف شخصيات وهمية وحقيقية لتطلق مثل هذه الأحاديث التي تهدد الأمن القومي وتماسك البلاد بصورة مباشرة.

من جانبها طالبت المتحدثة السابقة بتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية ” تقدم ” رشا عوض أن تتصدى منظمات المجتمع المدني والأحزاب وجميع السودانيين الحريصين على الوحدة الوطنية تصديا صارما لهذه القضية وعدم تركها ل “البني عامر” وحدهم وكأنها قضية تخصهم ولا تعني بقية الوطن في شيء، وكتبت رشا في تصريحات منقولة “يجب أن تدين الأحزاب الكبيرة والتحالفات السياسية ومنظمات المجتمع المدني على مستوى السودان هذه الجريمة العنصرية بشكل واضح وتعتبرها من مهددات الوحدة الوطنية بشكل عام ومن مهددات النسيج الاجتماعي في شرق السودان بشكل خاص لا سيما في ظروف هذه الحرب اللعينة التي علينا جميعا أن نحاول حصرها في ميدان الصراع السياسي ولا نسمح بتحويلها لحرب بين الاثنيات”

إشعال الشرق:

الكثيرون يذهبون إلى أن تحريك مثل هذه الفتن وهذه الخطابات في هذا التوقيت جاء بخبث مقصود لإشعال إقليم شرق السودان ونسف استقراره الذي أصبح ملاذا لآلاف المواطنين الفارين من الولايات التي تشهد عمليات حربية، وقال المحلل السياسي المختص في ملف شرق السودان حسن كنبتاي ل ” راينو ” إن الخطاب المبثوث ليس عنصريا بقدر ما هو موجه من الإسلاميين لقيادة الجيش بالتلويح بإشعال الشرق في حال ذهب الجيش إلى أي اتجاه نحو الحلول السلمية لإنهاء الحرب الدائرة بالبلاد منذ منتصف إبريل من العام الماضي، ونبه كنتباس إلى ضرورة الوضع في عين الاعتبار “أن اللواء كان مدير الأمن في كسل سابقا وكان مهندس الصراعات القبلية بين النوبة والبنى عامرا”

فيما قال الصحفي والمحلل السياسي فايز السليك ل ” راينو ” إن التصريح جاء في وقت خطير حيث تحتقن النفوس بالكراهية التي أدت إلى الحرب وساعدت في اتساع رقعتها، واعتبر حديث اللواء بجهاز الأمن حديثا غير مسؤول، ويعبر عن عنصرية واضحة. مشيرا إلى أن مثل هذه الخطابات ليست جديدة حيث تعرضت مجموعات “التقري” لحملات عنصرية وخطاب كراهية من عناصر نظام الاسلاميين، مشيرا إلى أن “التقري” مجموعة ممتدة في السودان وفي اريتريا مثلهم مثل مجموعات البداويت “الهدندوة” والرشايدة، ومن الخطأ التشكيك في هويتهم كقبيلة لا كأفراد، فهم مثل الزغاوة والمساليت والرزيقات والنوبيين يتمددون هنا وهناك…

تكتيك واستراتيجي:

تحليلات أخرى ترى أن ما يحدث حاليا هو محاولة من فلول النظام البائد لفرض تسوية مع الأطراف المهتمة بشرق السودان وضمن خططها الاستراتيجية، وترى تلك الفرضية أن المقصود هنا الإمارات والسعودية وربما تركيا، إذ إن محاولة تفجير الأوضاع في الشرق من شأنه التأثير على ىمصالح تلك الدول، وبالتالي يمكن لهم عبر المحيط الإقليمي والدولي أن يتيحوا الوصول لتسوية مقبولة مع الإسلاميين تبقيهم ضمن المشهد ويراهن أنصار هذه الرؤية على أن تفجير الشرق ليس الهدف الحقيقي للإسلاميين لجهة أنهم موجودون مع قيادة الجيش وحكومة الأمر الواقع في شرق السودان بالتالي ليس من المنطقي إشعال الشرق بل هي محاولة تكتيكية ليس إلا.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *